** ورد عند الواحدي
قوله تعالى :" سَبَّحَ لِلَّهِ ... " الى قوله " وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ "
(*) قال المفسرون: نزلت هذه الآيات في بني النضير، وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم لما قدم المدينة صالحه بنو النضيرعلى أن لا يقاتلوه ولا يقاتلوا معه، وقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم منهم، فلما غزا رسول الله صلى الله عليه وسلم بدرا ، وظهر على المشركين ، قالت بنو النضير: والله إنه النبي الذي وجدنا نعته في التوراة لاترد له راية، فلما غزا أُحُدًا وهُزم المسلمون نقضوا العهد وأظهروا العداوة لرسول الله صلى الله عليه وسلم والمؤمنين، فحاصرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم صالحهم عن الجلاء من المدينة.
(*) عن معمر عن الزهري، عن ابن كعب بن مالك، عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم: أن كفار قريش كتبوا بعد وقعة بدر إلى اليهود، أنكم هل الحلقة والحصون، وإنكم لتقاتلن صاحبنا أو لنفعلن كذا، ولا يحول بيننا وبين خدم نسائكم (وهي الخلاخل) شئ، فلما بلغ كتاﺑﻬم اليهود أجمعت بنو النضير على الغدر، وأرسلوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم: أن اخرج إلينا في ثلاثين رجلا من أصحابك وليخرج منا ثلاثون حَبرا حتى نلتقي بمكان نصف بيننا وبينك ليسمعوا منك، فإن صدقوك وآمنوا بك آمنا بك كلنا،فخرج النبي صلى الله عليه وسلم في ثلاثين من أصحابه، وخرج إليه ثلاثون حَبرا من اليهود، حتى إذا برزوا في براز من الارض قال بعض اليهود لبعض : كيف تخلصون إليه ومعه ثلاثون رجلا من أصحابه كلهم يحب أن يموت قبله ؟ فأرسلوا كيف نتفق ونحن ستون رجلا، اخرج في ثلاثة من أصحابك ونخرج إليك ثلاثة من علمائنا إن آمنوا بك آمنا بك كلنا وصدقناك، فخرج النبي صلى الله عليه وسلم في ثلاثة من أصحابه وخرج ثلاثة من اليهود واشتملوا على الخناجر وأرادوا الفتك برسول الله صلى الله عليه وسلم فأرسلت امرأة ناصحة من بني النضير إلى أخيها وهو رجل مسلم من الانصار فأخبرته خبر ما أراد بنو النضير من الغدر برسول الله صلى الله عليه وسلم، فأقبل أخوها سريعا حتى أدرك النبي صلى الله عليه وسلم فساره بخبرهم، فرجع النبي صلى الله عليه وسلم، فلما كان من الغد عدا عليهم بالكتائب فحاصرهم و قاتلهم حتى نزلوا على الجلاء على أن لهم ما أقلت الإبل إلا الحلقة وهي السلاح، وكانوا يخربون بيوﺗﻬن فيأخذون ما وافقهم من خشبها، فأنزل الله تعالى "سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ" حتى بلغ "وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ" .
** ورد في الدر المنثور للسيوطي
قوله تعالى: " سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ، هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ دِيَارِهِمْ لأَوَّلِ الْحَشْرِ مَا ظَنَنْتُمْ أَنْ يَخْرُجُوا وَظَنُّوا أَنَّهُمْ مَانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ مِنَ اللَّهِ فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الأَبْصَارِ "
(*) أخرج البيهقي في الدلائل عن عروة قال : أمر الله رسوله بإجلاء بني النضير، وإخراجهم من ديارهم، وقد كان النفاق كثيرا بالمدينة، فقالوا : أين تخرجنا؟ قال : "أخرجكم إلى المحشر" فلما سمع المنافقون ما يراد بإخوانهم وأوليائهم من أهل الكتاب أرسلوا إليهم، فقالوا لهم : إنا معكم محيانا ومماتنا؛ إن قوتلتم فلكم علينا النصر، وإن أخرجتم لم نتخلف عنكم، ومنَّاهم الشيطان الظهور، فنادوا النبي صلى الله عليه وسلم : إنا والله لا نخرج، ولئن قاتلتنا لنقاتلنك، فمضى النبي صلى الله عليه وسلم فيهم لأمر الله، وأمر أصحابه، فأخذوا السلاح، ثم مضى إليهم، وتحصنت اليهود في دورهم وحصونهم، فلما انتهى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أزقتهم أمر بالأدنى فالأدنى من دورهم أن يهدم، وبالنخل أن يحرق ويقطع، وكف الله أيديهم وأيدي المنافقين، فلم ينصروهم، وألقى الله في قلوب الفريقين الرعب ، ثم جعلت اليهود كلما خلص رسول الله صلى الله عليه وسلم من هدم ما يلي مدينتهم ألقى الله في قلوبهم الرعب، فهدموا الدور التي هم فيها من أدبارها، ولم يستطيعوا أن يخرجوا على النبي صلى الله عليه وسلم ، فلما كادوا أن يبلغوا آخر دورهم، وهم ينتظرون المنافقين وما كانوا منُّوهم، فلما يئسوا مما عندهم سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي كان عُرض عليهم قبل ذلك ، فقاضاهم على أن يُجلِّيهم، ولهم أن يتحملوا بما استقلَّت به الإبل من الذي كان لهم، إلا ما كان من حلقة السلاح، فذهبوا كل مذهب، وكانوا قد عَيَّروا المسلمين حين هدموا الدور وقطعوا النخل، فقالوا : ما ذنب شجرة وأنتم تزعمون أنكم مصلحون؟! فأنزل الله : " سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ ..." إلى قوله :" وليخزي الفاسقين "
** ورد عند البغوي
قوله تعالى : " سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ "
(*) قال المفسرون : نزلت هذه السورة في بني النضير وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل المدينة فصالحته بنو النضير على أن لا يقاتلوه ولا يقاتلوا معه فقبل ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم منهم . فلما غزا رسول الله صلى الله عليه وسلم بدرا وظهر على المشركين قالت بنو النضير : والله إنه النبي الذي وجدنا نعته في التوراة لا ترد له راية فلما غزا أحدا وهزم المسلمون ارتابوا وأظهروا العداوة لرسول الله صلى الله عليه وسلم والمؤمنين ، ونقضوا العهد الذي كان بينهم وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم وركب كعب بن الأشرف في أربعين راكبا من اليهود إلى مكة فأتوا قريشا فحالفوهم وعاقدوهم على أن تكون كلمتهم واحدة على محمد صلى الله عليه وسلم ودخل أبو سفيان في أربعين وكعب في أربعين من اليهود المسجد الحرام وأخذ بعضهم على بعض الميثاق بين الأستار والكعبة . ثم رجع كعب وأصحابه إلى المدينة ونزل جبريل فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم بما تعاقد عليه كعب وأبو سفيان فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بقتل كعب بن الأشرف فقتله محمد بن مسلمة .
فلما قتل كعب بن الأشرف أصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمر الناس بالمسير إلى بني النضير وكانوا بقرية يقال لها زهرة فلما سار إليهم النبي صلى الله عليه وسلم وجدهم ينوحون على كعب بن الأشرف فقالوا : يا محمد واعية على إثر واعية ، وباكية على إثر باكية قال : نعم . قالوا : ذرنا نبكي شجونا ثم ائتمر أمرك فقال النبي صلى الله عليه وسلم : اخرجوا من المدينة . فقالوا : الموت أقرب إلينا من ذلك فتنادوا بالحرب وآذنوا بالقتال ودس المنافقون عبد الله بن أُبَيّ وأصحابه إليهم : أن لا تخرجوا من الحصن فإن قاتلوكم فنحن معكم ولا نخذلكم ولننصرنكم ولئن أخرجتم لنخرجن معكم ، فدربوا على الأزقة وحصنوها . ثم إنهم أجمعوا على الغدر برسول الله صلى الله عليه وسلم فأرسلوا إليه : أن اخرج في ثلاثين رجلا من أصحابك وليخرج منا ثلاثون حتى نلتقي بمكان بيننا وبينك فيستمعوا منك فإن صدقوك وآمنوا بك آمنا كلنا فخرج النبي صلى الله عليه وسلم في ثلاثين من أصحابه وخرج إليه ثلاثون حبرا من اليهود حتى إذا كانوا في براز من الأرض قال بعض اليهود لبعض : كيف تخلصون إليه ومعه ثلاثون رجلا من أصحابه كلهم يحب أن يموت قبله ؟ ! فأرسلوا إليه : كيف نفهم ونحن ستون رجلا اخرج في ثلاثة من أصحابك ونخرج إليك في ثلاثة من علمائنا فيستمعوا منك فإن آمنوا بك آمنا كلنا بك وصدقناك فخرج النبي صلى الله عليه وسلم في ثلاثة من أصحابه وخرج ثلاثة من اليهود واشتملوا على الخناجر وأرادوا الفتك برسول الله صلى الله عليه وسلم فأرسلت امرأة ناصحة من بني النضير إلى أخيها وهو رجل مسلم من الأنصار فأخبرته بما أراد بنو النضير من الغدر برسول الله صلى الله عليه وسلم فأقبل أخوها سريعا حتى أدرك النبي صلى الله عليه وسلم فساره بخبرهم قبل أن يصل النبي صلى الله عليه وسلم إليهم ، فرجع النبي صلى الله عليه وسلم فلما كان الغد غدا عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بالكتائب فحاصرهم إحدى وعشرين ليلة فقذف الله في قلوبهم الرعب وأيسوا من نصر المنافقين فسألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلح فأبى عليهم إلا أن يخرجوا من المدينة على ما يأمرهم به النبي صلى الله عليه وسلم فقبلوا ذلك فصالحهم على الجلاء وعلى أن لهم ما أقلت الإبل من أموالهم إلا الحلقة ( وهي السلاح ) وعلى أن يخلوا لهم ديارهم وعقارهم وسائر أموالهم .
وقال ابن عباس : على أن يحمل كل أهل ثلاثة أبيات على بعير ما شاءوا من متاعهم ، ولنبي الله صلى الله عليه وسلم ما بقي .
وقال الضحاك : أعطي كل ثلاثة نفر بعيرا وسقاة ، ففعلوا ذلك وخرجوا من المدينة إلى الشام إلى أذرعات وأريحاء ، إلا أهل بيتين منهم آل أبي الحقيق وآل حُيي بن أخطب فإنهم لحقوا بخيبر ولحقت طائفة منهم بالحيرة فذلك قوله عز وجل : "هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ دِيَارِهِمْ ...".
قوله تعالى :" سَبَّحَ لِلَّهِ ... " الى قوله " وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ "
(*) قال المفسرون: نزلت هذه الآيات في بني النضير، وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم لما قدم المدينة صالحه بنو النضيرعلى أن لا يقاتلوه ولا يقاتلوا معه، وقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم منهم، فلما غزا رسول الله صلى الله عليه وسلم بدرا ، وظهر على المشركين ، قالت بنو النضير: والله إنه النبي الذي وجدنا نعته في التوراة لاترد له راية، فلما غزا أُحُدًا وهُزم المسلمون نقضوا العهد وأظهروا العداوة لرسول الله صلى الله عليه وسلم والمؤمنين، فحاصرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم صالحهم عن الجلاء من المدينة.
(*) عن معمر عن الزهري، عن ابن كعب بن مالك، عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم: أن كفار قريش كتبوا بعد وقعة بدر إلى اليهود، أنكم هل الحلقة والحصون، وإنكم لتقاتلن صاحبنا أو لنفعلن كذا، ولا يحول بيننا وبين خدم نسائكم (وهي الخلاخل) شئ، فلما بلغ كتاﺑﻬم اليهود أجمعت بنو النضير على الغدر، وأرسلوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم: أن اخرج إلينا في ثلاثين رجلا من أصحابك وليخرج منا ثلاثون حَبرا حتى نلتقي بمكان نصف بيننا وبينك ليسمعوا منك، فإن صدقوك وآمنوا بك آمنا بك كلنا،فخرج النبي صلى الله عليه وسلم في ثلاثين من أصحابه، وخرج إليه ثلاثون حَبرا من اليهود، حتى إذا برزوا في براز من الارض قال بعض اليهود لبعض : كيف تخلصون إليه ومعه ثلاثون رجلا من أصحابه كلهم يحب أن يموت قبله ؟ فأرسلوا كيف نتفق ونحن ستون رجلا، اخرج في ثلاثة من أصحابك ونخرج إليك ثلاثة من علمائنا إن آمنوا بك آمنا بك كلنا وصدقناك، فخرج النبي صلى الله عليه وسلم في ثلاثة من أصحابه وخرج ثلاثة من اليهود واشتملوا على الخناجر وأرادوا الفتك برسول الله صلى الله عليه وسلم فأرسلت امرأة ناصحة من بني النضير إلى أخيها وهو رجل مسلم من الانصار فأخبرته خبر ما أراد بنو النضير من الغدر برسول الله صلى الله عليه وسلم، فأقبل أخوها سريعا حتى أدرك النبي صلى الله عليه وسلم فساره بخبرهم، فرجع النبي صلى الله عليه وسلم، فلما كان من الغد عدا عليهم بالكتائب فحاصرهم و قاتلهم حتى نزلوا على الجلاء على أن لهم ما أقلت الإبل إلا الحلقة وهي السلاح، وكانوا يخربون بيوﺗﻬن فيأخذون ما وافقهم من خشبها، فأنزل الله تعالى "سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ" حتى بلغ "وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ" .
** ورد في الدر المنثور للسيوطي
قوله تعالى: " سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ، هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ دِيَارِهِمْ لأَوَّلِ الْحَشْرِ مَا ظَنَنْتُمْ أَنْ يَخْرُجُوا وَظَنُّوا أَنَّهُمْ مَانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ مِنَ اللَّهِ فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الأَبْصَارِ "
(*) أخرج البيهقي في الدلائل عن عروة قال : أمر الله رسوله بإجلاء بني النضير، وإخراجهم من ديارهم، وقد كان النفاق كثيرا بالمدينة، فقالوا : أين تخرجنا؟ قال : "أخرجكم إلى المحشر" فلما سمع المنافقون ما يراد بإخوانهم وأوليائهم من أهل الكتاب أرسلوا إليهم، فقالوا لهم : إنا معكم محيانا ومماتنا؛ إن قوتلتم فلكم علينا النصر، وإن أخرجتم لم نتخلف عنكم، ومنَّاهم الشيطان الظهور، فنادوا النبي صلى الله عليه وسلم : إنا والله لا نخرج، ولئن قاتلتنا لنقاتلنك، فمضى النبي صلى الله عليه وسلم فيهم لأمر الله، وأمر أصحابه، فأخذوا السلاح، ثم مضى إليهم، وتحصنت اليهود في دورهم وحصونهم، فلما انتهى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أزقتهم أمر بالأدنى فالأدنى من دورهم أن يهدم، وبالنخل أن يحرق ويقطع، وكف الله أيديهم وأيدي المنافقين، فلم ينصروهم، وألقى الله في قلوب الفريقين الرعب ، ثم جعلت اليهود كلما خلص رسول الله صلى الله عليه وسلم من هدم ما يلي مدينتهم ألقى الله في قلوبهم الرعب، فهدموا الدور التي هم فيها من أدبارها، ولم يستطيعوا أن يخرجوا على النبي صلى الله عليه وسلم ، فلما كادوا أن يبلغوا آخر دورهم، وهم ينتظرون المنافقين وما كانوا منُّوهم، فلما يئسوا مما عندهم سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي كان عُرض عليهم قبل ذلك ، فقاضاهم على أن يُجلِّيهم، ولهم أن يتحملوا بما استقلَّت به الإبل من الذي كان لهم، إلا ما كان من حلقة السلاح، فذهبوا كل مذهب، وكانوا قد عَيَّروا المسلمين حين هدموا الدور وقطعوا النخل، فقالوا : ما ذنب شجرة وأنتم تزعمون أنكم مصلحون؟! فأنزل الله : " سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ ..." إلى قوله :" وليخزي الفاسقين "
** ورد عند البغوي
قوله تعالى : " سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ "
(*) قال المفسرون : نزلت هذه السورة في بني النضير وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل المدينة فصالحته بنو النضير على أن لا يقاتلوه ولا يقاتلوا معه فقبل ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم منهم . فلما غزا رسول الله صلى الله عليه وسلم بدرا وظهر على المشركين قالت بنو النضير : والله إنه النبي الذي وجدنا نعته في التوراة لا ترد له راية فلما غزا أحدا وهزم المسلمون ارتابوا وأظهروا العداوة لرسول الله صلى الله عليه وسلم والمؤمنين ، ونقضوا العهد الذي كان بينهم وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم وركب كعب بن الأشرف في أربعين راكبا من اليهود إلى مكة فأتوا قريشا فحالفوهم وعاقدوهم على أن تكون كلمتهم واحدة على محمد صلى الله عليه وسلم ودخل أبو سفيان في أربعين وكعب في أربعين من اليهود المسجد الحرام وأخذ بعضهم على بعض الميثاق بين الأستار والكعبة . ثم رجع كعب وأصحابه إلى المدينة ونزل جبريل فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم بما تعاقد عليه كعب وأبو سفيان فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بقتل كعب بن الأشرف فقتله محمد بن مسلمة .
فلما قتل كعب بن الأشرف أصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمر الناس بالمسير إلى بني النضير وكانوا بقرية يقال لها زهرة فلما سار إليهم النبي صلى الله عليه وسلم وجدهم ينوحون على كعب بن الأشرف فقالوا : يا محمد واعية على إثر واعية ، وباكية على إثر باكية قال : نعم . قالوا : ذرنا نبكي شجونا ثم ائتمر أمرك فقال النبي صلى الله عليه وسلم : اخرجوا من المدينة . فقالوا : الموت أقرب إلينا من ذلك فتنادوا بالحرب وآذنوا بالقتال ودس المنافقون عبد الله بن أُبَيّ وأصحابه إليهم : أن لا تخرجوا من الحصن فإن قاتلوكم فنحن معكم ولا نخذلكم ولننصرنكم ولئن أخرجتم لنخرجن معكم ، فدربوا على الأزقة وحصنوها . ثم إنهم أجمعوا على الغدر برسول الله صلى الله عليه وسلم فأرسلوا إليه : أن اخرج في ثلاثين رجلا من أصحابك وليخرج منا ثلاثون حتى نلتقي بمكان بيننا وبينك فيستمعوا منك فإن صدقوك وآمنوا بك آمنا كلنا فخرج النبي صلى الله عليه وسلم في ثلاثين من أصحابه وخرج إليه ثلاثون حبرا من اليهود حتى إذا كانوا في براز من الأرض قال بعض اليهود لبعض : كيف تخلصون إليه ومعه ثلاثون رجلا من أصحابه كلهم يحب أن يموت قبله ؟ ! فأرسلوا إليه : كيف نفهم ونحن ستون رجلا اخرج في ثلاثة من أصحابك ونخرج إليك في ثلاثة من علمائنا فيستمعوا منك فإن آمنوا بك آمنا كلنا بك وصدقناك فخرج النبي صلى الله عليه وسلم في ثلاثة من أصحابه وخرج ثلاثة من اليهود واشتملوا على الخناجر وأرادوا الفتك برسول الله صلى الله عليه وسلم فأرسلت امرأة ناصحة من بني النضير إلى أخيها وهو رجل مسلم من الأنصار فأخبرته بما أراد بنو النضير من الغدر برسول الله صلى الله عليه وسلم فأقبل أخوها سريعا حتى أدرك النبي صلى الله عليه وسلم فساره بخبرهم قبل أن يصل النبي صلى الله عليه وسلم إليهم ، فرجع النبي صلى الله عليه وسلم فلما كان الغد غدا عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بالكتائب فحاصرهم إحدى وعشرين ليلة فقذف الله في قلوبهم الرعب وأيسوا من نصر المنافقين فسألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلح فأبى عليهم إلا أن يخرجوا من المدينة على ما يأمرهم به النبي صلى الله عليه وسلم فقبلوا ذلك فصالحهم على الجلاء وعلى أن لهم ما أقلت الإبل من أموالهم إلا الحلقة ( وهي السلاح ) وعلى أن يخلوا لهم ديارهم وعقارهم وسائر أموالهم .
وقال ابن عباس : على أن يحمل كل أهل ثلاثة أبيات على بعير ما شاءوا من متاعهم ، ولنبي الله صلى الله عليه وسلم ما بقي .
وقال الضحاك : أعطي كل ثلاثة نفر بعيرا وسقاة ، ففعلوا ذلك وخرجوا من المدينة إلى الشام إلى أذرعات وأريحاء ، إلا أهل بيتين منهم آل أبي الحقيق وآل حُيي بن أخطب فإنهم لحقوا بخيبر ولحقت طائفة منهم بالحيرة فذلك قوله عز وجل : "هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ دِيَارِهِمْ ...".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق