<title>أسباب نزول آيات القرآن : سورة المنافقون
‏إظهار الرسائل ذات التسميات سورة المنافقون. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات سورة المنافقون. إظهار كافة الرسائل

السبت، 27 يونيو 2020

سورة المنافقون وفضلها


** سورة المنافقون هي
(*) السورة الثالثة والستون في ترتيب المصحف الشريف
(*) مدنية في قول الجميع
(*) عدد آياتها  11 آية 
(*) نزلت سورة  المنافقون بعد سورة الحج
(*) سُميت سورة " المنافقون  " لذكر اللفظ في الآية الأولى من السورة " إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ "
* وقيل " سورة المنافقين " 
(*) سبب نزولها ذكره ابن الجوزي في زاد المسير : 
ذكر أهل التفسير أنها نزلت في عبد الله بن أُبَيّ ونظرائه ، وكان السبب أن عبد الله خرج مع النبي صلى الله عليه وسلم في خلق كثير من المنافقين إلى المريسيع( وهو ماء لبني المصطلق) طَلَباً للغنيمة، لا للرغبة في الجهاد، لأن السفر قريب ، فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم غزوُه، أقبل رجل من جهينة، يقال له: سنان، وهو حليف لعبد الله بن أُبَيّ ، ورجل من بني غفار يقال له: جهجاه بن سعيد، وهو أجير لعُمر بن الخطاب لاستقاء الماء، فدار بينهما كلام، فرفع الغفاري يده فلطم الجهني، فأدماه، فنادى الجهني: يا آل الخزرج، فأقبلوا، ونادى الغفاري: يا آل قريش ، فأقبلوا، فأصلح الأمر قوم من المهاجرين ، فبلغ الخبر عبد الله ابن أُبَيّ ، فقال وعنده جماعة من المنافقين : والله ما مثلكم ومثل هؤلاء الرهط من قريش إلا مثل ما قال الأول : سمن كلبك يأكلك، ولكن هذا فعلكم بأنفسكم ، آويتموهم في منازلكم ، وأنفقتم عليهم أموالكم، فقووا وضعفتم ، وايم الله: لو أمسكتم أيديكم لتفرقت عن هذا جموعه، ولئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل، وكان في القوم زيد بن أرقم، وهو غلام يومئذ لا يؤبه له، فقال لعبد الله: أنت والله الذليل القليل، فقال: إنما كنت ألعب، فأقبل زيد بالخبر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: دعني أضرب عنقه . فقال:" إذن ترعد له آنف كبيرة"، قال: فإن كرهت أن يقتله رجل من المهاجرين، فمر سعد بن عبادة، أو محمد بن مسلمة، أو عباد بن بشر فليقتله، فقال:" إذن يتحدث الناس أن محمدا يقتل أصحابه "، فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عبد الله بن أُبَيّ ، فأتاه، فقال:" أنت صاحب هذا الكلام؟" ، فقال: والذي أنزل عليك ما قلت شيئا من هذا، وإن زيدا لكذاب، فقال من حضر: لا يصدق عليه كلام غلام، عسى أن يكون قد وهم، فعذره رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفشت الملامة من الأنصار لزيد، وكذّبوه، وقال له عمه: ما أردت إلا أن كذبك رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون، ومقتوك! فاستحيا زيد، وجلس في بيته . فبلغ عبد الله بن عبد الله بن أُبَيّ ما كان من أمر أبيه، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: بلغني أنك تريد قتل عبد الله بن أُبَيّ ، لما بلغك عنه ، فإن كنت فاعلا فمُرْنِي، فأنا أحمل إليك رأسه، فإني أخشى أن يقتله غيري، فلا تدعني نفسي حتى أقتل قاتله، فأدخل النار، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "بل تحسن صحبته ما بقي معنا" وأنزل الله سورة المنافقين في تصديق زيد، وتكذيب عبد الله، فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقرأها عليه، فقال: إن الله قد صدقك ، ولما أراد عبد الله بن أُبَيّ أن يدخل المدينة جاء ابنه، فقال: ما وراءك، قال: مالك ويلك؟ قال: والله لا تدخلها أبدا إلا بإذن رسول الله صلى الله عليه وسلم ليعلم اليوم من الأعز، ومن الأذل، فشكا عبد الله إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما صنع، فأرسل إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم أن خلِّ عنه حتى يدخل
** فضل سورة المنافقون
(*) عن عبدالله بن عباس رضي الله عنهما قال: أنَّ النبيّ صلَّى اللَّه عليه وسلَّم كانَ يَقْرَأُ في صلاة الفَجْر، يَوم الجُمُعة: " الم تَنْزِيلُ" السَّجْدَةِ، "وَهلْ أَتَى علَى الإنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ"، وَأنَّ النبيّ صلَّى اللَّه عليه وسلَّم كانَ يَقْرَأ في صلاة الجُمُعة سُورَة الجُمُعَة ، والْمُنَافِقِين... رواه مسلم
(*) عن أبي رافع قال : قُلْتُ لأبي هريرةَ: إنَّ عليَّ بنَ أبي طالبٍ رضوانُ اللهِ عليه إذ كان بالعراقِ يقرَأُ في صلاةِ الجمعةِ سورةَ الجمعةِ و"إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ"المنافقون ، فقال أبو هُريرةَ: كذلك كان رسول الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قرَأ ... صحيح ابن حبان
(*) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : كانَ رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلَّم يقرأُ في صلاةِ الجمعةِ فيحرِّضُ بِها المؤمنينَ وفي الثَّانيةِ سورةِ المنافِقينَ فيقرَع بِها المنافقينَ ... الدر المنثور للسيوطي
(*) نَزَلَتْ سورةُ المنافقين وفيها تصديقُ ما رَوَى زيْد بن أرْقَم : " يَقُولُونَ لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الأَعَزُّ مِنْهَا الأَذَلَّ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لا يَعْلَمُونَ "... فقه السيرة للألباني 
(*)  عن معمر بن راشد عن قَتادةَ قال : لما نزلتْ " اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لَا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ" ، قال النبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم :" لأزيدنَّ على السبعينَ "، فأنزل اللهُ تعالى :" سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ لَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ " ... فتح الباري لابن حجر العسقلاني
(*) عن زيد بن أرقم رضي الله عنه قال : لَمَّا قال عبد اللَّه بن أُبَيّ: " لا تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ "، وقالَ أيضًا:" لَئِنْ رَجَعْنَا إلى المَدِينَةِ "، أخْبَرْتُ به النبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم فلامَنِي الأنصار، وحَلَفَ عبد اللَّه بن أُبَيّ ما قالَ ذلك ، فرَجَعْتُ إلى المَنزل فنِمْتُ، فدَعَانِي رسول اللَّه صلَّى الله عليه وسلَّم فأتَيْتُه، فقال: " إنَّ اللَّهَ قدْ صَدَّقَكَ "، ونَزَل: "هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لا تُنْفِقُوا"الآيَةَ ... رواه البخاري
(*)  سورة " المنافقون"  من المُفَصَّل من سور القرآن الكريم
وعن واثلة بن الأسقع الليثي أبو فسيلة :عن النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال :أُعطِيتُ مكانَ التَّوراةِ السَّبعَ الطِّوالَ ، ومكانَ الزَّبورِ المئين ، ومكانَ الإنجيلِ المثانيَ ، وفُضِّلتُ بالمُفصَّلِ " ... السلسلة الصحيحة 
* و عن أبي وائل قال : جاء رَجُل إلى ابن مسعود، فقال: قَرأتُ المُفَصَّل اللَّيلة في ركْعة ، فقال: هذًّا كَهَذِّ الشِّعْر، لقَد عَرَفْتُ النّظَائر الّتي كان النبيّ صلّى الله عليه وسلَّم يَقرُن بيْنهُنّ ، فذَكَر عشرين سُورة مِن المُفَصَّل، سُورتيْن في كُلّ ركْعة ... رواه البخاري
* وقد أورد الحافظ ابن حجر العسقلاني في فتح الباري لشرح صحيح البخاري :
قوله " قَرأتُ المُفَصَّل " : تقدم أنه من  ق  إلى آخر القرآن على الصحيح ، وسُمِّيَ مفصَّلا لكثرة الفصل بين سُورِه بالبسملة على الصحيح

** أسباب نزول آيات سورة المنافقون

أسباب نزول قوله تعالى

أسباب نزول قوله تعالى

السبت، 26 أكتوبر 2019

هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لا تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَنْفَضُّوا وَلِلَّهِ خَزَائِنُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لا يَفْقَهُونَ ... سورة المنافقون

** ورد في التفسير الكبير ( مفاتيح الغيب)
قوله تعالى : "هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لا تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَنْفَضُّوا.."
(*)  قال المفسرون : اقتتل أجير عُمر مع أجير عبد الله بن أُبَيّ في بعض الغزوات فأسمع أجير عُمر :عبد الله بن أُبَيّ المكروه واشتد عليه لسانه ، فغضب عبد الله وعنده رهط من قومه فقال : أما والله لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل ، يعني بالأعز نفسه وبالأذل رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم أقبل على قومه فقال : لو أمسكتم النفقة عن هؤلاء يعني المهاجرين لأوشكوا أن يتحولوا عن دياركم وبلادكم فلا تنفقوا عليهم حتى ينفضوا من حول محمد ، فنزلت
** ورد عند الطبري
قوله تعالى : "هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لا تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَنْفَضُّوا وَلِلَّهِ خَزَائِنُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لا يَفْقَهُونَ "
(*) عن قتادة " هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لا تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَنْفَضُّوا" قرأها إلى آخر الآية ، وهذا قول عبد الله بن أُبَيّ لأصحابه المنافقين : لا تنفقوا على محمد وأصحابه حتى يدعوه ، فإنكم لولا أنكم تنفقون عليهم لتركوه وأجلوا عنه .
(*) عن عمرو بن مرة ، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، عن زيد بن أرقم ، قال : "لما قال ابن أُبَيّ ما قال ، أخبرت النبي صلى الله عليه وسلم ، فجاء فحلف ، فجعل الناس يقولون لي : تأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم بالكذب؟ حتى جلست في البيت مخافة إذا رأوني قالوا : هذا الذي يكذب ، حتى أنزل "هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لا تُنْفِقُوا .."
** ورد في تفسير الماوردي
قوله تعالى : "هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لا تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَنْفَضُّوا وَلِلَّهِ خَزَائِنُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لا يَفْقَهُونَ "
(*)  يعني عبد الله بن أُبَيّ وأصحابه ، وسببه أن النبي صلى الله عليه وسلم بعد انكفائه من غزاة بني المصطلق في شعبان سنة ست نزل على ماء المريسيع ، فتنازع عليه جهجاه ، وكان مسلما وهو رجل من غفار ، ورجل يقال له سنان ، وكان من أصحاب عبد الله بن أبي ، فلطمه جهجاه ، فغضب له عبد الله بن أبي وقال : يا معاشر الأوس والخزرج ما مثلنا ومثل محمد إلا كما قال القائل : سمن كلبك يأكلك ، أوطأنا هذا الرجل ديارنا وقاسمناهم أموالنا ولولانا لانفضوا عنه ، ما لهم ، رد الله أمرهم إلى جهجاه ، لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل ، فسمعه زيد بن أرقم وكان غلاما ، فأعاده على رسول الله صلى الله عليه وسلم فاعتذر له قومه ، فأنزل الله هذه الآية والتي بعدها

الجمعة، 25 أكتوبر 2019

وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ رَسُولُ اللَّهِ لَوَّوْا رُؤُوسَهُمْ وَرَأَيْتَهُمْ يَصُدُّونَ وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ ... سورة المنافقون

** ورد عند الواحدي
قوله تعالى:" وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ رَسُولُ اللَّهِ ... "
(*) قال أهل التفسير وأصحاب السير: غزا رسول الله صلى الله عليه وسلم بنى المصطلق، فنزل على ماء من مياههم يقال له المريسيع، فوردت واردة الناس ، ومع عمر بن الخطاب أجير من بنى غفار يقال له جهجاه بن سعيد يقود فرسه، فازدحم جهجاه وسنان الجهنى حليف بني عوف من الخزرج على الماء، فاقتتلا، فصرخ الجهنى يا معشر الأنصار ، و قال : صرخ الغفاري يا معشر المهاجرين، فأعان جهجاها رجل من المهاجرين يقال له جعال ، وكان فقيرا ، فقال له عبد الله بن أُبَى :وإنك لهناك! ، فقال وما يمنعني أن أفعل ذلك ، واشتد لسان جعال على عبد الله ، فقال عبد الله : والذي يحلف به لأذرنك ،ويهمك غير هذا ، وغضب عبد الله فقال: والله مامثلنا ومثلهم إلا كما قال القائل : سمن كلبك يأكلك ، إنا والله لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل . يعني بالأعز نفسه ، وبالأذل رسول الله   صلى الله عليه وسلم   . ثم أقبل على من حضره من قومه ، فقال : هذا ما فعلتم بأنفسكم ، أحللتموهم بلادكم ، وقاسمتموهم أموالكم ; أما والله لو أمسكتم عن جعال وذويه فضل الطعام ، لم يركبوا رقابكم ، ولأوشكوا أن يتحولوا عن بلادكم ; فلا تنفقوا عليهم حتى ينفضوا من حول محمد . قال زيد بن أرقم ( وكان حاضرا ويسمع ذلك ) فقال : أنت والله الذليل القليل المبغض في قومك ، ومحمد في عز من الرحمن ، ومودة من المسلمين ; والله لا أحبك بعد كلامك هذا . فقال عبد الله : اسكت ، فإنما كنت ألعب ، فمشى زيد بن أرقم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأخبره الخبر ، وعنده عمر بن الخطاب . فقال : دعني أضرب عنقه يا رسول الله . فقال : " إذن ترعد له أنف كبيرة بيثرب " . فقال عمر : فإن كرهت يا رسول الله أن يقتله رجل من المهاجرين ، فمر سعد بن عبادة أو محمد بن مسلمة ، أو عبادة بن بشر فليقتلوه . فقال : " إذن يتحدث الناس أن محمدا يقتل أصحابه " . وأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عبد الله بن أُبَي فأتاه ، فقال له : " أنت صاحب هذا الكلام الذي بلغني ؟ " فقال عبد الله : والذي أنزل عليك الكتاب ما قلت شيئا من هذا قط ، وإن زيدا لكاذب . وكان عبد الله في قومه شريفا عظيما ; فقال من حضر من الأنصار : يا رسول الله شيخنا وكبيرنا ، لا تصدق عليه كلام غلام من غلمان الأنصار عسى أن يكون وهم في حديثه فلم يحفظ . فعذره رسول الله صلى الله عليه وسلم . وفشت الملامة في الأنصار لزيد وكذَّبوه ، وقال له عمه : ما أردت إلا أن كذبك رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون ومقتوك . فاستحيا زيد بعد ذلك أن يدنو من النبي صلى الله عليه وسلم . فلما ارتحل رسول الله صلى الله عليه وسلم لقيه أسيد بن حضير ، فقال له : أوما بلغك ما قال صاحبكم عبد الله بن أبي ؟ قال : وما قال ؟ قال : زعم أنه إن رجع إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل . قال أسيد : فأنت يا رسول الله ، والله تخرجنه إن شئت ، هو والله الذليل ، وأنت العزيز . ثم قال : يا رسول الله ارفق به ، فوالله لقد جاء الله بك وإن قومه لينظمون له الخرز ليتوجوه ، وإنه ليرى أنك سلبته مُلكا . وبلغ عبد الله بن عبد الله بن أبي ما كان من أمر أبيه ، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : إنه بلغني أنك تريد قتل عبد الله بن أُبَي لما بلغك عنه ; فإن كنت فاعلا فمُرني به ، فأنا أحمل إليك رأسه ! فوالله لقد علمت الخزرج ما بها رجل أبرّ بوالديه مني ، وأنا أخشى أن تأمر به غيري فيقتله ، فلا تدعني نفسي أنظر إلى قاتل عبد الله بن أُبَي يمشي في الناس ، فأقتله ، فأقتل مؤمنا بكافر ، فأدخل النار . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " بل نحسن صحبته ما بقي معنا " ، ولما وافى رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة ، قال زيد بن أرقم : جلست في البيت لما بي من الهم والحياء ، فأنزل الله تعالى سورة المنافقين في تصديقي وتكذيب عبد الله فلما نزلت أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بأُذُن زيد ، فقال : " يا زيد ، إن الله تعالى صدقك وأوفى بأذنك " ، وكان عبد الله بن أُبَي بقرب المدينة ، فلما أراد أن يدخلها جاء ابنه عبد الله بن عبد الله حتى أناخ على مجامع طرق المدينة  . فلما أن جاء عبد الله بن أبي قال ابنه : وراءك ! قال : ما لك ؟ ويلك ؟ ! قال : لا والله لا تدخلها أبدا إلا بإذن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولتعلم اليوم من الأعز من الأذل ؟ فشكا عبد الله إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما صنع ابنه ، فأرسل إليه رسول الله " أن خل عنه حتى يدخل " فقال : أما إذ جاء أمر النبي صلى الله عليه وسلم فنعم ، فدخل ، فلما نزلت هذه السورة وبان كذبه قيل له : يا أبا حباب إنه قد نزلت فيك آي شداد فاذهب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليستغفر لك ، فلوى رأسه ، فذلك قوله : " وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ رَسُولُ اللَّهِ لَوَّوْا رُؤُوسَهُمْ " الآية.
** ورد عند القرطبي
قوله تعالى : " وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ رَسُولُ اللَّهِ لَوَّوْا رُؤُوسَهُمْ وَرَأَيْتَهُمْ يَصُدُّونَ وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ ، سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ لَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ "
(*) لما نزل القرآن بصفتهم مشى إليهم عشائرهم وقالوا : افتضحتم بالنفاق فتوبوا إلى رسول الله من النفاق ، واطلبوا أن يستغفر لكم. فلووا رؤوسهم ؛ أي حركوها استهزاء وإباء ؛ قال ابن عباس. وعنه أنه كان لعبدالله بن أُبَيّ موقف في كل سبب يحض على طاعة الله وطاعة رسوله ؛ فقيل له : وما ينفعك ذلك ورسول الله صلى الله عليه وسلم غضبان : فأْتِه يستغفر لك ؛ فأَبَى وقال : لا أذهب إليه. 
وسبب نزول هذه الآيات أن النبي صلى الله عليه وسلم غزا بني المصطلق على ماء يقال لـ "المريسيع" من ناحية "قديد" إلى الساحل ، فأزدحم أجير لعمر يقال له : "جهجاه" مع حليف لعبدالله بن أبي يقال له : "سنان" على ماء "بالمشلل" ؛ فصرخ جهجاه بالمهاجرين ، وصرخ سنان بالأنصار ؛ فلطم جهجاه سنانا فقال عبدالله بن أُبَيّ : أَوَقد فعلوها! والله ما مثلنا ومثلهم إلا كما قال الأول : سمن كلبك يأكلك ، أما والله لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز  و يعني أُبَيًّا  ،  الأذل  و يعني محمدا صلى الله عليه وسلم ، ثم قال لقومه : كفوا طعامكم عن هذا الرجل ، ولا تنفقوا على من عنده حتى ينفضوا ويتركوه ، فقال زيد بن أرقم ( وهو من رهط عبدالله ) أنت والله الذليل المنتقص في قومك ؛ ومحمد صلى الله عليه وسلم في عز من الرحمن ومودة من المسلمين ، والله لا أحبك بعد كلامك هذا أبدا. فقال عبدالله : اسكت إنما كنت ألعب. فأخبر زيد النبي صلى الله عليه وسلم بقوله : فأقسم بالله ما فعل ولا قال ؛ فعذره النبي صلى الله عليه وسلم ، قال زيد : فوجدت في نفسي ولا مِنِّي الناس ؛ فنزلت سورة المنافقين في تصديق زيد وتكذيب عبدالله ، فقيل لعبدالله : قد نزلت فيك آيات شديدة فاذهب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليستغفر لك ؛ فألوى برأسه ، فنزلت الآيات "وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ رَسُولُ اللَّهِ لَوَّوْا رُؤُوسَهُمْ .."
(*) وقيل : إنه لما قال ابن أُبَيّ : "لَيُخْرِجَنَّ الأَعَزُّ مِنْهَا الأَذَلَّ" ورجع إلى المدينة لم يلبث إلا أياما يسيرة حتى مات ؛ فاستغفر له رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وألبسه قميصه ؛ فنزلت هذه الآية : " لَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ "  
** ورد عند الطبري
قوله تعالى : " وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ رَسُولُ اللَّهِ لَوَّوْا رُؤُوسَهُمْ وَرَأَيْتَهُمْ يَصُدُّونَ وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ "
(*) عن إبراهيم بن الحكم بن أبان ، قال : ثني أبي ، قال : ثني بشير بن مسلم " أنه قيل لعبد الله بن أُبَيّ ابن سلول : يا أبا حباب إنه قد أنزل فيك آي شداد ، فاذهب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يستغفر لك ، فلوى رأسه وقال : أمرتموني أن أومن فآمنت ، وأمرتموني أن أعطي زكاة مالي فأعطيت ، فما بقي إلا أن أسجد لمحمد " .
(*) عن يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة " " وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ رَسُولُ اللَّهِ لَوَّوْا " . . . الآية كلها ، قرأها إلى " الْفَاسِقِينَ " أنزلت في عبد الله بن أُبَيّ ، وذلك أن غلاما من قرابته انطلق إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فحدثه بحديث عنه وأمر شديد ، فدعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فإذا هو يحلف ويتبرأ من ذلك ، وأقبلت الأنصار على ذلك الغلام ، فلاموه وعذلوه ، وقيل لعبد الله : لو أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فجعل يلوي رأسه ، أي لست فاعلا وكذب علي ، فأنزل الله ما تسمعون .
(*)  عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قوله : " وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ رَسُولُ اللَّهِ لَوَّوْا رُؤُوسَهُمْ " قال : عبد الله بن أُبي ، قيل له : تعال ليستغفر لك رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلوى رأسه وقال : ماذا قلت؟ .
(*) عن معمر ، عن قتادة ، قال : قال له قومه : لو أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فاستغفر لك ، فجعل يلوي رأسه ، فنزلت فيه " وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ رَسُولُ اللَّهِ  " .

إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ ... سورة المنافقون

** ورد في الدر المنثور للسيوطي
قوله تعالى : " إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ "
(*) عن زيد بن أرقم قال : خرجنا مع رسول الله  صلى الله عليه وسلم  في سفر، فأصاب الناس شدة، فقال عبد الله بن أُبَيّ لأصحابه : "لا تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَنْفَضُّوا " من حوله ، وقال :" لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الأَعَزُّ مِنْهَا الأَذَلَّ " ، فأتيت النبي  صلى الله عليه وسلم فأخبرته بذلك، فأرسل إلى عبد الله بن أُبَيّ فسأله، فاجتهد يمينه ما فعل، فقالوا : كذب زيد رسول الله  صلى الله عليه وسلم  فوقع في نفسي مما قالوا شدة، حتى أنزل الله تصديقي في : إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ "
** ورد في تفسير الماوردي
قوله تعالى : " إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ "
(*) سبب نزول هذه الآية ما روى أسباط عن السدي أن عبد الله بن أُبَيّ بن سلول كان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزاة وفيها أعراب يتبعون الناس ، وكان ابن أُبَيّ يصنع لرسول الله صلى الله عليه وسلم في كل يوم طعاما ، فاستقى أعرابي ماء في حوض عمله من أحجار ، فجاء رجل من أصحاب ابن أُبَيّ بناقة ليسقيها من ذلك الماء فمنعه الأعرابي واقْتَتَلا فشجَّه الأعرابي ، فأتى الرجل إلى عبد الله بن أُبَيّ  ودَمَهُ يسيل على وجهه ، فحزنه ، فنافق عبد الله وقال : ما لهم رد الله أمرهم إلى تبال ، وقال لأصحابه : لا تأتوا محمدا بالطعام حتى يتفرق عنه الأعراب ، فسمع ذلك زيد بن أرقم وكان حدثا ، فأخبر عمه ، فأتى عمه رسول الله صلى الله عليه وسلم فحدَّثه ، فبعث إلى ابن أُبَيّ وكان من أوسم الناس وأحسنهم منطقا ، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فحلف : والذي بعثك بالحق ما قلت من هذا شيئا ، فصدَّقه فأنزل الله هذه الآية . 
** ورد عند القرطبي
قوله تعالى : " إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ "
(*) روى البخاري عن زيد بن أرقم قال : كنت مع عمي فسمعت عبدالله بن أُبَيّ ابن سلول يقول : " لا تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَنْفَضُّوا ". وقال : " لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الأَعَزُّ مِنْهَا الأَذَلَّ " فذكرت ذلك لعمي فذكر عمي لرسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عبدالله بن أُبَيّ وأصحابه فحلفوا ما قالوا ؛ فصدَّقهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وكذّبني ، فأصابني هَمٌ  لم يصبني مثله ، فجلست في بيتي فأنزل الله عز وجل : " إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ "  إلى قوله " لَيُخْرِجَنَّ الأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ"