ورد ذِكر الصحابي الجليل سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه في سبب نزول بعض أيات القرآن الكريم في مواضع مختلفة ، وقد روى البخاري في كتاب " الأدب المفرد " في بر الوالدين عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال : " نزلت فِيَّ أربع آيات من كتاب الله عز وجل : كانت أمي حلفت ألا تأكل ولا تشرب ، حتى أفارق محمدا صلى الله عليه وسلم فأنزل الله تعالى : "وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا "، والثانية : أني كنت أخذت سيفا فأعجبني فقلت : يا رسول الله . هب لي هذا السيف ، فنزلت :" يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَنْفَالِ " ، والثالثة : أني كنت مرضت فأتاني رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت : يا رسول الله . إني أريد أن أقسم مالي ، أفأوصي بالنصف ؟ فقال : "لا "، فقلت : الثلث ، فسكت ، فكان الثلث بعد جائزا ، والرابعة : أني شربت الخمر مع قوم من الأنصار ، فضرب رجل منهم أنفي بلَحْيِ جمل ، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنزل الله عز وجل تحريم الخمر .
السبت، 8 مارس 2025
سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه في القرآن الكريم
[1]
ورد ذِكر الصحابي الجليل سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه في سبب نزول الآية (8) من سورة العنكبوت ، وكذلك في سبب نزول الآيتان ( 14 ، 15) من سورة لقمان ، في الحث على الإحسان إلى الوالدين و طاعتهما إلا في الكفر والشرك بالله
[أولا]: الآية (8) من سورة العنكبوت
قال تعالى :" وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا ۖ وَإِن جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا ۚ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ "
** ورد عند القرطبي :
قوله تعالى : " وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا " نزلت في سعد بن أبي وقاص فيما روى الترمذي قال : أنزلت فيّ أربع آيات فذكر قصة ; فقالت أم سعد : أليس قد أمر الله بالبر ، والله لا أطعم طعاما ولا أشرب شرابا حتى أموت أو تكفر ; قال : فكانوا إذا أرادوا أن يطعموها شجروا فاها ، فنزلت هذه الآية : " وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا " الآية . قال أبو عيسى : هذا حديث حسن صحيح .
* وروي عن سعد أنه قال : كنت بارا بأمي ، فأسلمتُ ، فقالت : لتدعن دينك أو لا آكل ولا أشرب حتى أموت فتعير بي ويقال يا قاتل أمه وبقيت يوما ويوما فقلت : يا أماه لو كانت لك مائة نفس فخرجت نفسا نفسا ما تركت ديني هذا ، فإن شئت فكلي وإن شئت فلا تأكلي . فلما رأت ذلك أكلت ، ونزلت : "وَإِن جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي "الآية .
* وقال ابن عباس : نزلت في عياش بن أبي ربيعة أخي أبي جهل لأمه وقد فعلت أمه مثل ذلك
** ورد في تفسير الكشاف للزمخشري :
* روي أن سعد بن أبي وقاص الزهري رضي الله عنه حين أسلم قالت أمه( وهي حمنة بنت أبي سفيان بن أمية بن عبد شمس) : يا سعد ، بلغني أنك قد صبأت ، فوالله لا يظلني سقف بيت من الضح والريح ؛ وإن الطعام والشراب علي حرام حتى تكفر بمحمد (وكان أحب ولدها إليها) ، فأبى سعد وبقيت ثلاث أيام كذلك ، فجاء سعد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وشكا إليه ، فنزلت هذه الآية والتي في لقمان والتي في الأحقاف ، فأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يداريها ويترضاها بالإحسان
* وروي أنها نزلت في عياش بن أبي ربيعة المخزومي ، وذلك أنه هاجر مع عمر بن الخطاب رضي الله عنهما مترافقين حتى نزلا المدينة ، فخرج أبو جهل بن هشام والحرث بن هشام (أخواه لأمه أسماء بنت مخرمة : امرأة من بني تميم من بني حنظلة) فنزلا بعياش وقالا له : إن من دين محمد صلة الأرحام وبر الوالدين ، وقد تركت أمك لا تطعم ولا تشرب ولا تأوي بيتا حتى تراك ، وهي أشد حبا لك منا فاخرج معنا ، وفتلا منه في الذروة والغارب فاستشار عمر رضي الله عنه فقال : هما يخدعانك ، ولك علي أن أقسم مالي بيني وبينك ، فما زالا به حتى أطاعهما وعصى عمر ، فقال له عمر : أما إذ عصيتني فخذ ناقتي ، فليس في الدنيا بعير يلحقها ، فإن رابك منهما ريب فارجع ، فلما انتهوا إلى البيداء قال أبو جهل : إن ناقتي قد كلت فاحملني معك . قال : نعم ، فنزل ليوطئ لنفسه وله ، فأخذاه وشداه وثاقا ، وجلده كل واحد منهما مائة جلدة ، وذهبا به إلى أمه فقالت : لا تزال في عذاب حتى ترجع عن دين محمد ، فنزلت
===
[ثانيا] : آيتان ( 14 ، 15) من سورة لقمان
قال تعالى :" وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَىٰ وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ * وَإِن جَاهَدَاكَ عَلَىٰ أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا ۖ وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا ۖ وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ۚ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ "
** ورد عند القرطبي :
* الصحيح أن هاتين الآيتين نزلتا في شأن سعد بن أبي وقاص ; كما تقدم في ( العنكبوت ) ، وعليه جماعة المفسرين
** ورد في تفسير الكشاف للزمخشري :
* وروي: أنها نزلت في سعد بن أبي وقاص وأمه. وفى القصة: أنها مكثت ثلاثا لا تطعم ولا تشرب حتى شجروا فاها بعود. وروي أنه قال: لو كانت لها سبعون نفسا فخرجت، لما ارتددت إلى الكفر
=====================
[2]
ورد ذِكر الصحابي الجليل سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه في سبب نزول الآية (1) من سورة الأنفال ، عندما استفسر سعد وبعض الصحابة عن بعض الأشياء في الغنائم ، حيث لم يكن الله تعالى قد بيّن عنها وعن طريقة توزيعها قبل ذلك أي شيئ
قال تعالى :" يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنفَالِ قُلِ الْأَنفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ"
** ورد عند القرطبي :
* عن أبي أمامة الباهلي قال : سألت عبادة بن الصامت عن الأنفال فقال : فينا معشر أصحاب بدر نزلت حين اختلفنا في النفل ، وساءت فيه أخلاقنا ، فنزعه الله من أيدينا وجعله إلى الرسول ، فقسمه رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بواء . يقول : على السواء . فكان ذلك تقوى الله وطاعة رسوله وصلاح ذات البين
* وروي في الصحيح عن سعد بن أبي وقاص قال : اغتنم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم غنيمة عظيمة ، فإذا فيها سيف ، فأخذته فأتيت به النبي صلى الله عليه وسلم فقلت : نفلني هذا السيف ، فأنا من قد علمت حاله . قال : " رُدّه من حيث أخذته " ، فانطلقت حتى أردت أن ألقيه في القبض ، لامتني نفسي فرجعت إليه فقلت : أعطنيه . قال : فشد لي صوته :" رُدّه من حيث أخذته " ، فانطلقت حتى أردت أن ألقيه في القبض لامتني نفسي فرجعت إليه فقلت : أعطنيه ، قال : فشد لي صوته : " رُدّه من حيث أخذته " فأنزل الله يسألونك عن الأنفال . لفظ مسلم
** ورد عند البغوي :
* روى مكحول عن أبي أمامة الباهلي قال : سألت عبادة بن الصامت عن الأنفال ، قال : فينا معشر أصحاب بدر نزلت ، حين اختلفنا في النفل وساءت فيه أخلاقنا ، فنزعه الله من أيدينا ، فجعله إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقسمه رسول الله صلى الله عليه وسلم بيننا عن بواء ( يقول على السواء ) وكان في ذلك تقوى الله وطاعة رسوله وصلاح ذات البين .
* وقال سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه : لما كان يوم بدر قتل أخي عمير ، وقتلت سعيد بن العاص بن أمية ، وأخذت سيفه ، وكان يسمى ذا الكثيفة ، فأعجبني فجئت به إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقلت : يا رسول الله إن الله قد شفى صدري من المشركين فهب لي هذا السيف . فقال : " ليس هذا لي ولا لك ، اذهب فاطرحه في القبض "، فطرحته ورجعت ، وبي ما لا يعلمه إلا الله من قتل أخي وأخذ سلاحي ، وقلت : عسى أن يعطى هذا السيف من لم يبل بلائي ، فما جاوزت إلا قليلا حتى جاءني الرسول ، وقد أنزل الله عز وجل : " يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنفَالِ " الآية . فخفت أن يكون قد نزل فيّ شيء ، فلما انتهيت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " يا سعد إنك سألتني السيف وليس لي ، وإنه قد صار لي الآن فاذهب فخذه فهو لك "
====================
[3]
ورد ذِكر الصحابي الجليل سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه في سبب نزول الآية (90) من سورة المائدة في تحريم الخمر
قال تعالى :" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ "
** ورد في زاد المسير :
قوله تعالى: " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ "
في سبب نزولها: أربعة أقوال .
أحدها: أن سعد بن أبي وقاص أتى نفرا من المهاجرين والأنصار ، فأكل عندهم ، وشرب الخمر ، قبل أن تحرم ، فقال: المهاجرون خير من الأنصار ، فأخذ رجل لحي جمل فضربه ، فجدع أنفه ، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره ، فنزلت هذه الآية ، رواه مصعب بن سعد عن أبيه .
* وقال سعيد بن جبير: صنع رجل من الأنصار صنيعا ، فدعا سعد بن أبي وقاص ، فلما أخذت فيهم الخمرة افتخروا واستبوا ، فقام الأنصاري إلى لحي بعير ، فضرب به رأس سعد ، فإذا الدم على وجهه ، فذهب سعد يشكو إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فنزل تحريم الخمر في قوله:" إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ " إلى قوله: " تُفْلِحُونَ "
والثاني: أن عمر بن الخطاب قال: اللهم بين لنا في الخمر بيانا شافيا ، فنزلت التي في (البقرة) فقال: اللهم بين لنا في الخمر بيانا شافيا ، فنزلت التي في (النساء) " لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى " النساء ، فقال: اللهم بين لنا في الخمر بيانا شافيا ، فنزلت هذه الآية ، رواه أبو ميسرة عن عمر .
والثالث: أن أناسا من المسلمين شربوها ، فقاتل بعضهم بعضا ، وتكلموا بما لا يرضاه الله من القول ، فنزلت هذه الآية ، رواه ابن أبي طلحة عن ابن عباس .
والرابع: أن قبيلتين من الأنصار شربوا ، فلما ثملوا عبث بعضهم ببعض ، فلما صحوا جعل الرجل يرى الأثر بوجهه وبرأسه وبلحيته ، فيقول: صنع بي هذا أخي فلان!! والله لو كان بي رؤوفا ما صنع بي هذا ، حتى وقعت في قلوبهم الضغائن ، وكانوا إخوة ليس في قلوبهم ضغائن ، فنزلت هذه الآية ، رواه سعيد بن جبير عن ابن عباس
** ورد في التحرير والتنوير :
* المشهور أن الخمر حرمت سنة ثلاث من الهجرة بعد وقعة أحد ، فتكون هذه الآية نزلت قبل سورة العقود ، ووضعت بعد ذلك في موضعها هنا ، وروي أن هذه الآية نزلت بسبب ملاحاة جرت بين سعد بن أبي وقاص ورجل من الأنصار .
روى مسلم عن سعد بن أبي وقاص قال : أتيت على نفر من الأنصار ، فقالوا : تعال نطعمك ونسقك خمرا وذلك قبل أن تحرم الخمر فأتيتهم في حش ، وإذا رأس جزور مشوي وزق من خمر ، فأكلت وشربت معهم ، فذكرت الأنصار والمهاجرين عندهم ، فقلت : المهاجرون خير من الأنصار ، فأخذ رجل من الأنصار لحي جمل فضربني به فجرح بأنفي فأتيت رسول الله فأخبرته ، فأنزل الله تعالى فيّ " إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ "
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق