ورد ذِكر الذُّباب في القرآن الكريم مرتين في موضع واحد في سورة الحج في قوله تعالى : " يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إن الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَاباً وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئاً لا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ " سورة الحج
** وملخص ذِكرها:
اراد الله بيان صِغَر عقول عابدي الأصنام الذين جعلوها آلهة ويقدمون لها القرابين وغيره ، وهي أقل وأحقر من أن تستطيع خلق أي شيئ حتى وإن كان الذباب الصغير التافه ، بل وأكثر من ذلك هي لا تستطيع أن تسترد ما يأخذه الذباب منها
** ورد في تفسير ابن كثير:
يقول تعالى منبها على حقارة الأصنام وسخافة عقول عابديها : " يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ "أي : لما يعبده الجاهلون بالله المشركون به ، "فَاسْتَمِعُوا لَهُ " أي : أنصتوا وتفهموا ، " إن الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَاباً وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ " أي : لو اجتمع جميع ما تعبدون من الأصنام والأنداد على أن يقدروا على خلق ذباب واحد ما قدروا على ذلك . كما قال الإمام أحمد .
حدثنا أسود بن عامر ، حدثنا شريك ، عن عمارة بن القعقاع ، عن أبي زرعة ، عن أبي هريرة رفع الحديث قال : " ومن أظلم ممن خلق [ خلقا ] كخلقي؟ فليخلقوا مثل خلقي ذرة ، أو ذبابة ، أو حبة "
وأخرجه صاحبا الصحيح ، من طريق عمارة ، عن أبي زرعة ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : قال الله عز وجل : " ومن أظلم ممن ذهب يخلق كخلقي؟ فليخلقوا ذرة ، فليخلقوا شعيرة " .
ثم قال تعالى أيضا : " وَإنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئاً لا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ " أي : هم عاجزون عن خلق ذباب واحد ، بل أبلغ من ذلك عاجزون عن مقاومته والانتصار منه ، لو سلبها شيئا من الذي عليها من الطيب ، ثم أرادت أن تستنقذه منه لما قدرت على ذلك . هذا والذباب من أضعف مخلوقات الله وأحقرها ولهذا قال : " ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ "
قال ابن عباس :
الطالب : الصنم ، والمطلوب : الذباب . واختاره ابن جرير ، وهو ظاهر السياق .
وقال السدي وغيره :
الطالب : العابد ، والمطلوب : الصنم
==========================
* الحديث في البخاري
عن أبي زُرعة بن عَمرو بن جرير، أَنَّه دَخَل مع أبي هُرَيرة رضِي اللهُ عنه دَارًا بالمدِينةِ ، فرَأَى أَعْلاهَا مُصَوِّرًا لم يذكُرِ اسمَه، وكان هذا الشَّخصُ يُصَوِّرُ( أي: يرسُمُ أو يصنعُ صُوَرًا على الحيطانِ أو غيرِها من أشكالِ التصويرِ) ، فقال أبو هُريرة رضي اللهُ عنه: سَمِعْتُ رسول الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ذَكَر عنِ اللهِ تعالَى أنَّه قال:" وَمَن أظْلَمُ مِمَّنْ ذَهَبَ يَخْلُقُ كَخَلْقِي، فَلْيَخْلُقُوا حَبَّةً، ولْيَخْلُقُوا ذَرَّةً " . ثُمَّ دَعا بتَوْرٍ مِن ماءٍ، فَغَسَلَ يَدَيْهِ حتَّى بَلَغَ إبْطَهُ، فَقُلتُ: يا أبا هُرَيْرَةَ، أشَيءٌ سَمِعْتَهُ مِن رَسولِ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم؟ قالَ: مُنْتَهَى الحِلْيَةِ ... رواه البخاري
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق