<title>سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه في القرآن الكريم ~ أسباب نزول آيات القرآن

السبت، 8 مارس 2025

سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه في القرآن الكريم

ورد ذِكر الصحابي الجليل سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه في سبب نزول بعض أيات القرآن الكريم  في مواضع مختلفة ، وقد روى البخاري في كتاب " الأدب المفرد " في بر الوالدين عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال : " نزلت فِيَّ أربع آيات من كتاب الله عز وجل : كانت أمي حلفت ألا تأكل ولا تشرب ، حتى أفارق محمدا صلى الله عليه وسلم فأنزل الله تعالى : "وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا "، والثانية : أني كنت أخذت سيفا فأعجبني فقلت : يا رسول الله . هب لي هذا السيف ، فنزلت :"  يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَنْفَالِ  " ، والثالثة : أني كنت مرضت فأتاني رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت : يا رسول الله . إني أريد أن أقسم مالي ، أفأوصي بالنصف ؟ فقال : "لا "، فقلت : الثلث ، فسكت ، فكان الثلث بعد جائزا ، والرابعة : أني شربت الخمر مع قوم من الأنصار ، فضرب رجل منهم أنفي بلَحْيِ جمل ، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنزل الله عز وجل تحريم الخمر .



[1]


ورد ذِكر الصحابي الجليل سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه في سبب نزول الآية (8) من سورة العنكبوت ، وكذلك  في سبب نزول الآيتان ( 14 ،  15) من سورة  لقمان ، في الحث على الإحسان إلى الوالدين و طاعتهما إلا في الكفر والشرك بالله

[أولا]: الآية (8) من سورة العنكبوت 
قال تعالى :" وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا ۖ وَإِن جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا ۚ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ "

** ورد عند القرطبي :
قوله تعالى : "  وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا " نزلت في سعد بن أبي وقاص فيما روى الترمذي قال : أنزلت فيّ أربع آيات فذكر قصة ; فقالت أم سعد : أليس قد أمر الله بالبر ، والله لا أطعم طعاما ولا أشرب شرابا حتى أموت أو تكفر ; قال : فكانوا إذا أرادوا أن يطعموها شجروا فاها ، فنزلت هذه الآية : "  وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا " الآية . قال أبو عيسى : هذا حديث حسن صحيح .
* وروي عن سعد أنه قال : كنت بارا بأمي ، فأسلمتُ ، فقالت : لتدعن دينك أو لا آكل ولا أشرب حتى أموت فتعير بي ويقال يا قاتل أمه وبقيت يوما ويوما فقلت : يا أماه لو كانت لك مائة نفس فخرجت نفسا نفسا ما تركت ديني هذا ، فإن شئت فكلي وإن شئت فلا تأكلي . فلما رأت ذلك أكلت ، ونزلت : "وَإِن جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي "الآية .
* وقال ابن عباس : نزلت في عياش بن أبي ربيعة أخي أبي جهل لأمه وقد فعلت أمه مثل ذلك

** ورد في تفسير الكشاف للزمخشري :
* روي أن سعد بن أبي وقاص الزهري رضي الله عنه حين أسلم قالت أمه( وهي حمنة بنت أبي سفيان بن أمية بن عبد شمس) : يا سعد ، بلغني أنك قد صبأت ، فوالله لا يظلني سقف بيت من الضح والريح ؛ وإن الطعام والشراب علي حرام حتى تكفر بمحمد (وكان أحب ولدها إليها) ، فأبى سعد وبقيت ثلاث أيام كذلك ، فجاء سعد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وشكا إليه ، فنزلت هذه الآية والتي في لقمان والتي في الأحقاف ، فأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يداريها ويترضاها بالإحسان 
* وروي أنها نزلت في عياش بن أبي ربيعة المخزومي ، وذلك أنه هاجر مع عمر بن الخطاب رضي الله عنهما مترافقين  حتى نزلا المدينة ، فخرج أبو جهل بن هشام والحرث بن هشام (أخواه لأمه أسماء بنت مخرمة : امرأة من بني تميم من بني حنظلة) فنزلا بعياش وقالا له : إن من دين محمد صلة الأرحام وبر الوالدين ، وقد تركت أمك لا تطعم ولا تشرب ولا تأوي بيتا حتى تراك ، وهي أشد حبا لك منا فاخرج معنا ، وفتلا منه في الذروة والغارب فاستشار عمر رضي الله عنه فقال : هما يخدعانك ، ولك علي أن أقسم مالي بيني وبينك ، فما زالا به حتى أطاعهما وعصى عمر ، فقال له عمر : أما إذ عصيتني فخذ ناقتي ، فليس في الدنيا بعير يلحقها ، فإن رابك منهما ريب فارجع ، فلما انتهوا إلى البيداء قال أبو جهل : إن ناقتي قد كلت فاحملني معك . قال : نعم ، فنزل ليوطئ لنفسه وله ، فأخذاه وشداه وثاقا ، وجلده كل واحد منهما مائة جلدة ، وذهبا به إلى أمه فقالت : لا تزال في عذاب حتى ترجع عن دين محمد ، فنزلت 
===
[ثانيا] :  آيتان ( 14 ،  15) من سورة  لقمان
قال تعالى :" وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَىٰ وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ * وَإِن جَاهَدَاكَ عَلَىٰ أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا ۖ وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا ۖ وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ۚ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ "

** ورد عند القرطبي :
* الصحيح أن هاتين الآيتين نزلتا في شأن سعد بن أبي وقاص ; كما تقدم في ( العنكبوت ) ، وعليه جماعة المفسرين

** ورد في تفسير الكشاف للزمخشري :
* وروي: أنها نزلت في سعد بن أبي وقاص وأمه. وفى القصة: أنها مكثت ثلاثا لا تطعم ولا تشرب حتى شجروا فاها بعود. وروي أنه قال: لو كانت لها سبعون نفسا فخرجت، لما ارتددت إلى الكفر

=====================


[2]


ورد ذِكر الصحابي الجليل سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه في سبب نزول الآية (1) من سورة الأنفال ، عندما استفسر سعد وبعض الصحابة عن بعض الأشياء في الغنائم ، حيث لم يكن الله تعالى قد بيّن عنها وعن طريقة توزيعها قبل ذلك أي شيئ
قال تعالى :" يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنفَالِ  قُلِ الْأَنفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ  فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ  وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ"

** ورد عند القرطبي :
* عن أبي أمامة الباهلي قال : سألت عبادة بن الصامت عن الأنفال فقال : فينا معشر أصحاب بدر نزلت حين اختلفنا في النفل ، وساءت فيه أخلاقنا ، فنزعه الله من أيدينا وجعله إلى الرسول ، فقسمه رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بواء . يقول : على السواء . فكان ذلك تقوى الله وطاعة رسوله وصلاح ذات البين
* وروي في الصحيح عن سعد بن أبي وقاص قال : اغتنم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم غنيمة عظيمة ، فإذا فيها سيف ، فأخذته فأتيت به النبي صلى الله عليه وسلم فقلت : نفلني هذا السيف ، فأنا من قد علمت حاله . قال : " رُدّه من حيث أخذته " ،  فانطلقت حتى أردت أن ألقيه في القبض ، لامتني نفسي فرجعت إليه فقلت : أعطنيه . قال : فشد لي صوته :" رُدّه من حيث أخذته " ، فانطلقت حتى أردت أن ألقيه في القبض لامتني نفسي فرجعت إليه فقلت : أعطنيه ، قال : فشد لي صوته : " رُدّه من حيث أخذته " فأنزل الله يسألونك عن الأنفال . لفظ مسلم 

** ورد عند البغوي :
* روى مكحول عن أبي أمامة الباهلي قال : سألت عبادة بن الصامت عن الأنفال ، قال : فينا معشر أصحاب بدر نزلت ، حين اختلفنا في النفل وساءت فيه أخلاقنا ، فنزعه الله من أيدينا ، فجعله إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقسمه رسول الله صلى الله عليه وسلم بيننا عن بواء ( يقول على السواء ) وكان في ذلك تقوى الله وطاعة رسوله وصلاح ذات البين .
* وقال سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه : لما كان يوم بدر قتل أخي عمير ، وقتلت سعيد بن العاص بن أمية ، وأخذت سيفه ، وكان يسمى ذا الكثيفة ، فأعجبني فجئت به إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقلت : يا رسول الله إن الله قد شفى صدري من المشركين فهب لي هذا السيف . فقال : " ليس هذا لي ولا لك ، اذهب فاطرحه في القبض "، فطرحته ورجعت ، وبي ما لا يعلمه إلا الله من قتل أخي وأخذ سلاحي ، وقلت : عسى أن يعطى هذا السيف من لم يبل بلائي ، فما جاوزت إلا قليلا حتى جاءني الرسول ، وقد أنزل الله  عز وجل  :يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنفَالِ " الآية . فخفت أن يكون قد نزل فيّ شيء ، فلما انتهيت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " يا سعد إنك سألتني السيف وليس لي ، وإنه قد صار لي الآن فاذهب فخذه فهو لك " 

====================


[3]


ورد ذِكر الصحابي الجليل سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه في سبب نزول الآية  (90) من سورة المائدة في تحريم الخمر  
قال تعالى :" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ "

** ورد في  زاد المسير :
قوله تعالى: " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ  " 
في سبب نزولها: أربعة أقوال .
أحدها: أن سعد بن أبي وقاص أتى نفرا من المهاجرين والأنصار ، فأكل عندهم ، وشرب الخمر ، قبل أن تحرم ، فقال: المهاجرون خير من الأنصار ، فأخذ رجل لحي جمل فضربه ، فجدع أنفه ، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره ، فنزلت هذه الآية ، رواه مصعب بن سعد عن أبيه .
* وقال سعيد بن جبير: صنع رجل من الأنصار صنيعا ، فدعا سعد بن أبي وقاص ، فلما أخذت فيهم الخمرة افتخروا واستبوا ، فقام الأنصاري إلى لحي بعير ، فضرب به رأس سعد ، فإذا الدم على وجهه ، فذهب سعد يشكو إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فنزل تحريم الخمر في قوله:" إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ " إلى قوله: "  تُفْلِحُونَ " 
والثاني: أن عمر بن الخطاب قال: اللهم بين لنا في الخمر بيانا شافيا ، فنزلت التي في (البقرة) فقال: اللهم بين لنا في الخمر بيانا شافيا ، فنزلت التي في (النساء) " لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى " النساء ، فقال: اللهم بين لنا في الخمر بيانا شافيا ، فنزلت هذه الآية ، رواه أبو ميسرة عن عمر .
والثالث: أن أناسا من المسلمين شربوها ، فقاتل بعضهم بعضا ، وتكلموا بما لا يرضاه الله من القول ، فنزلت هذه الآية ، رواه ابن أبي طلحة عن ابن عباس .
والرابع: أن قبيلتين من الأنصار شربوا ، فلما ثملوا عبث بعضهم ببعض ، فلما صحوا جعل الرجل يرى الأثر بوجهه وبرأسه وبلحيته ، فيقول: صنع بي هذا أخي فلان!! والله لو كان بي رؤوفا ما صنع بي هذا ، حتى وقعت في قلوبهم الضغائن ، وكانوا إخوة ليس في قلوبهم ضغائن ، فنزلت هذه الآية ، رواه سعيد بن جبير عن ابن عباس 

** ورد في التحرير والتنوير :
* المشهور أن الخمر حرمت سنة ثلاث من الهجرة بعد وقعة أحد ، فتكون هذه الآية نزلت قبل سورة العقود ، ووضعت بعد ذلك في موضعها هنا ، وروي أن هذه الآية نزلت بسبب ملاحاة جرت بين سعد بن أبي وقاص ورجل من الأنصار . 
روى مسلم عن سعد بن أبي وقاص قال : أتيت على نفر من الأنصار ، فقالوا : تعال نطعمك ونسقك خمرا وذلك قبل أن تحرم الخمر فأتيتهم في حش ، وإذا رأس جزور مشوي وزق من خمر ، فأكلت وشربت معهم ، فذكرت الأنصار والمهاجرين عندهم ، فقلت : المهاجرون خير من الأنصار ، فأخذ رجل من الأنصار لحي جمل فضربني به فجرح بأنفي فأتيت رسول الله فأخبرته ، فأنزل الله تعالى فيّ " إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ " 


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق