<title>الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً ... سورة آل عمران ~ أسباب نزول آيات القرآن

الأربعاء، 20 مارس 2019

الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً ... سورة آل عمران

** ورد عند الواحدي
قوله تعالى : " الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ ..." الآية. 
(*) عن سعيد عن قتادة قال : ذاك يوم أُحُد بعد القتل والجراحة وبعدما انصرف المشركون : أبو سفيان وأصحابه ، قال نبي الله   صلى الله عليه وسلم  لأصحابه : ألا عصابة تشدد لأمر الله فتطلب عدُوَّها ، فإنه أنكى للعدو ، وأبعد للسمع ؟ فانطلق عصابة على ما يعلم الله تعالى من الجهد ، حتى إذا كانوا بذي الحُليفة جعل الأعراب والناس يأتون عليهم ، فيقولون : هذا أبو سفيان مائل عليكم بالناس ، فقالوا : حسبنا الله ونعم الوكيل ، فأنزل الله تعالى فيهم قوله:الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ " إلى قوله تعالى: " وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ "
** ورد عند القرطبي
قوله تعالى :" الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ ، فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ "
(*) اختلف في قوله تعالى : "الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ" فقال مجاهد ومقاتل وعكرمة والكلبّي : هو نعيم بن مسعود الأشجعّي. 
 وقال ابن إسحاق وجماعة : يريد الناس ركب عبد القيس ، مروا بأبي سفيان فدسهم إلى المسلمين ليثبطوهم. 
وقيل : الناس هنا المنافقون.
(*) قال مجاهد وعكرمة رحمهما الله تعالى  : إن هذه الآية من قوله : " الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ " إلى قوله : "وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ"  إنما نزلت في خروج النبّي صلى الله عليه وسلم إلى بدر الصغرى. وذلك أنه خرج لميعاد أبي سفيان في أحد ، إذ قال : موعدنا بدر من العام المقبل. فقال النبّي صلى الله عليه وسلم : "قولوا نعم" فخرج النبّي صلى الله عليه وسلم قبل بدر ، وكان بها سوق عظيم ، فأعطى رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه دراهم ؛ وقرب من بدر فجاءه نعيم بن مسعود الأشجعّي ، فأخبره أن قريشا قد اجتمعت وأقبلت لحربه هي ومن انضاف إليها ، فأشفق المسلمون من ذلك ، لكنهم قالوا : "حسبنا الله ونعم الوكيل" فصمموا حتى أتوا بدرا فلم يجدوا أَحَدًا ، ووجدوا السوق فاشتروا بدراهمهم أدما وتجارة ، وانقلبوا ولم يلقوا كيدا ، وربحوا في تجارتهم ؛ فلذلك قوله تعالى : "فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ"  
(*) قال السدي : لما تجهز النبّي صلى الله عليه وسلم وأصحابه للمسير إلى بدر الصُّغرى لميعاد أبي سفيان أتاهم المنافقون وقالوا : نحن أصحابكم الذين نهيناكم عن الخروج إليهم وعصيتمونا ، وقد قاتلوكم في دياركم وظفروا ؛ فإن أتيتموهم في ديارهم فلا يرجع منكم أحد. فقالوا : "حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ "
(*) وقال أبو معشر : دخل ناس من هذيل من أهل تهامة المدينة ، فسألهم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أبي سفيان فقالوا : " قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ" جموعا كثيرة "فَاخْشَوْهُمْ " أي فخافوهم واحذروهم ؛ فإنه لا طاقة لكم بهم. فالناس على هذه الأقوال على بابه من الجمع. والله أعلم.
** ورد عند الطبري
قوله تعالى :" الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ "
اختلف أهل التأويل في الوقت الذي قال من قال لأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم : "إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ "
(*) عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم قال : مر به (يعني برسول الله صلى الله عليه وسلم ) مَعبد الخُزاعيّ بحمراء الأسد وكانت خزاعة ، مسلمهم ومشركهم ، عيبة نصح لرسول الله صلى الله عليه وسلم بتُهامة ، صَفقتُهم معه ، لا يُخفُون عليه شيئا كان بها ، ومعبد يومئذ مشرك فقال : والله يا محمد ، أما والله لقد عزّ علينا ما أصابك في أصحابك، ولوددنا أن الله كان أعفاك فيهم! 
ثم خرج من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم بحمراء الأسد ، حتى لقي أبا سفيان بن حرب ومن معه بالرَّوحَاء ، قد أجمعوا الرجعة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه ، وقالوا : أصبنا! حد أصحابه وقادتهم وأشرافهم ، ثم نرجع قبل أن نستأصلهم؟! لِنَكُرَّنَ على بقيتهم ، فلنفرُغَنّ منهم  . 
فلما رأى أبو سفيان معبدا ، قال : ما وراءك يا معبد؟ قال : محمد ، قد خرج في أصحابه يطلبكم في جمع لم أر مثله قط ، يتَحرَّقُون عليكم تحَرُّقَاً ، قد اجتمع معه من كان تخلف عنه في يومكم ، ونَدموا على ما صنعوا ، فيهم من الحِنق عليكم شيء لم أر مثله قط! . قال : ويلك! ما تقول؟ قال : والله ما أراك ترتحل حتى ترى نواصي الخيل! قال : فوالله لقد أجمعنا الكَرَّة عليهم لنستأصل بقيَّتهم! قال : فإني أنهاك عن ذلك
* قال : فثنى ذلك أبا سفيان ومن معه . 
ومر به رَكْب من عبد القَيْس . فقال : أين تريدون؟ قالوا : نريد المدينة . قال : ولم؟ قالوا : نريد الميرة . قال : فهل  أنتم مبلغون عني محمدا رسالة أرسلكم بها ، وأُحمِّل لكم إِبِلَكُم هذه غداً زبيبا بعكاظ إذا وافيتموها؟ قالوا : نعم . قال : فإذا جئتموه فأخبروه أنَّا قد أجمعنا السير إليه وإلى أصحابه لنستأصل بقيَّتهم! فمر الركب برسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بحمراء الأسد ، فأخبروه بالذي قال أبو سفيان ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه : "حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ"
(*) عن السدي قال : لما ندموا يعني أبا سفيان وأصحابه على الرجوع عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه ، وقالوا :  ارجِعُوا فاستأصِلوهم  ، فقذف الله في قلوبهم الرُّعب فهزموا ، فلقوا أعرابيا فجعلوا له جُعلا فقالوا له : إن لقيت محمدا وأصحابه فأخبرهم أنا قد جمعنا لهم! فأخبر الله جل ثناؤه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فطلبهم حتى بلغ حمراء الأسد ، فلقوا الأعرابي في الطريق ، فأخبرهم الخبر ، فقالوا : "حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ"! ثم رجعوا من حمراء الأسد . فأنزل الله تعالى فيهم وفي الأعرابي الذي لقيهم : " الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ" .
(*) عن ابن عباس قال : استقبل أبو سفيان في مُنصرِفِه من أُحُد عِيراً واردة المدينة ببضاعة لهم ، وبينهم وبين النبي صلى الله عليه وسلم حِبال ، فقال : إن لكم عَلَيَّ رِضاكم إن أنتم رَدَدتُم عنِّي محمدا ومن معه ، إن أنتم وجدتموه في طَلَبي ، وأخبرتموه أني قد جمعت له جموعا كثيرة . 
فاستقبلت العِير رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا له : يا محمد إنا نخبرك أن أبا سفيان قد جمع لك جموعا كثيرة ، وأنه مُقبل إلى المدينة ، وإن شئت أن ترجع فافعل! فلم يزده ذلك ومن معه إلا يقينا ، وقالوا : " حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ " . فأنزل الله تبارك وتعالى : " الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ ... " الآية . 
(*) عن قتادة قال : انطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم وعصابة من أصحابه بعدما انصرف أبو سفيان وأصحابه من أُحُد خلفهم ، حتى كانوا بذي الحليفة ، فجعل الأعراب والناس يأتون عليهم فيقولون لهم : هذا أبو سفيان مائل عليكم بالناس! فقالوا : حسبنا الله ونعم الوكيل  . فأنزل الله تعالى فيهم : " الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ "
(*) قال آخرون : بل قال ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه من قال ذلك له ، في غزوة بدر الصغرى ، وذلك في مسير النبي صلى الله عليه وسلم عام قابل من وقعة أُحُد للقاء عدوه أبي سفيان وأصحابه ، للموعد الذي كان واعده الالتقاء بها . 
(*) عن مجاهد في قوله :" الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ" 
قال : هذا أبو سفيان قال لمحمد :  موعدكم بدر حيث قتلتم أصحابنا  ، فقال محمد صلى الله عليه وسلم : "عسى"! فانطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم لموعده حتى نزل بدرا ، فوافقوا السوق فيها وابتاعوا ، فذلك قوله تبارك وتعالى : "فَانقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَّمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ  " ، وهي غزوة بدر الصُّغرى . 
(*) قال ابن جريج : لمَّا عبَّى النبي صلى الله عليه وسلم لموعد أبي سفيان، فجعلوا يلقَوْن المشركين ويسألونهم عن قريش ، فيقولون :قد جمعوا لكم ! يكيدونهم بذلك ، يريدون أن يُرعِبوهم ، فيقول المؤمنون :  حسبنا الله ونعم الوكيل  ، حتى قَدِموا بَدرا ، فوجدوا أسواقها عافية لم ينازعهم فيها أحد . قال : وقدم رجل من المشركين وأخبر أهل مكة بخَيْل محمد عليه السلام ،
(*) عن عكرمة قال : كانت بَدر متجرا في الجاهلية ، فخرج ناس من المسلمين يريدونه ، ولقيهم ناس من المشركين فقالوا لهم :   إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم  ! فأما الجبان فرجع ، وأما الشجاع فأخذ الأهبة للقتال وأهبة التجارة ، وقالوا :  حسبنا الله ونعم الوكيل ! فأتوهم فلم يلقوا أَحَداً ، فأنزل الله عز وجل فيهم : "  إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ ..." 
(*) عن الشعبي ، عن عبد الله بن عمرو قال : هي كلمة إبراهيم صلى الله عليه وسلم حين أُلقِيَ في النار ، فقال : "حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ"
(*) قال أبو جعفر : وأولى القولين في ذلك بالصواب ، قول من قال : إن الذي قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه من أن " النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ" ، كان في حال خروج رسول الله صلى الله عليه وسلم وخروج من خرج معه في أَثَر أبي سفيان ومن كان معه من مشركي قريش ، منصرفهم عن أُحُد إلى حمراء الأسد " . 
لأن الله تعالى ذكره إنما مدح الذين وصفهم بقيلهم : "حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ" ، لما قيل لهم : "  الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ ... " ، بعد الذي قد كان نالهم من القروح والكلوم بقوله : " الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِن بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ ... " ، ولم تكن هذه الصفة إلا صفة من تبع رسول الله صلى الله عليه وسلم من جَرْحَى أصحابه بأُحُد إلى حمراء الأسد . 
وأما الذين خرجوا معه إلى غزوة بدر الصُّغرى ، فإنه لم يكن فيهم جريح إلا جريح قد تقادم اندمال جرحه وبرأ كلمه . وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما خرج إلى بدر الخرجة الثانية إليها ، لموعد أبي سفيان الذي كان واعده اللقاء بها 

هناك تعليقان (2):

  1. حسبنا الله ونعم الوكيل هىكافية شافية عافية قاطعة مانعة نافعة بأذن الله تعالى وقدرتة ولا حول ولا قوة الا بالله العلى العظيم

    ردحذف
    الردود
    1. أنعم الله عليكم بالرحمة والمغفرة بإذنه تعالى
      واشكر لكم المرور الطيب

      حذف