** ورد عند الواحدي
قوله تعالى :" وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتاً ... " الآية
(*) عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" لمَّا أُصيبَ إخوانُكم بأُحُدٍ جعلَ اللَّهُ أرواحَهم في أجوافِ طَيرٍ خُضرٍ ترِدُ من أنهارِ الجنَّةِ وتأكلُ من ثمارِها وتأوي إلى قناديلَ من ذهبٍ معلقةٍ في ظلِّ العرشِ فلمَّا وجدوا طيبَ مأكلِهم ومشربِهم ومقيلِهم فقالوا من يبلِّغُ إخوانَنا عنَّا أنَّا أحياءٌ في الجنَّةِ نُرزَقُ؟ لئلا يزهَدوا في الجهادِ وينكلوا عن الحربِ فقال اللَّهُ عزَّ وجلَّ أنا أُبلِغُهم عنكم " ، فأنزل الله تعالى : " وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ " . رواه الحاكم أبو عبد الله في صحيحه من طريق عثمان بن أبي شيبة .
(*) عن موسى بن إبراهيم بن بشير الفاكه الأنصاري أنه سمع طلحة بن خراش قال : سمعت جابر بن عبد الله قال : نظر إليَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : "ما لي أراك مُهْتمّا ؟" قلت : يا رسول الله ، قُتِل أَبِي وترك دَيْنا وعِيالا ، فقال : "ألا أخبرك ما كلَّمَ اللَّهُ أحدًا قطُّ إلَّا من وراءِ حجابٍ ، وإنه كلم أباكَ كِفاحًا ، فقالَ : يا عَبدي سلني أعطك ، قال : أسألك أن تردني إلى الدنيا فأُقتَلُ فيكَ ثانيةً ، فقال : إنَّهُ سبقَ منِّي أنَّهم إليها لا يُرجعونَ . قالَ : يا ربِّ ! فأبلِغْ مَن ورائي" . فأنزل الله تعالى : " وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ .. " الآية .
(*)عن سعيد بن جبير : "وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ ..." قال : لمّا أُصيب حمزة بن عبد المطلب ، ومُصعب بن عمير يوم أُحُد ، ورأوا ما رزقوا من الخير ، قالوا : ليت إخواننا يعلمون ما أصابنا من الخير كي يزدادوا في الجهاد رغبة ، فقال الله تعالى : أنا أبلغهم عنكم ، فأنزل الله تعالى : " وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ " إلى قوله : " لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ " .
(*) وقال أبو الضحى : نزلت هذه الآية في أهل أُحُد خاصة .
(*) وقال جماعة من أهل التفسير : نزلت الآية في شهداء بئر معونة . وقصتهم مشهورة ذكرها محمد بن إسحاق بن يسار في المغازي .
(*) وقال آخرون : إن أولياء الشهداء كانوا إذا أصابتهم نعمة أو سرور تحسروا وقالوا : نحن في النعمة والسرور وآباؤنا وأبناؤنا وإخواننا في القبور ، فأنزل الله تعالى هذه الآية تنفيسا عنهم ،وإخبارا عن حال قتلاهم.
**وورد عند القرطبي
قوله تعالى : " وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ ، فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلاَّ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ ، يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ "
(*) قوله تعالى : " وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ "
الآية في شهداء أحد. وقيل : نزلت في شهداء بئر معونة. وقيل : بل هي عامة في جميع الشهداء.
(*) وفي مصنف أبي داود بإسناد صحيح عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :"لمَّا أصيبَ إخوانُكُم بأُحُدٍ جعلَ اللَّهُ أرواحَهُم في جوفِ طيرٍ خُضرٍ، تردُ أنهارَ الجنَّةِ، تأكلُ من ثمارِها، وتأوي إلى قَناديلَ من ذَهَبٍ معلَّقةٍ في ظلِّ العَرشِ، فلمَّا وجدوا طيبَ مأكلِهِم، ومشربِهِم، ومقيلِهِم، قالوا: من يبلِّغُ إخوانَنا عنَّا، أنَّا أحياءٌ في الجنَّةِ نُرزقُ لئلَّا يزهَدوا في الجِهادِ، ولا ينكُلوا عندَ الحربِ، فقالَ اللَّهُ سبحانَهُ: أَنا أبلِّغُهُم عنكُم" . قال فأنزل الله " وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتاً " إلى آخر الآيات.
(*) وروى بقّي بن مخلد عن جابر قال : لقيني رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : "يا جابر ما لي أراك منكسا مهتما" ؟ قلت : يا رسول الله ، استشهد أبي وترك عيالا وعليه دَيْن ؛ فقال : "أَلَا أُبَشِّرُك بما لَقِي اللهُ به أباك ! ما كلم اللهُ أحدًا قَطُّ إلا من وراءِ حجابٍ ، وكلم أباك كِفَاحًا ، فقال : يا عبدي تَمَنَّ عَلَيَّ أُعْطِكَ ، قال : يا ربِّ تُحْيِينِي فأُقْتَلُ فيك ثانيةً ، فقال الربُّ تبارك وتعالى : إنه سَبَق مِنِّي أنهم إليها لا يُرْجَعون . قال : يا ربِّ فأَبْلِغْ مَن ورائي" فأنزل الله عز وجل " وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ .." الآية. أخرجه ابن ماجه في سننه ، والترمذي في جامعه وقال : هذا حديث حسن غريب.
(*) وروى وكيع عن سالم بن الأفطس عن سعيد بن جبير " وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ .." قال : لما أصيب حمزة بن عبدالمطلب ومصعب بن عمير ورأوا ما رزقوا من الخير قالوا : ليت إخواننا يعلمون ما أصابنا من الخير كي يزدادوا في الجهاد رغبة ؛ فقال الله تعالى أنا أبلغهم عنكم ، فأنزل الله تعالى : " وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتاً " إلى قوله : "لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ" .
(*) وقال أبو الضحى : نزلت هذه الآية في أهل أُحُد خاصة.
(*) وقال بعضهم : نزلت في شهداء بدر وكانوا أربعة عشر رجلا ؛ ثمانية من الأنصار ، وستة من المهاجرين.
(*) وقيل : نزلت في شهداء بئر معونة ، وقصتهم مشهورة ذكرها محمد بن إسحاق وغيره.
(*) وقال آخرون : إن أولياء الشهداء كانوا إذا أصابتهم نعمة وسرور تحسَّروا وقالوا : نحن في النعمة والسرور ، وآباؤنا وأبناؤنا وإخواننا في القبور. فأنزل الله تعالى هذه الآية تنفيسا عنهم وإخبارا عن حال قتلاهم.
قلت : وبالجملة وإن كان يحتمل أن يكون النزول بسبب المجموع فقد أخبر الله تعالى فيها عن الشهداء أنهم أحياء في الجنة يرزقون ، ولا محالة أنهم ماتوا وأن أجسادهم في التراب ، وأرواحهم حية كأرواح سائر المؤمنين ، وفضلوا بالرزق في الجنة من وقت القتل حتى كأن حياة الدنيا دائمة لهم.
** ورد عند ابن الجوزي
قوله تعالى : " وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ "
(*) واختلفوا فيمن نزلت على ثلاثة أقوال :
* أحدها: أنها نزلت في شهداء أحد ، روى ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "لما أصيب إخوانكم بأُحُدٍ ، جعل الله أرواحهم في أجواف طير خضر ، ترد أنهار الجنة ، وتأكل من ثمارها ، وتأوي إلى قناديل من ذهب معلقة في ظل العرش ، فلما وجدوا طيب مأكلهم ومشربهم ، وحسن مقيلهم ، قالوا: ليت إخواننا يعلمون بما صنع الله لنا ، لئلا يزهدوا في الجهاد ولا ينكلوا عن الحرب قال الله تعالى: أنا أبلغهم عنكم "، فأنزل الله تعالى هذه الآية ، وهذا قول سعيد بن جبير ، وأبي الضحى .
* والثاني: أنها نزلت في شهداء بدر لما أفضوا إلى كرامة الله تعالى وقالوا: ربنا أعلِم إخواننا ، فنزلت هذه الآية والتي بعدها ، رواه سعيد بن جبير عن ابن عباس ، وهو قول مقاتل .
* والثالث: أنها نزلت في شهداء بئر معونة . روى محمد بن إسحاق عن أشياخ له ، أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث المنذر بن عمرو في سبعين رجلا من خيار المسلمين إلى أهل نجد ، فلما نزلوا بئر معونة ، خرج حرام بن ملحان إلى عامر بن الطفيل بكتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلم ينظر فيه عامر ، وخرج رجل من كسر البيت برمح ، فضرب به في جنب حرام حتى خرج من الشق الآخر ، فقال: الله أكبر ، فزت ورب الكعبة ، وقتل سائر أصحابه غير واحد منهم ، قال أنس بن مالك: فأنزل الله تعالى فيهم: "بلغوا قومنا عنا أنا قد لقينا ربنا ، فرضي عنا ورضينا عنه" ثم رفعت ، فنزلت هذه الآية: " وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ" .
(*) واختلفوا في سبب نزولها على ثلاثة أقوال :
* أحدها: أن الشهداء بعد استشهادهم سألوا الله أن يخبر إخوانهم بمصيرهم ، وقد ذكرناه عن ابن عباس .
* والثاني: أن رجلا قال: يا ليتنا نعلم ما لقي إخواننا الذين استشهدوا ، فنزلت ، قاله مقاتل.
* والثالث: أن أولياء الشهداء كانوا إذا أصابتهم نعمة أو سرور ، تحسروا ، وقالوا: نحن في النعمة والسرور ، وآباؤنا ، وأبناؤنا ، وإخواننا ، في القبور ، فنزلت هذه الآية ، ذكره علي بن أحمد النيسابوري
قوله تعالى :" وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتاً ... " الآية
(*) عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" لمَّا أُصيبَ إخوانُكم بأُحُدٍ جعلَ اللَّهُ أرواحَهم في أجوافِ طَيرٍ خُضرٍ ترِدُ من أنهارِ الجنَّةِ وتأكلُ من ثمارِها وتأوي إلى قناديلَ من ذهبٍ معلقةٍ في ظلِّ العرشِ فلمَّا وجدوا طيبَ مأكلِهم ومشربِهم ومقيلِهم فقالوا من يبلِّغُ إخوانَنا عنَّا أنَّا أحياءٌ في الجنَّةِ نُرزَقُ؟ لئلا يزهَدوا في الجهادِ وينكلوا عن الحربِ فقال اللَّهُ عزَّ وجلَّ أنا أُبلِغُهم عنكم " ، فأنزل الله تعالى : " وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ " . رواه الحاكم أبو عبد الله في صحيحه من طريق عثمان بن أبي شيبة .
(*) عن موسى بن إبراهيم بن بشير الفاكه الأنصاري أنه سمع طلحة بن خراش قال : سمعت جابر بن عبد الله قال : نظر إليَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : "ما لي أراك مُهْتمّا ؟" قلت : يا رسول الله ، قُتِل أَبِي وترك دَيْنا وعِيالا ، فقال : "ألا أخبرك ما كلَّمَ اللَّهُ أحدًا قطُّ إلَّا من وراءِ حجابٍ ، وإنه كلم أباكَ كِفاحًا ، فقالَ : يا عَبدي سلني أعطك ، قال : أسألك أن تردني إلى الدنيا فأُقتَلُ فيكَ ثانيةً ، فقال : إنَّهُ سبقَ منِّي أنَّهم إليها لا يُرجعونَ . قالَ : يا ربِّ ! فأبلِغْ مَن ورائي" . فأنزل الله تعالى : " وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ .. " الآية .
(*)عن سعيد بن جبير : "وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ ..." قال : لمّا أُصيب حمزة بن عبد المطلب ، ومُصعب بن عمير يوم أُحُد ، ورأوا ما رزقوا من الخير ، قالوا : ليت إخواننا يعلمون ما أصابنا من الخير كي يزدادوا في الجهاد رغبة ، فقال الله تعالى : أنا أبلغهم عنكم ، فأنزل الله تعالى : " وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ " إلى قوله : " لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ " .
(*) وقال أبو الضحى : نزلت هذه الآية في أهل أُحُد خاصة .
(*) وقال جماعة من أهل التفسير : نزلت الآية في شهداء بئر معونة . وقصتهم مشهورة ذكرها محمد بن إسحاق بن يسار في المغازي .
(*) وقال آخرون : إن أولياء الشهداء كانوا إذا أصابتهم نعمة أو سرور تحسروا وقالوا : نحن في النعمة والسرور وآباؤنا وأبناؤنا وإخواننا في القبور ، فأنزل الله تعالى هذه الآية تنفيسا عنهم ،وإخبارا عن حال قتلاهم.
**وورد عند القرطبي
قوله تعالى : " وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ ، فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلاَّ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ ، يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ "
(*) قوله تعالى : " وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ "
الآية في شهداء أحد. وقيل : نزلت في شهداء بئر معونة. وقيل : بل هي عامة في جميع الشهداء.
(*) وفي مصنف أبي داود بإسناد صحيح عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :"لمَّا أصيبَ إخوانُكُم بأُحُدٍ جعلَ اللَّهُ أرواحَهُم في جوفِ طيرٍ خُضرٍ، تردُ أنهارَ الجنَّةِ، تأكلُ من ثمارِها، وتأوي إلى قَناديلَ من ذَهَبٍ معلَّقةٍ في ظلِّ العَرشِ، فلمَّا وجدوا طيبَ مأكلِهِم، ومشربِهِم، ومقيلِهِم، قالوا: من يبلِّغُ إخوانَنا عنَّا، أنَّا أحياءٌ في الجنَّةِ نُرزقُ لئلَّا يزهَدوا في الجِهادِ، ولا ينكُلوا عندَ الحربِ، فقالَ اللَّهُ سبحانَهُ: أَنا أبلِّغُهُم عنكُم" . قال فأنزل الله " وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتاً " إلى آخر الآيات.
(*) وروى بقّي بن مخلد عن جابر قال : لقيني رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : "يا جابر ما لي أراك منكسا مهتما" ؟ قلت : يا رسول الله ، استشهد أبي وترك عيالا وعليه دَيْن ؛ فقال : "أَلَا أُبَشِّرُك بما لَقِي اللهُ به أباك ! ما كلم اللهُ أحدًا قَطُّ إلا من وراءِ حجابٍ ، وكلم أباك كِفَاحًا ، فقال : يا عبدي تَمَنَّ عَلَيَّ أُعْطِكَ ، قال : يا ربِّ تُحْيِينِي فأُقْتَلُ فيك ثانيةً ، فقال الربُّ تبارك وتعالى : إنه سَبَق مِنِّي أنهم إليها لا يُرْجَعون . قال : يا ربِّ فأَبْلِغْ مَن ورائي" فأنزل الله عز وجل " وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ .." الآية. أخرجه ابن ماجه في سننه ، والترمذي في جامعه وقال : هذا حديث حسن غريب.
(*) وروى وكيع عن سالم بن الأفطس عن سعيد بن جبير " وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ .." قال : لما أصيب حمزة بن عبدالمطلب ومصعب بن عمير ورأوا ما رزقوا من الخير قالوا : ليت إخواننا يعلمون ما أصابنا من الخير كي يزدادوا في الجهاد رغبة ؛ فقال الله تعالى أنا أبلغهم عنكم ، فأنزل الله تعالى : " وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتاً " إلى قوله : "لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ" .
(*) وقال أبو الضحى : نزلت هذه الآية في أهل أُحُد خاصة.
(*) وقال بعضهم : نزلت في شهداء بدر وكانوا أربعة عشر رجلا ؛ ثمانية من الأنصار ، وستة من المهاجرين.
(*) وقيل : نزلت في شهداء بئر معونة ، وقصتهم مشهورة ذكرها محمد بن إسحاق وغيره.
(*) وقال آخرون : إن أولياء الشهداء كانوا إذا أصابتهم نعمة وسرور تحسَّروا وقالوا : نحن في النعمة والسرور ، وآباؤنا وأبناؤنا وإخواننا في القبور. فأنزل الله تعالى هذه الآية تنفيسا عنهم وإخبارا عن حال قتلاهم.
قلت : وبالجملة وإن كان يحتمل أن يكون النزول بسبب المجموع فقد أخبر الله تعالى فيها عن الشهداء أنهم أحياء في الجنة يرزقون ، ولا محالة أنهم ماتوا وأن أجسادهم في التراب ، وأرواحهم حية كأرواح سائر المؤمنين ، وفضلوا بالرزق في الجنة من وقت القتل حتى كأن حياة الدنيا دائمة لهم.
** ورد عند ابن الجوزي
قوله تعالى : " وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ "
(*) واختلفوا فيمن نزلت على ثلاثة أقوال :
* أحدها: أنها نزلت في شهداء أحد ، روى ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "لما أصيب إخوانكم بأُحُدٍ ، جعل الله أرواحهم في أجواف طير خضر ، ترد أنهار الجنة ، وتأكل من ثمارها ، وتأوي إلى قناديل من ذهب معلقة في ظل العرش ، فلما وجدوا طيب مأكلهم ومشربهم ، وحسن مقيلهم ، قالوا: ليت إخواننا يعلمون بما صنع الله لنا ، لئلا يزهدوا في الجهاد ولا ينكلوا عن الحرب قال الله تعالى: أنا أبلغهم عنكم "، فأنزل الله تعالى هذه الآية ، وهذا قول سعيد بن جبير ، وأبي الضحى .
* والثاني: أنها نزلت في شهداء بدر لما أفضوا إلى كرامة الله تعالى وقالوا: ربنا أعلِم إخواننا ، فنزلت هذه الآية والتي بعدها ، رواه سعيد بن جبير عن ابن عباس ، وهو قول مقاتل .
* والثالث: أنها نزلت في شهداء بئر معونة . روى محمد بن إسحاق عن أشياخ له ، أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث المنذر بن عمرو في سبعين رجلا من خيار المسلمين إلى أهل نجد ، فلما نزلوا بئر معونة ، خرج حرام بن ملحان إلى عامر بن الطفيل بكتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلم ينظر فيه عامر ، وخرج رجل من كسر البيت برمح ، فضرب به في جنب حرام حتى خرج من الشق الآخر ، فقال: الله أكبر ، فزت ورب الكعبة ، وقتل سائر أصحابه غير واحد منهم ، قال أنس بن مالك: فأنزل الله تعالى فيهم: "بلغوا قومنا عنا أنا قد لقينا ربنا ، فرضي عنا ورضينا عنه" ثم رفعت ، فنزلت هذه الآية: " وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ" .
(*) واختلفوا في سبب نزولها على ثلاثة أقوال :
* أحدها: أن الشهداء بعد استشهادهم سألوا الله أن يخبر إخوانهم بمصيرهم ، وقد ذكرناه عن ابن عباس .
* والثاني: أن رجلا قال: يا ليتنا نعلم ما لقي إخواننا الذين استشهدوا ، فنزلت ، قاله مقاتل.
* والثالث: أن أولياء الشهداء كانوا إذا أصابتهم نعمة أو سرور ، تحسروا ، وقالوا: نحن في النعمة والسرور ، وآباؤنا ، وأبناؤنا ، وإخواننا ، في القبور ، فنزلت هذه الآية ، ذكره علي بن أحمد النيسابوري
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق