<title>وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَو تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ ... سورة البقرة ~ أسباب نزول آيات القرآن

الأربعاء، 23 يناير 2019

وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَو تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ ... سورة البقرة

** ورد عند البغوي
قوله تعالى : " وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَو تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ "
اختلف العلماء في هذه الآية :
فقال قوم : هي خاصة ثم اختلفوا في وجه  خصوصها  
(*) فقال بعضهم : هي متصلة بالآية الأولى نزلت في كتمان الشهادة أو تخفوا الكتمان يحاسبكم به الله وهو قول الشعبي وعكرمة 
(*) وقال بعضهم : نزلت فيمن يتولى الكافرين دون المؤمنين يعني وإن تعلنوا ما في أنفسكم من ولاية الكفار أو تسروا يحاسبكم به الله وهو قول مقاتل
** ورد عند القرطبي
قوله تعالى :" لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَو تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ"
اختلف الناس في معنى قوله تعالى : " وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَو تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ " على أقوال خمسة : 
(*) الأول أنها منسوخة ، قاله ابن عباس وابن مسعود وعائشة وأبو هريرة والشعبي وعطاء ومحمد بن سيرين ومحمد بن كعب وموسى بن عبيدة وجماعة من الصحابة والتابعين ، وأنه بقي هذا التكليف حَوْلًا حتى أنزل الله الفرج بقوله : "لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا "البقرة 
* وفي صحيح مسلم عن ابن عباس قال : لما نزلت " وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَو تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ " قال : دخل قلوبهم منها شيء لم يدخل قلوبهم من شيء ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : "قولوا سمعنا وأطعنا وسلمنا" قال : فألقى الله الإيمان في قلوبهم فأنزل الله تعالى : " لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا "
(*) الثاني : قال ابن عباس وعكرمة والشعبي ومجاهد : إنها محكمة مخصوصة ، وهي في معنى الشهادة التي نهى عن كتمها ، ثم أعلم في هذه الآية أن الكاتم لها المخفي ما في نفسه محاسب.
(*) الثالث : أن الآية فيما يطرأ على النفوس من الشك واليقين ، وقاله مجاهد أيضا.
(*) الرابع : أنها محكمة عامة غير منسوخة ، والله محاسب خلقه على ما عملوا من عمل وعلى ما لم يعملوه مما ثبت في نفوسهم وأضمروه ونووه وأرادوه ، فيغفر للمؤمنين ويأخذ به أهل الكفر والنفاق ، ذكره الطبري عن قوم ، وأدخل عن ابن عباس ما يشبه هذا. 
* روي عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس أنه قال : لم تنسخ ، ولكن إذا جمع الله الخلائق يقول : "إني أخبركم بما أكننتم في أنفسكم " فأما المؤمنون فيخبرهم ثم يغفر لهم ، وأما أهل الشك والريب فيخبرهم بما أخفوه من التكذيب ، فذلك قوله : " يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ " البقرة
(*) قال الطبري : وقال آخرون نحو هذا المعنى الذي ذكر عن ابن عباس ، إلا أنهم قالوا : إن العذاب الذي يكون جزاء لما خطر في النفوس وصحبه الفكر إنما هو بمصائب الدنيا وآلامها وسائر مكارهها ، ثم أسند عن عائشة نحو هذا المعنى ، وهو القول الخامس ، ورجح الطبري أن الآية محكمة غير منسوخة 
(*)  وقد قيل : إنها نزلت في الذين يتولون الكافرين من المؤمنين ، أي وإن تعلنوا ما في أنفسكم أيها المؤمنون من ولاية الكفار أو تسروها " يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ " ، قاله الواقدي ومقاتل
** ورد في الدر المنثور
قوله تعالى :" لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَو تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ"
(*) أخرج ابن جرير ، وابن المنذر ، من طريق مقسم ، عن ابن عباس في قوله : " وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَو تُخْفُوهُ "الآية ، قال : نزلت في كتمان الشهادة وإقامتها
(*) أخرج ابن أبي شيبة ، وابن جرير ، والنحاس في " ناسخه " ، والحاكم وصححه ، عن سالم أن أباه قرأ : " وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَو تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ " فدمعت عيناه ، فبلغ صنيعه ابن عباس فقال : يرحم الله أبا   عبد الرحمن، لقد صنع كما صنع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أنزلت، فنسختها الآية التي بعدها : "لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا"
(*) عن ابن عباس في قوله : " وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَو تُخْفُوهُ " فذلك سر أمرك وعلانيتك ، يحاسبكم به الله ، فإنها لم تنسخ ، ولكن الله إذا جمع الخلائق يوم القيامة يقول : "إني أخبركم بما أخفيتم في أنفسكم مما لم تطلع عليه ملائكتي "؛ فأما المؤمنون فيخبرهم ويغفر لهم ما حدثوا به أنفسهم وهو قوله : " يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ " يقول : يخبركم وأما أهل الشك والريب فيخبرهم بما أخفوا من التكذيب ، وهو قوله : " وَلَٰكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ "   
(*) وأخرج عبد بن حميد ، وأبو داود في " ناسخه " ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، والنحاس ، عن مجاهد في قوله : " وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَو تُخْفُوهُ " قال : من اليقين والشك
(*) أخرج سعيد بن منصور ، وابن جرير ، من طريق الضحاك ، عن عائشة في قوله : " وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَو تُخْفُوهُ "الآية ، قالت : هو الرجل يهم بالمعصية ولا يعملها فيرسل عليه من الغم والحزن بقدر ما كان هم من المعصية ، فتلك محاسبته

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق