<title>اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ المِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِن شَجَرَةٍ مُّبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لَّا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ ولَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَار ... سورة النور ~ أسباب نزول آيات القرآن

الجمعة، 2 أغسطس 2019

اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ المِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِن شَجَرَةٍ مُّبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لَّا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ ولَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَار ... سورة النور

** ورد عند القرطبي
قوله تعالى : " اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ  الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِن شَجَرَةٍ مُّبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لَّا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُّورٌ عَلَىٰ نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَن يَشَاءُ  وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ "
 اختلف المتأولون في عود الضمير في نُورِهِ " على من يعود :
فقال كعب الأحبار ، وابن جبير : هو عائد على محمد صلى الله عليه وسلم ؛ أي مثل نور محمد صلى الله عليه وسلم  ، قال ابن الأنباري : الله نور السماوات والأرض وقف حسن ، ثم تبتدئ " مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ" على معنى نور محمد صلى الله عليه وسلم . 
وقال أبي بن كعب ، وابن جبير أيضا ، والضحاك : هو عائد على المؤمنين .
وقال الحسن : هو عائد على القرآن والإيمان . 
 قال ابن عطية : وهذه الأقوال فيها عود الضمير على من لم يجر له ذكر ، وفيها مقابلة جزء من المثال بجزء من الممثل :
# فعلى من قال : المُمثَّل به محمد صلى الله عليه وسلم ، وهو قول كعب الحبر ؛ فرسول الله صلى الله عليه وسلم هو المشكاة أو صدره ، والمصباح هو النبوة وما يتصل بها من عمله وهداه ، والزجاجة قلبه ، والشجرة المباركة هي الوحي ، والملائكة رسل الله إليه وسببه المتصل به ، والزيت هو الحجج والبراهين والآيات التي تضمنها الوحي . 
# ومن قال : المُمثَّل به المؤمن ، وهو قول أبي ؛ فالمشكاة صدره ، والمصباح الإيمان والعلم ، والزجاجة قلبه ، وزيتها هو الحجج والحكمة التي تضمنها . قال أبي : فهو على أحسن الحال يمشي في الناس كالرجل الحي يمشي في قبور الأموات
 # ومن قال : إن المُمثَّل به هو القرآن والإيمان ؛ فتقدير الكلام : مثل نوره الذي هو الإيمان في صدر المؤمن في قلبه كمشكاة ؛ أي كهذه الجملة . وهذا القول ليس في مقابلة التشبيه كالأولين ؛ لأن المشكاة ليست تقابل الإيمان .
(*) وقالت طائفة : الضمير في نُورِهِ " عائد على الله تعالى . وهذا قول ابن عباس فيما ذكر الثعلبي ، والماوردي ، والمهدوي ، وقد تقدم معناه . ولا يوقف على هذا القول على الأرض . قال المهدوي : الهاء لله  عز وجل 
 والتقدير : الله هادي أهل السماوات والأرض ، مثل هداه في قلوب المؤمنين كمشكاة ؛ وروي ذلك عن ابن عباس . 
وكذلك قال زيد بن أسلم ، والحسن : إن الهاء لله  عز وجل  ( واعتل الأولون بأن قالوا : لا يجوز أن يكون الهاء لله  عز وجل  ؛ لأن الله  عز وجل  لا حد لنوره ) 
* وقال ابن عمر : 
"المشكاة " جوف محمد صلى الله عليه وسلم ، والزجاجة قلبه 
و الْمِصْبَاحُ " النور الذي جعله الله تعالى في قلبه 
" يُوقَدُ مِن شَجَرَةٍ مُّبَارَكَةٍ " أي أن أصله من إبراهيم وهو شجرته ؛ فأوقد الله تعالى في قلب محمد صلى الله عليه وسلم النور كما جعله في قلب إبراهيم  عليه السلام  . 
وقال محمد بن كعب : 
المشكاة إبراهيم ، والزجاجة إسماعيل ، والمصباح محمد صلوات الله عليهم أجمعين ؛ سماه الله تعالى مصباحا كما سماه سراجا فقال : "وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُّنِيرًا"  
" يُوقَدُ مِن شَجَرَةٍ مُّبَارَكَةٍ "وهي آدم  عليه السلام  ، بورك في نسله وكثر منه الأنبياء والأولياء ، وقيل : هي إبراهيم  عليه السلام  ، سماه الله تعالى مباركا لأن أكثر الأنبياء كانوا من صلبه . 
" لَّا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ " أي لم يكن يهوديا ولا نصرانيا وإنما كان حنيفا مسلما . وإنما قال ذلك لأن اليهود تصلي قبل المغرب ، والنصارى تصلي قبل المشرق . يكاد زيتها يضيء أي يكاد محاسن محمد صلى الله عليه وسلم تظهر للناس قبل أن أوحى الله تعالى إليه 
"  نُّورٌ عَلَىٰ نُورٍ " نبي من نسل نبي . وقال الضحاك : شبه عبد المطلب بالمشكاة وعبد الله بالزجاجة والنبي صلى الله عليه وسلم بالمصباح كان في قلبهما ، فورث النبوة من إبراهيم . 
* قال ابن عباس : هذا مثل نور الله وهداه في قلب المؤمن كما يكاد الزيت الصافي يضيء قبل أن تمسه النار ، فإن مسته النار زاد ضوءه ، كذلك قلب المؤمن يكاد يعمل بالهدى قبل أن يأتيه العلم ، فإذا جاءه العلم زاده هدى على هدى ونورا على نور 
# ومن قال إن هذا مَثَل للقرآن في قلب المؤمن :
قال : كما أن هذا المصباح يستضاء به ولا ينقص فكذلك القرآن يهتدى به ولا ينقص ؛ فالمصباح القرآن والزجاجة قلب المؤمن والمشكاة لسانه وفهمه ، والشجرة المباركة: شجرة الوحي .
" يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ " تكاد حجج القرآن تتضح ولو لم يُقرأ .
"  نُّورٌ عَلَىٰ نُورٍ" يعني أن القرآن نور من الله تعالى لخلقه ، مع ما أقام لهم من الدلائل والإعلام قبل نزول القرآن ، فازدادوا بذلك نورا على نور . 
"  يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَن يَشَاءُ  وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ" ثم أخبر أن هذا النور المذكور عزيز وأنه لا يناله إلا من أراد الله هداه فقال : "  يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَن يَشَاءُ  وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ " أي يبين الأشباه تقريبا إلى الأفهام . والله بكل شيء عليم أي بالمهدي والضال .
 
(*)  وروي عن ابن عباس أن اليهود قالوا : يا محمد ، كيف يخلص نور الله تعالى من دون السماء ؛ فضرب الله تعالى ذلك مثلا لنوره 

** ورد عند ابن كثير

وقوله : "  مَثَلُ نُورِهِ " في هذا الضمير قولان :
أحدهما : أنه عائد إلى الله ، عز وجل ، أي : مثل هداه في قلب المؤمن ، قاله ابن عباس ( كمشكاة ) .
والثاني : أن الضمير عائد إلى المؤمن الذي دل عليه سياق الكلام : تقديره : مثل نور المؤمن الذي في قلبه ، كمشكاة . فشبه قلب المؤمن وما هو مفطور عليه من الهدى ، وما يتلقاه من القرآن المطابق لما هو مفطور عليه ، كما قال تعالى : " أَفَمَن كَانَ عَلَىٰ بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّهِ وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِّنْهُ " ، فشبه قلب المؤمن في صفائه في نفسه بالقنديل من الزجاج الشفاف الجوهري ، وما يستهديه من القرآن والشرع بالزيت الجيد الصافي المشرق المعتدل ، الذي لا كدر فيه ولا انحراف .
فقوله : " كَمِشْكَاةٍ " : قال ابن عباس ، ومجاهد ، ومحمد بن كعب ، وغير واحد : هو موضع الفتيلة من القنديل . هذا هو المشهور; ولهذا قال بعده : " فِيهَا مِصْبَاحٌ " ، وهو الذبالة التي تضيء .

(*) وقال العوفي  عن ابن عباس : في قوله : " اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ " : وذلك أن اليهود قالوا لمحمد صلى الله عليه وسلم : كيف يخلص نور الله من دون السماء؟ فضرب الله مثل ذلك لنوره ، فقال : " اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ " . والمشكاة : كوة في البيت , قال : وهو مثل ضربه الله لطاعته . فسمى الله طاعته نورا ، ثم سماها أنواعا شتى 
** ورد عند الطبري
قد اختلف أهل التأويل في المعني بالهاء في قوله: " مَثَلُ نُورِهِ " علام هي عائدة، ومن ذكر ما هي؟ 
# فقال بعضهم: هي من ذكر المؤمن. وقالوا: معنى الكلام: مثل نور المؤمن الذي في قلبه من الإيمان والقرآن مثل مشكاة.
 * عن أبي جعفر الرازي، عن أبي العالية، عن أُبيّ بن كعب " اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ مَثَلُ نُورِهِ " قال: بدأ بنور نفسه فذكره، ثم قال: " مَثَلُ نُورِهِ " يقول: مثل نور من آمن به
 وقال آخرون: بل عُني بالنور: محمد صلى الله عليه وسلم ، وقالوا: الهاء التي في قوله: " مَثَلُ نُورِهِ " عائدة على اسم الله.
# وقال آخرون: بل عني بذلك: هدي الله وبيانه، وهو القرآن، قالوا: والهاء من ذكر الله. قالوا: ومعنى الكلام: الله هادي أهل السماوات والأرض بآياته المبينات، وهي النور الذي استنار به السماوات والأرض مثل هداه وآياته التي هدى بها خلقه، ووعظهم بها في قلوب المؤمنين كمشكاة.
# وقال آخرون: بل معنى ذلك: مثل نور الله، وقالوا: يعني بالنور: الطاعة.
  
(*) عن محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: " اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ " : وذلك أن اليهود قالوا لمحمد: كيف يخلص نور الله من دون السماء؟ فضرب الله مثل ذلك لنوره، فقال: " اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ " قال: وهو مثل ضربه الله لطاعته، فسمى طاعته نورا، ثم سماها أنوارا شتى.
======
ذُبالَة : فتيلة تُشعَل للإضاءَة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق