<title> فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ وَاللَّهُ أَرْكَسَهُمْ بِمَا كَسَبُوا ... سورة النساء ~ أسباب نزول آيات القرآن

الجمعة، 19 أبريل 2019

فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ وَاللَّهُ أَرْكَسَهُمْ بِمَا كَسَبُوا ... سورة النساء

** ورد عند الواحدي
قوله تعالى :"  فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ ..." الآية 
(*) عن عدي بن ثابت ، عن عبد الله بن يزيد بن ثابت : أن قوما خرجوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أُحُد فرجعوا ، فاختلف فيهم المسلمون : فقالت فرقة : نقتلهم ، وقالت فرقة : لا نقتلهم . فنزلت هذه الآية .. رواه البخاري عن بندار ، عن غندر ورواه مسلم عن عبد الله بن معاذ ، عن أبيه ، كلاهما عن شعبة . 
(*) عن أبي سلمة بن عبد الرحمن ، عن أبيه : أن قوماً من العرب أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسلموا ، وأصَابوا وَباء المدينة وحُمَّاهَا  فأُرْكِسُوا ، فخرجوا من المدينة ، فاستقبلهم نفر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا : ما لكم رجعتم ؟ فقالوا : أصابنا وباء المدينة فاجْتَوَيْنَاها ، فقالوا : ما لكم في رسول الله أسوة حسنة ؟ ، فقال بعضهم : نَافَقُوا ، وقال بعضهم : لم يُنَافِقوا هُم مُسلمون ، فأنزل الله تعالى : " فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ وَاللَّهُ أَرْكَسَهُمْ بِمَا كَسَبُوا.." . 
(*) وقال مجاهد في هذه الآية : هم قوم خرجوا من مكة حتى جاءوا المدينة يزعمون أنهم مهاجرون ، ثم ارتَدُّوا بعد ذلك ، فاستأذنوا النبي صلى الله عليه وسلم  أن يخرجوا إلى مكة ليأتوا ببضائع لهم يتَّجِرون فيها ، فاختَلف فيهم المؤمنون : فقائل يقول : هم منافقون ، وقائل يقول : هم مؤمنون . فبين الله تعالى نفاقهم وأنزل هذه الآية ، وأمر بقتلهم في قوله : " فَإِن تَوَلَّوْا فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ ..." فجاؤوا ببضائعهم يريدون هلال بن عويمر الأسلمي وبينه وبين النبي صلى الله عليه وسلم حلف ، وهو الذي حصر صدره أن يقاتل المؤمنين ، فرفع عنهم القتل بقوله تعالى : " إِلَّا الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلَىٰ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُم مِّيثَاقٌ .." . 
** ورد عند ابن الجوزي
(*) قوله تعالى :" فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ وَاللَّهُ أَرْكَسَهُمْ بِمَا كَسَبُوا أَتُرِيدُونَ أَنْ تَهْدُوا مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلاً "
 في سبب نزولها سبعة أقوال 
أحدها: أن قوما أسلموا ، فأصابهم وباء بالمدينة وحماها ، فخرجوا فاستقبلتهم نفر من المسلمين ، فقالوا: ما لكم خرجتم؟ قالوا: أصابنا وباء بالمدينة ، واجتويناها ، فقالوا: أما لكم في رسول الله أسوة؟ فقال بعضهم: نافقوا ، وقال بعضهم: لم ينافقوا ، فنزلت هذه الآية ، رواه أبو سلمة بن عبد الرحمن عن أبيه .
والثاني: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما خرج إلى أُحُد ، رجع ناس ممن خرج معه ، فافترق فيهم أصحاب رسول الله ، ففرقة تقول: نقتلهم ، وفرقة تقول: لا نقتلهم ، فنزلت هذه الآية . هذا في الصحيحين من قول زيد بن ثابت .
والثالث: أن قوما كانوا بمكة تكلموا بالإسلام وكانوا يعاونون المشركين ، فخرجوا من مكة لحاجة لهم ، فقال قوم من المسلمين: اخرجوا إليهم ، فاقتلوهم ، فإنهم يظاهرون عدوكم ، وقال قوم: كيف نقتلهم وقد تكلموا بمثل ما تكلمنا به؟ فنزلت هذه الآية ، رواه عطية عن ابن عباس .
والرابع: أن قوما قدموا المدينة ، فأظهروا الإسلام ، ثم رجعوا إلى مكة ، فأظهروا الشرك ، فنزلت هذه الآية ، هذا قول الحسن ، ومجاهد .
والخامس: أن قوما أعلنوا الإيمان بمكة وامتنعوا من الهجرة ، فاختلف المؤمنون فيهم ، فنزلت هذه الآية ، وهذا قول الضحاك .
والسادس: أن قوما من المنافقين أرادوا الخروج من المدينة ، فقالوا للمؤمنين: إنه قد أصابتنا أوجاع في المدينة ، فلعلنا نخرج فنتماثل ، فإنا كنا أصحاب بادية ، فانطلقوا واختلف فيهم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فنزلت هذه الآية . هذا قول السدي .
والسابع: أنها نزلت في شأن ابن أُبَيّ حين تكلم في عائشة بما تكلم ، وهذا قول ابن زيد
(*) قوله تعالى: " إِلَّا الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ أَوْ جَاءُوكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ أَنْ يُقَاتِلُوكُمْ أَوْ يُقَاتِلُوا قَوْمَهُمْ .. " 
قوله تعالى: " إِلَّا الَّذِينَ يَصِلُونَ" هذا الاستثناء راجع إلى القتل ، لا إلى الموالاة .
* وفي " يَصِلُونَ " قولان .
أحدهما: أنه بمعنى: يتصلون ويلجؤون ، قال ابن عباس : كان هلال بن عويمر الأسلمي وادع رسول الله صلى الله عليه وسلم على أن لا يعينه ولا يعين عليه ، فكان من وصل إلى هلال من قومه وغيرهم ، فلهم من الجوار مثل ما لهلال .
والثاني: أنه بمعنى: ينتسبون
* وفي القوم المذكورين أربعة أقوال .
أحدها: أنهم بنو بكر بن زيد مناة ، قاله ابن عباس . 
والثاني: أنهم هلال بن عويمر الأسلمي ، وسراقة بن مالك ، وخزيمة بن عامر بن عبد مناف ، قاله عكرمة . 
والثالث: أنهم بنو مدلج ، قاله الحسن .
والرابع: خزاعة ، وبنو مدلج ، قاله مقاتل
** ورد عند القرطبي
قوله تعالى :" فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ وَاللَّهُ أَرْكَسَهُمْ بِمَا كَسَبُوا أَتُرِيدُونَ أَنْ تَهْدُوا مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلاً ، وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً فَلا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ أَوْلِيَاءَ حَتَّى يُهَاجِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَلا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ وَلِيّاً وَلا نَصِيراً ، إِلَّا الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ أَوْ جَاءُوكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ أَنْ يُقَاتِلُوكُمْ أَوْ يُقَاتِلُوا قَوْمَهُمْ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَسَلَّطَهُمْ عَلَيْكُمْ فَلَقَاتَلُوكُمْ فَإِنِ اعْتَزَلُوكُمْ فَلَمْ يُقَاتِلُوكُمْ وَأَلْقَوْا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ فَمَا جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلاً "
(*) قوله تعالى : " فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ وَاللَّهُ أَرْكَسَهُمْ بِمَا كَسَبُوا أَتُرِيدُونَ أَنْ تَهْدُوا مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلاً "
روى مسلم عن زيد بن ثابت أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج إلى أُحُد فرجع ناس ممن كان معه ، فكان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فيهم فرقتين ؛ فقال بعضهم : نقتلهم. وقال بعضهم : لا ؛ فنزلت "فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ .." .
والمعني بالمنافقين هنا عبدالله بن أُبَي وأصحابه الذين خذلوا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أُحُد ورجعوا بعسكرهم بعد أن خرجوا. 
(*) وقال ابن عباس : هم قوم بمكة آمنوا وتركوا الهجرة ، قال الضحاك : وقالوا إن ظهر محمد صلى الله عليه وسلم فقد عرفنا ، وإن ظهر قومنا فهو أحب إلينا. فصار المسلمون فيهم فِئتين قوم يتولونهم وقوم يتبرؤون منهم ؛ فقال الله عز وجل :" فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ.." . 
(*) وذكر أبو سلمة بن عبدالرحمن عن أبيه أنها نزلت في قوم جاؤوا إلى المدينة وأظهروا الإسلام ؛ فأصابهم وباء المدينة وحُمَّاهَا ، فأُرْكِسُوا ، فخرجوا من المدينة ، فاستقبلهم نفر من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا : ما لكم رجعتم ؟ فقالوا : أصابنا وباء المدينة فاجْتَوَيْنَاها ؛ فقالوا : ما لكم في رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة ؟ فقال بعضهم : نَافَقُوا. وقال بعضهم : لم يُنَافِقوا ، هم مسلمون ؛ فأنزل الله عز وجل : " فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ وَاللَّهُ أَرْكَسَهُمْ بِمَا كَسَبُوا.." . حتى جاؤوا المدينة يزعمون أنهم مهاجرون ، ثم ارتدوا بعد ذلك ، فاستأذنوا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى مكة ليأتوا ببضائع لهم يتَّجِرُون فيها ، فاختلف فيهم المؤمنون فقائل يقول : هم منافقون ، وقائل يقول : هم مؤمنون ؛ فبيّن الله تعالى نفاقهم وأنزل هذه الآية وأمر بقتلهم.
(*) في قوله " إِلَّا الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ أَوْ جَاءُوكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ أَنْ يُقَاتِلُوكُمْ أَوْ يُقَاتِلُوا قَوْمَهُمْ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَسَلَّطَهُمْ عَلَيْكُمْ فَلَقَاتَلُوكُمْ فَإِنِ اعْتَزَلُوكُمْ فَلَمْ يُقَاتِلُوكُمْ وَأَلْقَوْا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ فَمَا جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلاً  "
اختلف في هؤلاء الذين كان بينهم وبين النبي صلى الله عليه وسلم ميثاق ؛ فقيل : بنو مدلج. عن الحسن : كان بينهم وبين قريش عقد ، وكان بين قريش وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم عهد. 
(*) وقال عكرمة : نزلت في هلال بن عويمر وسراقة بن جعشم وخزيمة بن عامر بن عبد مناف كان بينهم وبين النبي صلى الله عليه وسلم عهد
 وقيل : خزاعة. 
وقال الضحاك عن ابن عباس : أنه أراد بالقوم الذين بينكم وبينهم ميثاق بني بكر بن زيد بن مناة ، كانوا في الصلح والهدنة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق