قوله تعالى: "وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا لَوْلَا نُزِّلَتْ سُورَةٌ فَإِذَا أُنزِلَتْ سُورَةٌ مُّحْكَمَةٌ وَذُكِرَ فِيهَا الْقِتَالُ رَأَيْتَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ يَنظُرُونَ إِلَيْكَ نَظَرَ الْمَغْشِيِّ عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ ... "
(*) قال المفسرون: سألوا ربهم أن ينزل سورة فيها ثواب القتال في سبيل الله ، اشتياقا منهم إلى الوحي وحرصا على الجهاد، فقالوا: "لَوْلَا" أي: هلا; وكان أبو مالك الأشجعي يقول: "لا" هاهنا صلة، فالمعنى: لو أنزلت سورة، شوقا منهم إلى الزيادة في العلم، ورغبة في الثواب والأجر بالاستكثار من الفرائض
(*) في معنى "مُحكَمة" ثلاثة أقوال:
أحدها: أنها التي يُذْكَر فيها القتال، قاله قتادة.
والثاني: أنها التي يُذْكَر فيها الحلال والحرام.
والثالث: التي لا منسوخ فيها، حكاهما أبو سليمان الدمشقي.
ومعنى قوله: "وَذُكِرَ فِيهَا الْقِتالُ" أي: فُرِضَ فيها الجهاد. وفي المراد بالمرض قولان:
أحدهما: النفاق، قاله ابن عباس، والحسن، ومجاهد، والجمهور.
والثاني: الشكّ، قاله مقاتل.
(*) قوله تعالى: يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ أي: يَشْخَصون نحوك بأبصارهم ينظرون نظراً شديداً كما ينظُر الشاخص ببصره عند الموت، لأنهم يكرهون القتال، ويخافون إِن قعدوا أن يتبيَّن نفاقُهم
** ورد في فتح القدير للشوكاني:
قوله تعالى: "وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا لَوْلَا نُزِّلَتْ سُورَةٌ فَإِذَا أُنزِلَتْ سُورَةٌ مُّحْكَمَةٌ وَذُكِرَ فِيهَا الْقِتَالُ رَأَيْتَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ يَنظُرُونَ إِلَيْكَ نَظَرَ الْمَغْشِيِّ عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ ... "
(*) سأل المؤمنون ربهم عز وجل أن ينزل على رسوله صلى الله عليه وسلم سورة يأمرهم فيها بقتال الكفار حرصا منهم على الجهاد، ونيل ما أعد الله للمجاهدين من جزيل الثواب، فحكى الله عنهم ذلك بقوله: " وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا لَوْلَا نُزِّلَتْ سُورَةٌ " أي: هلا نزلت ، " فَإِذَا أُنزِلَتْ سُورَةٌ مُّحْكَمَةٌ " أي: غير منسوخة وذكر فيها القتال أي: فرض الجهاد. قال قتادة: كل سورة ذكر فيها الجهاد فهي محكمة، وهي أشد القرآن على المنافقين
(*) " رَأَيْتَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ" أي: شك، وهم المنافقون ، " يَنظُرُونَ إِلَيْكَ نَظَرَ الْمَغْشِيِّ عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ" أي: ينظرون إليك نظر من شخص بصره عند الموت لجبنهم عن القتال وميلهم إلى الكفار ، قال ابن قتيبة والزجاج: يريد أنهم يشخصون نحوك بأبصارهم، وينظرون إليك نظرا شديدا، كما ينظر الشاخص بصره عند الموت
** ورد في تفسير الماوردي:
قوله تعالى: "وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا لَوْلَا نُزِّلَتْ سُورَةٌ فَإِذَا أُنزِلَتْ سُورَةٌ مُّحْكَمَةٌ وَذُكِرَ فِيهَا الْقِتَالُ رَأَيْتَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ يَنظُرُونَ إِلَيْكَ نَظَرَ الْمَغْشِيِّ عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ ... "
(*) قوله عز وجل: "وَيَقُولُ الَّذِينَءَامَنُواْ لَوْلاَ نُزَّلِتْ سُورَةٌ " كان المؤمنون إذا تأخر نزول القرآن اشتاقوا إليه وتمنوه ليعلموا أوامر الله وتعبده لهم.
(*) في السورة المحكمة قولان:
أحدهما: أنها التي يذكر فيها الحلال والحرام، قاله ابن زياد النقاش.
الثاني: أنها التي يذكر فيها القتال: وهي أشد القرآن على المنافقين , قاله قتادة.
ويحتمل: ثالثاً: أنها التي تضمنت نصوصاً لم يتعقبها ناسخ ولم يختلف فيها تأويل
* "رَأَيْتَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَّرَضٌ" هم المنافقون , لأن قلوبهم كالمريضة بالشك. فإذا أنزلت السورة المحكمة سُرّ بِها المؤمنون وسارعوا إلى العمل بما فيها , واغتم المنافقون ونظروا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. "نَظَرَ الْمَغْشِّيِّ عَلَيْهِ مِنَ الْمَوتِ" غماً بها وفزعاً منها.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق