لقد أنزل الله في صَحَابة النبي صلى الله عليه وسلم آيات قرآنية تُتلى إلى يوم القيامة، فهم أوائل الذين صدّقوه و آمنوا به وأحبوه وأطاعوه وحملوا الأمانة معه فهم الذين استجابوا لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم
وقد وردت آيات كثيرة في القرآن الكريم تتحدث عن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، فمنها آيات تحدثت عنهم في المُجمل ، وأخري تحدثت عن فئات بعينها ، فهناك آيات تحدثت عن المهاجرين وأخرى تحدثت عن الأنصار ، وأخرى تحدثت عن شهداء أُحد ، وهناك آيات تحدثت عن أشخاص بعينهم
** أما الآيات التي تحدثت عنهم في المُجمل مثل :
* قال تعالى: "مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ ۚ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ ۖ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا ۖ سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ۚ ذَٰلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ ۚ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَىٰ عَلَىٰ سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ ۗ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا "... سورة الفتح
وقد جمعهم مع النبي صلى الله عليه وسلم في وصفه لهم بأنهم أشداء على الكفار، رحماء بينهم، مواظبين على أداء الصلاة ابتغاء مرضاة الله تعالى .
-------
* قال تعالى: " يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ ۖ نُورُهُمْ يَسْعَىٰ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا ۖ إِنَّكَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ "... سورة التحريم
وهذا بيان من الله تعالى للنبي صلى الله عليه وسلم بأن لا يخزي صحابته في الآخرة
---------
* قال تعالى: " لَٰكِنِ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ جَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ ۚ وَأُولَٰئِكَ لَهُمُ الْخَيْرَاتُ ۖ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ * أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ۚ ذَٰلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ "... سورة التوبة
وهي وعد من الله تعالى لصحابة النبي صلى الله عليه وسلم الكرام الذين استجابوا له في الإيمان والجهاد ،بأن لهم الجنة .
------
* قوله تعالى : " وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ۚ ذَٰلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ " ... سورة التوبة
بيّن الله تعالى تفضيل للسابقين من المهاجرين والأنصار في الأجر والثواب ، وأن سبقهم لم يمنع جزاء الجنة عَمّن جاء بعدهم، بل هم معهم في الرضوان والجنان
-------
* قوله تعالى : " وَإِن يُرِيدُوا أَن يَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ اللَّهُ ۚ هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ * وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ ۚ لَوْ أَنفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مَّا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ ۚ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ * يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ "... سورة الأنفال
وهي تتحدث عن المحبة التي وضعها الله في قلوب الصحابة من الأنصار والمهاجرين ، فقد حبب بعضهم لبعض، وجمع قلوبهم على الحق والهدى فأصبحوا من أتباعه وأنصاره .
-----
* قال سبحانه: " وَالَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوا وَّنَصَرُوا أُولَٰئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا ۚ لَّهُم مَّغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ "... سورة الأنفال
في هذه الآية وعد الله فريقي الصحابة، من هاجر، ومن آوى ، وهم المهاجرون والأنصار، وعدهم بالمغفرة والرزق الكريم
-------
قال سبحانه: " مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ "... سورة الأحزاب
، فوصفهم بالصدق، وهذا يشمل الصدق في الإيمان والصدق التضحية، وهي شهادة من الله تعالى للصحابة الكرام بصدقهم في القول والعمل .
** أما الآيات التي تحدثت عن فئات بعينها مثل :
(*) عن المهاجرين
* قوله تعالى: " الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِندَ اللَّهِ ۚ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ * يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُم بِرَحْمَةٍ مِّنْهُ وَرِضْوَانٍ وَجَنَّاتٍ لَّهُمْ فِيهَا نَعِيمٌ مُّقِيمٌ * خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ۚ إِنَّ اللَّهَ عِندَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ "... سورة التوبة
، وهذا بيان لفضل الصحابة الكرام من المهاجرين، الذين تركوا ديارهم وأموالهم طاعة لله، وابتغاء مرضاته، بأن لهم الدرجات العلى في الآخرة، والمنازل الرفيعة، وأنهم هم الفائزون حقاً .
--------
* قال تعالى: " وَالَّذِينَ آمَنُوا مِن بَعْدُ وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا مَعَكُمْ فَأُولَٰئِكَ مِنكُمْ "... سورة الأنفال
{فَأُولَئِكَ مِنْكُمْ} لهم ما لكم وعليهم ما عليكم فهذه الموالاة الإيمانية... تفسير السعدي
-----------------
* يقول سبحانه: " لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ۚ أُولَٰئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ "... سورة الحشر
، وهذه فضيلة للمهاجرين خاصة بأنهم ما تركوا ديارهم وأموالهم إلا نصرة لله ورسوله، وأنهم صادقون فيما أقدموا عليه وأن الله يثيبهم وينصرهم.
------------
(*) عن الأنصار
قال تعالى: " وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ ۚ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ"... سورة الحشر
وهو وصف عظيم للأنصار ممن آوى الصحابة المهاجرين حباً وكرامة، بأنهم أهل الإيمان، وأهل الفضيلة والإيثار، وأن جزاءهم هو الفلاح في الدنيا بالعيش الكريم، وفي الآخرة النجاة من النار ودخول الجنة والخلود في نعيمها .
---------
(*) عن الصحابة الذين بايعوا النبي صلى الله عليه وسلم في بيعة الرضوان
قال تعالى: " لَّقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا " ... سورة الفتح
وهذا بيان يؤكد إنعام من الله سبحانه عن الصحابة الكرام ممن بايع النبي صلى الله عليه وسلم بيعة الرضوان بالرضا، فقد علم صدق قلوبهم، وثباتها على الإيمان فأثابهم على صبرهم
---------
(*) عن شهداء أُحد رضي الله عنهم أجمعين
قوله تعالى :" وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا ۚ بَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ * فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِم مِّنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ * يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ "... سورة آل عمران
عن ابن عباس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لما أُصيبَ إخوانُكَ بأحدٍ ، جعل اللهُ أرواحَهم في جوفِ طيرٍ خضرٍ ترِدُ أنهارَ الجنةِ ، تأكلُ من ثمارِها ، وتأوي إلى قناديلَ من ذهبٍ ، معلَّقَةٍ في ظِلِّ العرْشِ ، فلما وجَدُوا طِيبَ مأكَلِهم ومشربِهم ومَقِيلِهم ، قالوا : من يُبَلِّغُ إخوانَنا عنَّا أنَّا أحياءٌ في الجنَّةِ نرزَقُ لئلا يَزْهَدُوا في الجهادِ ولا يَتَّكِلُوا عندَ الحربِ ؟ فقال اللهُ تعالى : أنا أُبَلِّغُهُم عنكم ... صحيح الجامع للألباني
** أما الآيات التي تحدثت عن أشخاص بعينهم مثل :
(*) في الذين عُذِّبوا في الله ثم لحقوا بالمهاجرين
منهم بلال ، وصهيب ، وخباب ، وعمار ، وعابس ، وأبي جندل
قوله تعالى :" وَالَّذِينَ هَاجَرُوا فِي اللَّهِ مِن بَعْدِ مَا ظُلِمُوا لَنُبَوِّئَنَّهُمْ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً ۖ وَلَأَجْرُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ ۚ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ "... سورة النحل
* ورد عند القرطبي
" مِن بَعْدِ مَا ظُلِمُوا " أي عُذبوا في الله . نزلت في صهيب وبلال وخباب وعمار ، عذبهم أهل مكة حتى قالوا لهم ما أرادوا ، فلما خلوهم هاجروا إلى المدينة ; قاله الكلبي .
وقيل : نزلت في أبي جندل بن سهيل .
وقال قتادة : المراد أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ، ظلمهم المشركون بمكة وأخرجوهم حتى لحق طائفة منهم بالحبشة ; ثم بوأهم الله تعالى دار الهجرة وجعل لهم أنصارا من المؤمنين
* ورد عند البغوي :
نزلت في بلال ، وصهيب ، وخباب ، وعمار ، وعابس ، وجبر ، وأبي جندل بن سهيل ، أخذهم المشركون بمكة فعذبوهم .
وقال قتادة : هم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، ظلمهم أهل مكة ، وأخرجوهم من ديارهم حتى لحق طائفة منهم بالحبشة ، ثم بوأهم الله المدينة بعد ذلك فجعلها لهم دار هجرة ، وجعل لهم أنصارا من المؤمنين
---------
(*) المتخلفون عن غزوة تبوك
وهم كعب بن مالك ومرارة بن الربيع وهلال بن أمية رضي الله عنهم
أنزل الله تعالى " وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّىٰ إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَن لَّا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا ۚ إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ " ... سورة التوبة
تخلف ثلاثة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك ومنهم كعب بن مالك، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم الصحابة ألا يكلموا هؤلاء الثلاثة، وجرت ضد هؤلاء الثلاثة مقاطعة شديدة، وتغير لهم الناس، حتى تنكرت لهم الأرض، وضاقت عليهم بما رحبت، وضاقت عليهم أنفسهم، وبلغت بهم الشدة أنهم بعد أن قضوا أربعين ليلة من بداية المقاطعة أمروا أن يعتزلوا نساءهم، حتى تمت مقاطعتهم خمسون ليلة، ثم أنزل الله توبتهم: أنزل الله تعالى " وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّىٰ إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَن لَّا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا ۚ إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ " ... سورة التوبة
======================
والسلسلة القادمة بمشيئة الله هي تكملة عن الصحابة الذين اختصتهم بعض الآيات بالحديث عنهم
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق