ورد ذِكر الصحابي الجليل أبو بكر الصديق رضي الله عنه في سبب نزول بعض أيات القرآن الكريم في مواضع مختلفة
[1]
ورد ذِكر الصحابي الجليل أبو بكر الصديق رضي الله عنه في سبب نزول الآيات ( 17 ـ 21) من سورة الليل في انفاق ماله في شراء من أسلم من العبيد ليحررهم من العبودية ويخلصهم من تعذيب الكفار لهم
قال تعالى :" وَسَيُجَنَّبُهَا الأَتْقَى * الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى * وَمَا لأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزَى * إِلا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الأَعْلَى * وَلَسَوْفَ يَرْضَى "
** ورد في زاد المسير لابن الجوزي :
* قوله تعالى: "وَسَيُجَنَّبُهَا " أي: يبعد عنها، فيجعل منها على جانب الأتقى يعني: أبا بكر الصديق في قول جميع المفسرين
" الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى " أي: يطلب أن يكون عند الله زاكيا، ولا يطلب الرياء، ولا السمعة
" وَمَا لأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزَى " أي: لم يفعل ذلك مجازاة ليد أُسديت إليه .
* وروى عطاء عن ابن عباس أن أبا بكر لما اشترى بلالا بعد أن كان يعذب قال المشركون: ما فعل أبو بكر ذلك إلا ليد كانت لبلال عنده، فأنزل الله تعالى: " وَمَا لأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزَى "
" إِلا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الأَعْلَى " أي: إلا طلبا لثواب ربه
* قوله تعالى: " وَلَسَوْفَ يَرْضَى" أي: بما يعطى في الجنة من الثواب
** ورد عند البغوي :
" الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ " يعطي ماله " يَتَزَكَّى " يطلب أن يكون عند الله زاكيا لا رياء ولا سمعة ، يعني أبا بكر الصديق ، في قول الجميع .
* قال ابن الزبير : كان أبو بكر يبتاع الضعفة فيعتقهم ، فقال أبوه : أي بني لو كنت تبتاع من يمنع ظهرك ؟ قال : منع ظهري أريد ، فنزل : " وَسَيُجَنَّبُهَا الأَتْقَى " ، إلى آخر السورة .
======================
[2]
وورد ذِكر الصحابي الجليل أبو بكر الصديق رضي الله عنه في سبب نزول الآية 40 من سورة التوبة ، في صحبته لرسول الله صلى الله عليه وسلم أثناء الهجرة
فقال تعالى " إِلَّا تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا "
** ورد عند البغوي :
قوله تعالى : " إِلَّا تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ "
هذا إعلام من الله عز وجل أنه المتكفل بنصر رسوله وإعزاز دينه ، أعانوه أو لم يعينوه ، وأنه قد نصره عند قلة الأولياء ، وكثرة الأعداء ، فكيف به اليوم وهو في كثرة من العدد والعدد؟
" إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا " من مكة حين مكروا به وأرادوا تبيينه وهموا بقتله
" ثَانِيَ اثْنَيْنِ " أي هو أحد الاثنين ، والاثنان : أحدهما رسول الله صلى الله عليه وسلم ، والآخر أبو بكر الصديق رضي الله عنه
" إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ " وهو نقب في جبل ثور بمكة
* وقوله عز وجل :" لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا " لم يكن حزن أبي بكر جبنا منه ، وإنما كان إشفاقا على رسول الله صلى الله عليه وسلم . وقال : إن أقتل فأنا رجل واحد وإن قتلت هلكت الأمة
** ورد عند ابن كثير :
يقول تعالى : " إِلَّا تَنصُرُوهُ " أي : تنصروا رسوله ، فإن الله ناصره ومؤيده وكافيه وحافظه ، كما تولى نصره ، " إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ " أي : عام الهجرة ، لما همّ المشركون بقتله أو حبسه أو نفيه ، فخرج منهم هاربا صُحبة صديقه وصاحبه أبي بكر بن أبي قحافة ، فلجأ إلى غار ثور ثلاثة أيام ليرجع الطلب الذين خرجوا في آثارهم ، ثم يسيرا نحو المدينة ، فجعل أبو بكر رضي الله عنه يجزع أن يطلع عليهم أحد ، فيخلص إلى الرسول عليه السلام منهم أذى ، فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يسكنه ويثبته ويقول :" يا أبا بكر ، ما ظنك باثنين الله ثالثهما "
=======================
[3]
وورد ذِكر الصحابي الجليل أبو بكر الصديق رضي الله عنه في سبب نزول الآية 33 من سورة الزمر ، في تصديقه لرسول الله صلى الله عليه وسلم
قال تعالى " وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ "
** ورد في التفسير الكبير لفخر الدين الرازي :
قوله " وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ " ، تقديره : والذي جاء بالصدق والذي صدق به
وفيه قولان :
الأول : أن المراد شخص واحد ، فالذي جَاءَ بِالصِّدْقِ محمد ، والذي صَدَّقَ بِهِ هو أبو بكر ، وهذا القول مروي عن علي بن أبي طالب عليه السلام وجماعة من المفسرين .
والثاني : أن المراد منه كل من جاء بالصدق ، فالذي جاء بالصدق الأنبياء ، والذي صدق به الأتباع
* واعلم أنا سواء قلنا : المراد بالذي صَدَّقَ بِهِ شخص معين ، أو قلنا : المراد منه كل من كان موصوفا بهذه الصفة ، فإن أبا بكر داخل فيه
** ورد في زاد المسير لابن الجوزي : قوله تعالى: " وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ " فيه أربعة أقوال :
1)
أحدها: أنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، قاله علي بن أبي طالب، وابن عباس، وقتادة، وابن زيد
ثم في ( الصدق ) الذي جاء به قولان :
أحدهما: أنه "لا إله إلا الله"، رواه ابن أبي طلحة عن ابن عباس، وبه قال سعيد بن جبير .
والثاني: أنه القرآن ، قاله قتادة .
وفي الذي صَدَّقَ بِهِ ثلاثة أقوال :
* أحدها: أنه رسول الله صلى الله عليه وسلم أيضا، هو جاء بالصدق، وهو صدق به، قاله ابن عباس، والشعبي .
والثاني: أنه أبو بكر، قاله علي بن أبي طالب .
والثالث: أنهم المؤمنون، قاله قتادة، والضحاك ، وابن زيد .
2)
القول الثاني: أن الذي جَاءَ بِالصِّدْقِ : أهل القرآن، وهو الصدق الذي يجيبون به يوم القيامة، وقد أدوا حقه، فهم الذين صدقوا به، قاله مجاهد .
3)
والثالث: أن الذي جَاءَ بِالصِّدْقِ الأنبياء، قاله الربيع، فعلى هذا، يكون الذي صَدَّقَ بِهِ: المؤمنون .
4)
والرابع: أن الذي جَاءَ بِالصِّدْقِ: جبريل، وصَدَّقَ بِهِ: محمد، قاله السدي
=======================
[4]
وورد ذِكر الصحابي الجليل أبو بكر الصديق رضي الله عنه في سبب نزول الآية 33 من سورة الأحقاف ، في حُسن أخلاقه وإيمانه هو ووالديه وكل أولاده
قال تعالى " وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا ۖ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا ۖ وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا ۚ حَتَّىٰ إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَىٰ وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي ۖ إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ "
** ورد عند القرطبي :
* روي أن الآية نزلت في أبي بكر الصديق ، وكان حمله وفصاله في ثلاثين شهرا ، حملته أمه تسعة أشهر وأرضعته إحدى وعشرين شهرا
* قوله تعالى : حتى إذا بلغ أشده قال ابن عباس : أشده ثماني عشرة سنة . وقال في رواية عطاء عنه : إن أبا بكر صحب النبي صلى الله عليه وسلم وهو ابن ثماني عشرة سنة ، والنبي صلى الله عليه وسلم ابن عشرين سنة ، وهم يريدون الشام للتجارة ، فنزلوا منزلا فيه سدرة ، فقعد النبي صلى الله عليه وسلم في ظلها ، ومضى أبو بكر إلى راهب هناك فسأله عن الدين . فقال الراهب : من الرجل الذي في ظل الشجرة ؟ فقال : ذاك محمد بن عبد الله بن عبد المطلب ، فقال : هذا والله نبي ، وما استظل أحد تحتها بعد عيسى . فوقع في قلب أبي بكر اليقين والتصديق ، وكان لا يكاد يفارق رسول الله صلى الله عليه وسلم في أسفاره وحضره . فلما نبئ رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ابن أربعين سنة ، صدق أبو بكر رضي الله عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ابن ثمانية وثلاثين سنة ، فلما بلغ أربعين سنة :" قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَىٰ وَالِدَيَّ " الآية
* وقال السدي والضحاك : نزلت في سعد بن أبي وقاص . وقد تقدم وقال الحسن : هي مرسلة نزلت على العموم . والله أعلم .
* وقال علي رضي الله عنه : هذه الآية نزلت في أبي بكر الصديق رضي الله عنه ، أسلم أبواه جميعا ولم يجتمع لأحد من المهاجرين أن أسلم أبواه غيره ، فأوصاه الله بهما ولزم ذلك من بعده
* "وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ "
قال ابن عباس : فأجابه الله فأعتق تسعة من المؤمنين يعذبون في الله منهم بلال وعامر بن فهيرة ، ولم يدع شيئا من الخير إلا أعانه الله عليه . وفي الصحيح عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من أصبح منكم اليوم صائما " ؟
قال أبو بكر : أنا
قال : " فمن تبع منكم اليوم جنازة " ؟
قال أبو بكر : أنا .
قال : " فمن أطعم منكم اليوم مسكينا " ؟
قال أبو بكر : أنا .
قال : " فمن عاد منكم اليوم مريضا " ؟
قال أبو بكر : أنا .
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما اجتمعن في امرئ إلا دخل الجنة " .
* قوله تعالى : " وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي " أي اجعل ذريتي صالحين . قال ابن عباس : فلم يبق له ولد ولا والد ولا والدة إلا آمنوا بالله وحده . ولم يكن أحد من أصحاب رسول الله أسلم هو وأبواه وأولاده وبناته كلهم إلا أبو بكر
** ورد في التفسير الكبيرللرازي :
* حكى الواحدي عن ابن عباس وقوم كثير من متأخري المفسرين ومتقدميهم أن هذه الآية نزلت في أبي بكر الصديق رضي الله عنه ، قالوا : والدليل عليه أن الله تعالى قد وقت الحمل والفصال ههنا بمقدار يعلم أنه قد ينقص وقد يزيد عنه بسبب اختلاف الناس في هذه الأحوال فوجب أن يكون المقصود منه شخصا واحدا حتى يقال : إن هذا التقدير إخبار عن حاله فيمكن أن يكون أبو بكر كان حمله وفصاله هذا القدر .
ثم قال تعالى في صفة ذلك الإنسان : " حَتَّىٰ إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَىٰ وَالِدَيَّ " ومعلوم أنه ليس كل إنسان يقول هذا القول ، فوجب أن يكون المراد من هذه الآية إنسانا معينا قال هذا القول ، وأما أبو بكر فقد قال هذا القول في قريب من هذا السن ؛ لأنه كان أقل سنا من النبي صلى الله عليه وسلم بسنتين وشيء ، والنبي صلى الله عليه وسلم بعث عند الأربعين ، وكان أبو بكر قريبا من الأربعين وهو قد صدق النبي صلى الله عليه وسلم وآمن به ، فثبت بما ذكرناه أن هذه الآيات صالحة لأن يكون المراد منها أبو بكر
وإذا ثبت القول بهذه الصلاحية فنقول : ندعي أنه هو المراد من هذه الآية ، ويدل عليه أنه تعالى قال في آخر هذه الآية : " أُولَئِكَ الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَنَتَجَاوَزُ عَنْ سَيِّئَاتِهِمْ فِي أَصْحَابِ الْجَنَّةِ " وهذا يدل على أن المراد من هذه الآية أفضل الخلق ، لأن الذي يتقبل الله عنه أحسن أعماله ويتجاوز عن كل سيئاته يجب أن يكون من أفاضل الخلق وأكابرهم ، وأجمعت الأمة على أن أفضل الخلق بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم إما أبو بكر وإما علي ، ولا يجوز أن يكون المراد من هذه الآية علي بن أبي طالب رضي الله عنه ؛ لأن هذه الآية إنما تليق بمن أتى بهذه الكلمة عند بلوغ الأشد وعند القرب من الأربعين ، وعلي بن أبي طالب ما كان كذلك لأنه إنما آمن في زمان الصبا أو عند القرب من الصبا ، فثبت أن المراد من هذه الآية هو أبو بكر والله أعلم
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق