** سورة براءة هي
(*) السورة التاسعة في ترتيب السور في المصحف الشريف
(*) سورة مدنية بالإجماع فيما عدا الآيتين الأخيرتين فإنهما نزلتا بمكة
ذكر مقاتل : سورة براءة مدنية كلها غير الآيتين الأخيرتين وهما قوله تعالى: " لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ ..." إلى آخر السورة
(*) عدد آياتها 129
(*) ذكر ابن الجوزي أن : لها تسعة أسماء :
* أحدها: سورة التوبة .
* والثاني: براءة; وهذان مشهوران بين الناس .
* والثالث: سورة العذاب ، قاله حذيفة .
* والرابع: المقشقشة لأنها تقشقش ، أي تبرئ من النفاق
[فهي إحدى السور التي سُميت بالمقشقشة : وهي سورة " قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ " وسورة " قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ " لأنهما تقشقشان من الشرك أي تبرئان منه ، و سورة براءة لأنها تقشقش، أي تبرئ من النفاق ، كذلك تُسمى المعوذتان بالمقشقشتان لأنهما تبرئان من النفاق]
* والخامس: سورة البحوث ، لأنها بحثت عن سرائر المنافقين ، قاله المقداد بن الأسود
* والسادس: الفاضحة ، لأنها فضحت المنافقين ، قاله ابن عباس .
* والسابع: المبعثرة ، لأنها بعثرت أخبار الناس ، وكشفت عن سرائرهم ، قاله الحارث بن يزيد ، وابن إسحاق .
* والثامن: المثيرة لأنها أثارت مخازي المنافقين ومثالبهم ، قاله قتادة .
* والتاسع: الحافرة ، لأنها حفرت عن قلوب المنافقين ، قاله الزجاج .
* أما القرطبي فقد ورد عنده : قال سعيد بن جبير : سألت ابن عباس رضي الله عنه عن سورة براءة فقال : تلك الفاضحة ما زال ينزل : ومنهم ومنهم حتى خفنا ألا تدع أحدا ، قال القشيري أبو نصر عبدالحميد : هذه السورة نزلت في غزوة تبوك ونزلت بعدها، وفي أولها نبذ عهود الكفار إليهم ، وفي السورة كشف أسرار المنافقين. وتسمى الفاضحة والبحوث ، لأنها تبحث عن أسرار المنافقين وتسمى المبعثرة
(*) نزلت بعد سورة المائدة
** أسباب عدم ورود البسملة في أول سورة براءة:
اختلف العلماء في تلك الأسباب مثلما أورد القرطبي في تفسيره فقال :
اختلف العلماء في سبب سقوط البسمَلَة من أول هذه السورة على أقوال خمسة :
* الأول : أنه قيل : كان من شأن العرب في زمانها في الجاهلية ، إذا كان بينهم وبين قوم عهد فإذا أرادوا نقضه كتبوا إليهم كتابا ولم يكتبوا فيه بسملة ؛ فلما نزلت سورة "بَرَاءَة" بنقض العهد الذي كان بين النبي صلى الله عليه وسلم والمشركين بعث بها النبي صلى الله عليه وسلم عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه فقرأها عليهم في الموسم ، ولم يُبَسمِل في ذلك على ما جرت به عادتهم في نقض العهد من ترك البسملة .
* الثاني : روى النسائي قال : عن يزيد الرقاشي قال : قال لنا ابن عباس : قلت لعثمان ما حملكم إلى أن عمدتم إلى " الأنْفَال " وهي من المثاني وإلى "بَرَاءَة" وهي من المِئَين فقَرَنتُم بينهما ، ولم تكتبوا سطر "بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ" ، ووضعتموها في السبع الطول فما حملكم على ذلك ؟
قال عثمان : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا نزل عليه الشيء يدعو بعض من يكتب عنده فيقول : ضعوا هذا في السورة التي فيها كذا وكذا . وتنزل عليه الآيات فيقول : ضعوا هذه الآيات في السورة التي يذكر فيها كذا وكذا . وكانت " الأنْفَال" من أوائل ما أنزل ، و "بَرَاءَة" من آخر القرآن ، وكانت قصتها شبيهة بقصتها ، وقُبِض رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يبين لنا أنها منها ؛ فظننت أنها منها ؛ فمن ثم قُرِنَت بينهما ولم أكتب بينهما سطر "بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ" . وخرجه أبو عيسى الترمذي وقال : هذا حديث حسن .
* الثالث : روي عن عثمان أيضا . وقال مالك فيما رواه ابن وهب وابن القاسم وابن عبد الحكم : إنه لما سقط أولها سقط "بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ" معه .
* الرابع : قاله خارجة وأبو عصمة وغيرهما . قالوا : لما كتبوا المصحف في خلافة عثمان اختلف أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال بعضهم : "بَرَاءَة" و"الأنْفَال" سورة واحدة . وقال بعضهم : هما سورتان . فتُرِكَت بينهما فرجة لقول من قال : إنهما سورتان وتُرِكَت "بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ" لقول من قال : هما سورة واحدة فرَضِيَ الفريقان معا وثبتت حجتهما في المصحف .
* الخامس :قال عبد الله بن عباس : سألت عليّ بن أبي طالب : لِمَ لَمْ يُكتَب في براءة "بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ" ؟ قال : لأن "بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ" أمان و "بَرَاءَة" نزلت بالسيف ليس فيها أمان . وروي معناه عن المبرد قال : ولذلك لم يجمع بينهما فإن "بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ" رحمة و "بَرَاءَة" نزلت سخطة .
ومثله عن سفيان ، قال سفيان بن عيينة : إنما لم تكتب في صدر هذه السورة "بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ" لأن التسمية رحمة ، والرحمة أمان ، وهذه السورة نزلت في المنافقين وبالسيف ؛ ولا أمان للمنافقين .
* والصحيح أن التسمية لم تكتب لأن جبريل عليه السلام ما نزل بها في هذه السورة ، قاله القشيري . وفي قول عثمان : قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يبين لنا أنها منها دليل على أن السور كلها انتظمت بقوله وتبيينه وأن "بَرَاءَة" وحدها ضمت إلى "الأنْفَال" من غير عهد من النبي صلى الله عليه وسلم لما عاجله من الحِمَام قبل تَبيِينهُ ذلك . وكانتا تدعيان القَرِينَتَيْن فوجب أن تُجمعا وتُضم إحداهما إلى الأخرى للوصف الذي لزمهما من الاقتران ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم حيّ .
** نزول سورة براءة
* ولّى أبا بَكر إقامةَ الحجِّ سنةَ تِسعٍ، وبعَثَ في إثْرِه عليًّا يَقرَأُ على الناس سورة بَراءةٌ، فقيلَ: لأنَّ أوَّلَها نزَلَ بعدَ خروج أبي بَكر إلى الحَجِّ. وقيلَ: بل لأنَّ عادة العرب كانت أنَّه لا يَحِلُّ العقود ويعقِدُها إلَّا المُطاعُ، أو رجُلٌ من أهلِ بَيتِه، وقيل: أردَفَه به عَونًا له ومُساعِدًا، ولهذا قال له الصدِّيق: أميرٌ أو مأمورٌ؟ قال: بل مَأمورٌ ... تخريج زاد المعاد لشعيب الأرناؤوط
* قال المفسرون: أخذت العرب تنقض عهودا بنتها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأمره الله تعالى بإلقاء عهودهم إليهم ، فأنزل (براءة) في سنة تسع فبعث رسول الله أبا بكر أميرا على الموسم ليقيم للناس الحج في تلك السنة ، وبعث معه صدرا من (براءة) ليقرأها على أهل الموسم ، فلما سار ، دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم عَلِيًّا ، فقال: "اخرج بهذه القصة من صدر (براءة) وأذن في الناس بذلك" فخرج عَلِيّ على ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم العضباء حتى أدرك أبا بكر ، فرجع أبو بكر فقال: يا رسول الله ، أنزل في شأني شيء؟ قال: "لا ، ولكن لا يبلغ عني إلا رجل مني أما ترضى أنك كنت صاحبي في الغار ، وأنك صاحبي على الحوض"؟ قال: بلى يا رسول الله . فسار أبو بكر أميرا على الحج ، وسار عَلِيّ ليؤذن بـ (براءة) ... زابن الجوزي
* وفي عدد الآيات التي بعثها رسول الله صلى الله عليه وسلم من أول براءة خمسة أقوال:
أحدها: أربعون آية، قاله عليٌّ عليه السلام.
والثاني: ثلاثون آية، قاله أبو هريرة.
والثالث: عشر آيات، قاله أبو صالح عن ابن عباس.
والرابع: سبع آيات، رواه ابن جريج عن عطاء.
والخامس: تسع آيات قاله مقاتل
** فضل سورة براءة
(*) عن أنس بن مالك : أنَّ أبا طلحةَ قرأَ سورةَ ( براءة ) ، فَأَتَى على هذه الآيَةِ "انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا" فقال :أَلا أَرَى ربِّي يَسْتَنفِرُنِي شَابًّا وشيخًا ؟ ! جَهِّزُونِي ، فقال لهُ بَنُوهُ : قد غزوْتَ مع رسولِ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم حتى قُبِضَ ، وغزوْتُ مع أبي بكرٍ حتى ماتَ ، وغزوْتُ مع عمرَ ، فنحنُ نَغْزُو عَنْكَ ! فقال : جَهِّزُونِي ، فَجَهَّزُوهُ ورَكِبَ البحرَ فماتَ ، فلمْ يَجِدُوا لهُ جَزِيرَةً يَدْفِنُوهُ فيها إلَّا بعدَ سبعَةِ أيامٍ ، لمْ يَتَغَيَّرْ .. صحيح الموارد للألباني
(*) عن مصعب بن سعد عن عدي بن حاتم الطائي : أتيتُ النَّبيَّ صلّى الله عليه وسلّم وفي عنقي صليبٌ من ذَهبٍ ، فقالَ:" يا عديُّ اطرح عنْكَ هذا الوثَنَ "وسمعتُهُ يقرأُ في سورةِ براءةٌ "اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ " قالَ:" أما إنَّهم لم يَكونوا يعبدونَهم ولَكنَّهم كانوا إذا أحلُّوا لَهم شيئًا استحلُّوهُ وإذا حرَّموا عليْهم شيئًا حرَّموه".. رواه الترمذي وصححه الألباني
(*) عن زيد بن ثابت قال: بُعثَ إلى أبو بَكْر الصِّدِّيقُ مقتل أَهْل اليمامة فإذا عُمر بن الخطَّاب عندَهُ فقال: إنَّ عمر بن الخطَّاب قد أتاني فقال: إنَّ القتل قد استحرَّ بقرَّاءِ القرآن يومَ اليمامة ، وإنِّي لأَخشى أن يستَحرَّ القتلُ بالقرَّاءِ في المواطنِ كُلِّها فيذهَبَ قرآنٌ كثيرٌ، وإنِّي أرى أن تَأمرَ بجمعِ القرآن ، قالَ أبو بَكْرٍ لعُمر: كيفَ أفعلُ شيئًا لم يفعَلهُ رسول اللَّهِ؟ فقال عُمر: هوَ واللَّهِ خيرٌ، فلم يزَلْ يراجعُني في ذلِكَ حتَّى شَرحَ اللَّهُ صَدري للَّذي شرحَ لَهُ صدرَ عُمرَ، ورأَيتُ فيهِ الَّذي رأى، قال زيد: قالَ أبو بَكْر: إنَّكَ شابّ عاقل لا نتَّهمُكَ، قد كنتَ تَكْتبُ لرسول اللَّه الوحيَ فتتبَّعِ القرآن ، قال: فواللَّهِ لو كلَّفوني نقلَ جَبلٍ منَ الجبالِ ما كانَ أثقلَ عليَّ من ذلِكَ، قلتُ: كيفَ تفعَلونَ شيئًا لم يفعَلهُ رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وسلَّم؟ قالَ أبو بَكْر: هوَ واللَّهِ خيرٌ، فلم يزَل يراجعُني في ذلِكَ أبو بَكْرٍ وعمرُ حتَّى شرح اللَّهُ صدري للَّذي شرحَ لَهُ صدرهُما: صدرَ أبي بَكْر وعمرَ فتتبَّعتُ القرآنَ أجمعُهُ منَ الرِّقاع والعُسبِ واللِّخاف يعني الحِجارة والرِّقاقَ وصدور الرِّجال ، فوجدتُ آخرَ سورةِ براءةٌ معَ خُزَيْمة بنِ ثابت " لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيم " ... رواه الترمذي وصححه الألباني
** أسباب نزول آيات سورة براءة
(*) السورة التاسعة في ترتيب السور في المصحف الشريف
(*) سورة مدنية بالإجماع فيما عدا الآيتين الأخيرتين فإنهما نزلتا بمكة
ذكر مقاتل : سورة براءة مدنية كلها غير الآيتين الأخيرتين وهما قوله تعالى: " لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ ..." إلى آخر السورة
(*) عدد آياتها 129
(*) ذكر ابن الجوزي أن : لها تسعة أسماء :
* أحدها: سورة التوبة .
* والثاني: براءة; وهذان مشهوران بين الناس .
* والثالث: سورة العذاب ، قاله حذيفة .
* والرابع: المقشقشة لأنها تقشقش ، أي تبرئ من النفاق
[فهي إحدى السور التي سُميت بالمقشقشة : وهي سورة " قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ " وسورة " قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ " لأنهما تقشقشان من الشرك أي تبرئان منه ، و سورة براءة لأنها تقشقش، أي تبرئ من النفاق ، كذلك تُسمى المعوذتان بالمقشقشتان لأنهما تبرئان من النفاق]
* والخامس: سورة البحوث ، لأنها بحثت عن سرائر المنافقين ، قاله المقداد بن الأسود
* والسادس: الفاضحة ، لأنها فضحت المنافقين ، قاله ابن عباس .
* والسابع: المبعثرة ، لأنها بعثرت أخبار الناس ، وكشفت عن سرائرهم ، قاله الحارث بن يزيد ، وابن إسحاق .
* والثامن: المثيرة لأنها أثارت مخازي المنافقين ومثالبهم ، قاله قتادة .
* والتاسع: الحافرة ، لأنها حفرت عن قلوب المنافقين ، قاله الزجاج .
* أما القرطبي فقد ورد عنده : قال سعيد بن جبير : سألت ابن عباس رضي الله عنه عن سورة براءة فقال : تلك الفاضحة ما زال ينزل : ومنهم ومنهم حتى خفنا ألا تدع أحدا ، قال القشيري أبو نصر عبدالحميد : هذه السورة نزلت في غزوة تبوك ونزلت بعدها، وفي أولها نبذ عهود الكفار إليهم ، وفي السورة كشف أسرار المنافقين. وتسمى الفاضحة والبحوث ، لأنها تبحث عن أسرار المنافقين وتسمى المبعثرة
(*) نزلت بعد سورة المائدة
** أسباب عدم ورود البسملة في أول سورة براءة:
اختلف العلماء في تلك الأسباب مثلما أورد القرطبي في تفسيره فقال :
اختلف العلماء في سبب سقوط البسمَلَة من أول هذه السورة على أقوال خمسة :
* الأول : أنه قيل : كان من شأن العرب في زمانها في الجاهلية ، إذا كان بينهم وبين قوم عهد فإذا أرادوا نقضه كتبوا إليهم كتابا ولم يكتبوا فيه بسملة ؛ فلما نزلت سورة "بَرَاءَة" بنقض العهد الذي كان بين النبي صلى الله عليه وسلم والمشركين بعث بها النبي صلى الله عليه وسلم عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه فقرأها عليهم في الموسم ، ولم يُبَسمِل في ذلك على ما جرت به عادتهم في نقض العهد من ترك البسملة .
* الثاني : روى النسائي قال : عن يزيد الرقاشي قال : قال لنا ابن عباس : قلت لعثمان ما حملكم إلى أن عمدتم إلى " الأنْفَال " وهي من المثاني وإلى "بَرَاءَة" وهي من المِئَين فقَرَنتُم بينهما ، ولم تكتبوا سطر "بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ" ، ووضعتموها في السبع الطول فما حملكم على ذلك ؟
قال عثمان : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا نزل عليه الشيء يدعو بعض من يكتب عنده فيقول : ضعوا هذا في السورة التي فيها كذا وكذا . وتنزل عليه الآيات فيقول : ضعوا هذه الآيات في السورة التي يذكر فيها كذا وكذا . وكانت " الأنْفَال" من أوائل ما أنزل ، و "بَرَاءَة" من آخر القرآن ، وكانت قصتها شبيهة بقصتها ، وقُبِض رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يبين لنا أنها منها ؛ فظننت أنها منها ؛ فمن ثم قُرِنَت بينهما ولم أكتب بينهما سطر "بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ" . وخرجه أبو عيسى الترمذي وقال : هذا حديث حسن .
* الثالث : روي عن عثمان أيضا . وقال مالك فيما رواه ابن وهب وابن القاسم وابن عبد الحكم : إنه لما سقط أولها سقط "بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ" معه .
* الرابع : قاله خارجة وأبو عصمة وغيرهما . قالوا : لما كتبوا المصحف في خلافة عثمان اختلف أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال بعضهم : "بَرَاءَة" و"الأنْفَال" سورة واحدة . وقال بعضهم : هما سورتان . فتُرِكَت بينهما فرجة لقول من قال : إنهما سورتان وتُرِكَت "بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ" لقول من قال : هما سورة واحدة فرَضِيَ الفريقان معا وثبتت حجتهما في المصحف .
* الخامس :قال عبد الله بن عباس : سألت عليّ بن أبي طالب : لِمَ لَمْ يُكتَب في براءة "بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ" ؟ قال : لأن "بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ" أمان و "بَرَاءَة" نزلت بالسيف ليس فيها أمان . وروي معناه عن المبرد قال : ولذلك لم يجمع بينهما فإن "بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ" رحمة و "بَرَاءَة" نزلت سخطة .
ومثله عن سفيان ، قال سفيان بن عيينة : إنما لم تكتب في صدر هذه السورة "بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ" لأن التسمية رحمة ، والرحمة أمان ، وهذه السورة نزلت في المنافقين وبالسيف ؛ ولا أمان للمنافقين .
* والصحيح أن التسمية لم تكتب لأن جبريل عليه السلام ما نزل بها في هذه السورة ، قاله القشيري . وفي قول عثمان : قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يبين لنا أنها منها دليل على أن السور كلها انتظمت بقوله وتبيينه وأن "بَرَاءَة" وحدها ضمت إلى "الأنْفَال" من غير عهد من النبي صلى الله عليه وسلم لما عاجله من الحِمَام قبل تَبيِينهُ ذلك . وكانتا تدعيان القَرِينَتَيْن فوجب أن تُجمعا وتُضم إحداهما إلى الأخرى للوصف الذي لزمهما من الاقتران ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم حيّ .
** نزول سورة براءة
* ولّى أبا بَكر إقامةَ الحجِّ سنةَ تِسعٍ، وبعَثَ في إثْرِه عليًّا يَقرَأُ على الناس سورة بَراءةٌ، فقيلَ: لأنَّ أوَّلَها نزَلَ بعدَ خروج أبي بَكر إلى الحَجِّ. وقيلَ: بل لأنَّ عادة العرب كانت أنَّه لا يَحِلُّ العقود ويعقِدُها إلَّا المُطاعُ، أو رجُلٌ من أهلِ بَيتِه، وقيل: أردَفَه به عَونًا له ومُساعِدًا، ولهذا قال له الصدِّيق: أميرٌ أو مأمورٌ؟ قال: بل مَأمورٌ ... تخريج زاد المعاد لشعيب الأرناؤوط
* قال المفسرون: أخذت العرب تنقض عهودا بنتها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأمره الله تعالى بإلقاء عهودهم إليهم ، فأنزل (براءة) في سنة تسع فبعث رسول الله أبا بكر أميرا على الموسم ليقيم للناس الحج في تلك السنة ، وبعث معه صدرا من (براءة) ليقرأها على أهل الموسم ، فلما سار ، دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم عَلِيًّا ، فقال: "اخرج بهذه القصة من صدر (براءة) وأذن في الناس بذلك" فخرج عَلِيّ على ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم العضباء حتى أدرك أبا بكر ، فرجع أبو بكر فقال: يا رسول الله ، أنزل في شأني شيء؟ قال: "لا ، ولكن لا يبلغ عني إلا رجل مني أما ترضى أنك كنت صاحبي في الغار ، وأنك صاحبي على الحوض"؟ قال: بلى يا رسول الله . فسار أبو بكر أميرا على الحج ، وسار عَلِيّ ليؤذن بـ (براءة) ... زابن الجوزي
* وفي عدد الآيات التي بعثها رسول الله صلى الله عليه وسلم من أول براءة خمسة أقوال:
أحدها: أربعون آية، قاله عليٌّ عليه السلام.
والثاني: ثلاثون آية، قاله أبو هريرة.
والثالث: عشر آيات، قاله أبو صالح عن ابن عباس.
والرابع: سبع آيات، رواه ابن جريج عن عطاء.
والخامس: تسع آيات قاله مقاتل
** فضل سورة براءة
(*) عن أنس بن مالك : أنَّ أبا طلحةَ قرأَ سورةَ ( براءة ) ، فَأَتَى على هذه الآيَةِ "انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا" فقال :أَلا أَرَى ربِّي يَسْتَنفِرُنِي شَابًّا وشيخًا ؟ ! جَهِّزُونِي ، فقال لهُ بَنُوهُ : قد غزوْتَ مع رسولِ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم حتى قُبِضَ ، وغزوْتُ مع أبي بكرٍ حتى ماتَ ، وغزوْتُ مع عمرَ ، فنحنُ نَغْزُو عَنْكَ ! فقال : جَهِّزُونِي ، فَجَهَّزُوهُ ورَكِبَ البحرَ فماتَ ، فلمْ يَجِدُوا لهُ جَزِيرَةً يَدْفِنُوهُ فيها إلَّا بعدَ سبعَةِ أيامٍ ، لمْ يَتَغَيَّرْ .. صحيح الموارد للألباني
(*) عن مصعب بن سعد عن عدي بن حاتم الطائي : أتيتُ النَّبيَّ صلّى الله عليه وسلّم وفي عنقي صليبٌ من ذَهبٍ ، فقالَ:" يا عديُّ اطرح عنْكَ هذا الوثَنَ "وسمعتُهُ يقرأُ في سورةِ براءةٌ "اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ " قالَ:" أما إنَّهم لم يَكونوا يعبدونَهم ولَكنَّهم كانوا إذا أحلُّوا لَهم شيئًا استحلُّوهُ وإذا حرَّموا عليْهم شيئًا حرَّموه".. رواه الترمذي وصححه الألباني
(*) عن زيد بن ثابت قال: بُعثَ إلى أبو بَكْر الصِّدِّيقُ مقتل أَهْل اليمامة فإذا عُمر بن الخطَّاب عندَهُ فقال: إنَّ عمر بن الخطَّاب قد أتاني فقال: إنَّ القتل قد استحرَّ بقرَّاءِ القرآن يومَ اليمامة ، وإنِّي لأَخشى أن يستَحرَّ القتلُ بالقرَّاءِ في المواطنِ كُلِّها فيذهَبَ قرآنٌ كثيرٌ، وإنِّي أرى أن تَأمرَ بجمعِ القرآن ، قالَ أبو بَكْرٍ لعُمر: كيفَ أفعلُ شيئًا لم يفعَلهُ رسول اللَّهِ؟ فقال عُمر: هوَ واللَّهِ خيرٌ، فلم يزَلْ يراجعُني في ذلِكَ حتَّى شَرحَ اللَّهُ صَدري للَّذي شرحَ لَهُ صدرَ عُمرَ، ورأَيتُ فيهِ الَّذي رأى، قال زيد: قالَ أبو بَكْر: إنَّكَ شابّ عاقل لا نتَّهمُكَ، قد كنتَ تَكْتبُ لرسول اللَّه الوحيَ فتتبَّعِ القرآن ، قال: فواللَّهِ لو كلَّفوني نقلَ جَبلٍ منَ الجبالِ ما كانَ أثقلَ عليَّ من ذلِكَ، قلتُ: كيفَ تفعَلونَ شيئًا لم يفعَلهُ رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وسلَّم؟ قالَ أبو بَكْر: هوَ واللَّهِ خيرٌ، فلم يزَل يراجعُني في ذلِكَ أبو بَكْرٍ وعمرُ حتَّى شرح اللَّهُ صدري للَّذي شرحَ لَهُ صدرهُما: صدرَ أبي بَكْر وعمرَ فتتبَّعتُ القرآنَ أجمعُهُ منَ الرِّقاع والعُسبِ واللِّخاف يعني الحِجارة والرِّقاقَ وصدور الرِّجال ، فوجدتُ آخرَ سورةِ براءةٌ معَ خُزَيْمة بنِ ثابت " لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيم " ... رواه الترمذي وصححه الألباني
** أسباب نزول آيات سورة براءة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق