** ورد عند الواحدى
(*) عن عمران بن الحارث قال : بينما نحن عند ابن عبّاس إذ قال : إنّ الشّياطين كانوا يسْترقون السّمْع من السّماء ، فيجيء أحَدُهم بكلمة حقّ ، فإِذا جَرّب من أَحَدهم الصِّدْق كذب معها سبعين كذْبة ، فيُشْربها قلوب النَّاس
فاطَّلع على ذلك سليمان فأخذها فدفنها تحت الكُرْسيّ ، فلمّا مات سليمان قام شيطان بِالطّريق فقال : أَلا أدُلُّكُم على كنز سُلَيْمان المُمَنَّع الّذي لا كنز له مثْله ؟
قالوا : نعم ، قال : تحت الكرسيّ ، فأخرجوه فقالُوا : هذا سِحْر . فتَنَاسخته الأُمم ، فأنزل اللَّه تعالى عُذْر سُلَيْمان " وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ .. " .
(*) وقال الكلبيّ : إنّ الشّياطين كتبُوا السِّحْر والنَّيْرنجيّات على لسان آصِف : هذا ما علَّم آصِف بن بَرْخيا سليمان الملك ، ثُمّ دفنُوها تحت مُصَلّاه حين نزع اللَّه مُلْكه ، ولم يشعر بذلك سُليمان
فلمّا مات سليمان استخرجوه من تحت مصلَّاه ، وقالُوا للنّاس : إنّما مَلَكَكُم سليمان بهذا فتعلَّموه . فأمّا علماء بني إسرائيل فقالوا : معاذ اللَّه أن يكون هذا عِلْم سليمان . وأمّا السَّفَلة فقالوا : هذا عِلْم سليمان ، وأَقبلوا على تَعلُّمه ، ورفضوا كتب أنبِيَائهم . ففَشَت الملامة لسليمان
فلمْ تزَلْ هذه حالهم حتّى بعث اللَّه محمّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأنزل الله عذر سليمان على لسانه وأظهر براءته مما رمي به فقال " وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ ..." الآية .
(*) عن عتّاب بن بشير ، أخبرنا خُصيف قال : كان سليمان إذا نبتت الشّجرة قال : لأيّ داء أنت ؟ فتقُول لكذا وكذا . فلمَّا نبتت شجرة الخُرْنوبة قال : لأيّ شيء أَنْت ؟ قالت : لمسجدكَ أُخَرِّبه قال : تُخَرِّبينه ؟ ! قالت : نعم ، قال : بئْس الشجرة أنت . فلَمْ يلْبث أَن تُوفّي ، فجَعل النّاس يقولون في مرضاهم : لو كان لنا مثل سليمان . فأخذت الشَّياطين فكتبُوا كتابًا فجعلوه في مُصلّى سليمان وقالُوا : نحن ندُلُّكم على ما كان سليمان يُداوي به . فانطلقوا فاستخرجوا ذلك الكتاب فإِذا فيه سِحْر ورُقًى . فأنزل اللَّه تعالى : "وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ" إلى قوله : "فَلَا تَكْفُرْ"
(*) قال السّدّي : إنّ النّاس في زمن سليمان اكتَتَبُوا السِّحْر فاشتغلوا بتَعَلُّمه ، فأخذ سُليمان تلك الكتب وجعلها في صُندوق فدَفَنها تحْت كُرسيّه ، ونهاهم عن ذلك . فلَّما مات سُليمان وذهب الَّذِينَ كانوا يعرفون دفْنَهُ الكُتب ، تمَثّل شيطان علَى صورة إنسان ، فأتى نفَرًا من بني إسرائيل فقال : هل أَدُلّكم على كنز لا تأْكلونه أبدًا ؟
قَالُوا : نعم
قال : فاحْفروا تحت الكرسيّ ، فحفروا فوجدوا تلك الكتُب ، فلمَّا أخرجوها قال الشّيطان : إنّ سُليمان كان يضبط الجنّ والإِنس والشّياطين والطَّير بهذا ، فاتّخذ بنو إِسرائيل تلْك الكُتب ، فلِذلك أكثر ما يُوجد السِّحْر في اليهود . فبَرَّأَ اللَّه عزّ وجلّ سليمان من ذلك وأنزل هذه الآية.
** ورد عند ابن الجوزي
قوله تعالى :"وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُوا الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا ..."
(*) قوله تعالى:"واتبعوا ما تتلو الشياطين "
في سبب نزولها قولان .
أحدهما: أن اليهود كانوا لا يسألون النبي عن شيء من التوراة إلا أجابهم ، فسألوه عن السحر وخاصموه به ، فنزلت هذه الآية ، قاله أبو العالية .
والثاني: أنه لما ذُكر سليمان في القرآن قالت يهود المدينة: ألا تعجبون لمحمد يزعم أن ابن داود كان نبيا؟! والله ما كان إلا ساحرا ، فنزلت هذه الآية . قاله ابن إسحاق .
(*) وفي كيفية ما تلت الشياطين على ملك سليمان ستة أقوال .
* أحدها: أنه لما خرج سليمان عن مُلكه; كتبت الشياطين السِّحر ، ودفنته في مُصلَّاه ، فلما توفي استخرجوه ، وقالوا: بهذا كان يملك الملك ، ذكر هذا المعنى أبو صالح عن ابن عباس ، وهو قول مقاتل .
* الثاني: أن آصف كان يكتب ما يأمر به سليمان ، ويدفنه تحت كرسيه ، فلما مات سليمان استخرجته الشياطين ، فكتبوا بين كل سطرين سحرا وكذبا ، وأضافوه إلى سليمان ، رواه سعيد بن جبير عن ابن عباس .
* الثالث: أن الشياطين كتبت السِّحر بعد موت سليمان ، ثم أضافته إليه ، قاله عكرمة.
* الرابع: أن الشياطين ابتدعت السِّحر ، فأخذه سليمان ، فدفنه تحت كرسيه لئلا يتعلمه الناس ، فلما قبض استخرجته ، فعلمته الناس وقالوا: هذا علم سليمان ، قاله قتادة .
* الخامس: أن سليمان أخذ عهود الدواب ، فكانت الدابة إذا أصابت إنسانا طلب إليها بذلك العهد ، فتخلى عنه ، فزاد السحرة السجع والسحر ، قاله أبو مجلز .
*السادس: أن الشياطين كانت في عهد سليمان تسترق السمع ، فتسمع من كلام الملائكة ما يكون في الأرض من موت أو غيث أو أمر ، فيأتون الكهنة فيخبرونهم ، فتحدث الكهنة الناس ، فيجدونه كما قالوا ، حتى إذا أمنتهم الكهنة كذبوا لهم وأدخلوا فيه غيره فزادوا مع كل كلمة سبعين كلمة ، فاكتتب الناس ذلك الحديث في الكتب ، وفشا في بني إسرائيل أن الجن تعلم الغَيْب ، فبعث سليمان في الناس ، فجمع تلك الكتب في صندوق ، ثم دفنها تحت كرسيه ، ولم يكن أحد من الشياطين يستطيع أن يدنو من الكرسي إلا احترق ، وقال: لا أسمع أحدا يذكر أن الشياطين يعلمون الغيب إلا ضربت عنقه ، فلما مات سليمان; جاء شيطان إلى نفر من بني إسرائيل ، فدلَّهم على تلك الكتب وقال: إنما كان سليمان يضبط أمر الخلق بهذا ، ففشا في الناس أن سليمان كان ساحرا ، واتخذ بنوا إسرائيل تلك الكتب ، فلما جاء محمد صلى الله عليه وسلم ، خاصموه بها ، هذا قول السدي
** ورد عند القرطبي
قوله تعالى :" وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُوا الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُم بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ ۚ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنفَعُهُمْ ۚ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ ۚ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنفُسَهُمْ ۚ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ "
(*) قوله تعالى : "وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُوا الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ"
هذا إخبار من الله تعالى عن الطائفة الذين نبذوا الكتاب بأنهم اتبعوا السِّحر أيضا ، وهم اليهود.
(*) وقال السدي : عارضت اليهود محمدا صلى الله عليه وسلم بالتوراة فاتفقت التوراة والقرآن فنبذوا التوراة وأخذوا بكتاب آصف وبسحر هاروت وماروت.
(*) وقال محمد بن إسحاق : لما ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم : سليمان في المرسلين قال بعض أحبارهم : يزعم محمد أن ابن داود كان نبيا! والله ما كان إلا ساحرا ، فأنزل الله عز وجل : "وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا" أي ألقت إلى بني آدم أن ما فعله سليمان من ركوب البحر واستسخار الطير والشياطين كان سِحْرا
(*) وقال الكلبي : كتبت الشياطين السحر والنيرنجيات على لسان آصف كاتب سليمان ، ودفنوه تحت مصلاه حين انتزع الله ملكه ولم يشعر بذلك سليمان ، فلما مات سليمان استخرجوه وقالوا للناس : إنما مَلَكَكُم بهذا فتَعَلَّموه ، فأما علماء بني إسرائيل فقالوا : معاذ الله أن يكون هذا علم سليمان! وأما السَّفلة فقالوا : هذا علم سليمان ، وأقبلوا على تعليمه ورفضوا كتب أنبيائهم حتى بعث الله محمدا صلى الله عليه وسلم ، فأنزل الله عز وجل على نبيه عذر سليمان وأظهر براءته مما رمي به فقال : "وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ"
(*) عن عمران بن الحارث قال : بينما نحن عند ابن عبّاس إذ قال : إنّ الشّياطين كانوا يسْترقون السّمْع من السّماء ، فيجيء أحَدُهم بكلمة حقّ ، فإِذا جَرّب من أَحَدهم الصِّدْق كذب معها سبعين كذْبة ، فيُشْربها قلوب النَّاس
فاطَّلع على ذلك سليمان فأخذها فدفنها تحت الكُرْسيّ ، فلمّا مات سليمان قام شيطان بِالطّريق فقال : أَلا أدُلُّكُم على كنز سُلَيْمان المُمَنَّع الّذي لا كنز له مثْله ؟
قالوا : نعم ، قال : تحت الكرسيّ ، فأخرجوه فقالُوا : هذا سِحْر . فتَنَاسخته الأُمم ، فأنزل اللَّه تعالى عُذْر سُلَيْمان " وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ .. " .
(*) وقال الكلبيّ : إنّ الشّياطين كتبُوا السِّحْر والنَّيْرنجيّات على لسان آصِف : هذا ما علَّم آصِف بن بَرْخيا سليمان الملك ، ثُمّ دفنُوها تحت مُصَلّاه حين نزع اللَّه مُلْكه ، ولم يشعر بذلك سُليمان
فلمّا مات سليمان استخرجوه من تحت مصلَّاه ، وقالُوا للنّاس : إنّما مَلَكَكُم سليمان بهذا فتعلَّموه . فأمّا علماء بني إسرائيل فقالوا : معاذ اللَّه أن يكون هذا عِلْم سليمان . وأمّا السَّفَلة فقالوا : هذا عِلْم سليمان ، وأَقبلوا على تَعلُّمه ، ورفضوا كتب أنبِيَائهم . ففَشَت الملامة لسليمان
فلمْ تزَلْ هذه حالهم حتّى بعث اللَّه محمّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأنزل الله عذر سليمان على لسانه وأظهر براءته مما رمي به فقال " وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ ..." الآية .
(*) عن عتّاب بن بشير ، أخبرنا خُصيف قال : كان سليمان إذا نبتت الشّجرة قال : لأيّ داء أنت ؟ فتقُول لكذا وكذا . فلمَّا نبتت شجرة الخُرْنوبة قال : لأيّ شيء أَنْت ؟ قالت : لمسجدكَ أُخَرِّبه قال : تُخَرِّبينه ؟ ! قالت : نعم ، قال : بئْس الشجرة أنت . فلَمْ يلْبث أَن تُوفّي ، فجَعل النّاس يقولون في مرضاهم : لو كان لنا مثل سليمان . فأخذت الشَّياطين فكتبُوا كتابًا فجعلوه في مُصلّى سليمان وقالُوا : نحن ندُلُّكم على ما كان سليمان يُداوي به . فانطلقوا فاستخرجوا ذلك الكتاب فإِذا فيه سِحْر ورُقًى . فأنزل اللَّه تعالى : "وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ" إلى قوله : "فَلَا تَكْفُرْ"
(*) قال السّدّي : إنّ النّاس في زمن سليمان اكتَتَبُوا السِّحْر فاشتغلوا بتَعَلُّمه ، فأخذ سُليمان تلك الكتب وجعلها في صُندوق فدَفَنها تحْت كُرسيّه ، ونهاهم عن ذلك . فلَّما مات سُليمان وذهب الَّذِينَ كانوا يعرفون دفْنَهُ الكُتب ، تمَثّل شيطان علَى صورة إنسان ، فأتى نفَرًا من بني إسرائيل فقال : هل أَدُلّكم على كنز لا تأْكلونه أبدًا ؟
قَالُوا : نعم
قال : فاحْفروا تحت الكرسيّ ، فحفروا فوجدوا تلك الكتُب ، فلمَّا أخرجوها قال الشّيطان : إنّ سُليمان كان يضبط الجنّ والإِنس والشّياطين والطَّير بهذا ، فاتّخذ بنو إِسرائيل تلْك الكُتب ، فلِذلك أكثر ما يُوجد السِّحْر في اليهود . فبَرَّأَ اللَّه عزّ وجلّ سليمان من ذلك وأنزل هذه الآية.
** ورد عند ابن الجوزي
قوله تعالى :"وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُوا الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا ..."
(*) قوله تعالى:"واتبعوا ما تتلو الشياطين "
في سبب نزولها قولان .
أحدهما: أن اليهود كانوا لا يسألون النبي عن شيء من التوراة إلا أجابهم ، فسألوه عن السحر وخاصموه به ، فنزلت هذه الآية ، قاله أبو العالية .
والثاني: أنه لما ذُكر سليمان في القرآن قالت يهود المدينة: ألا تعجبون لمحمد يزعم أن ابن داود كان نبيا؟! والله ما كان إلا ساحرا ، فنزلت هذه الآية . قاله ابن إسحاق .
(*) وفي كيفية ما تلت الشياطين على ملك سليمان ستة أقوال .
* أحدها: أنه لما خرج سليمان عن مُلكه; كتبت الشياطين السِّحر ، ودفنته في مُصلَّاه ، فلما توفي استخرجوه ، وقالوا: بهذا كان يملك الملك ، ذكر هذا المعنى أبو صالح عن ابن عباس ، وهو قول مقاتل .
* الثاني: أن آصف كان يكتب ما يأمر به سليمان ، ويدفنه تحت كرسيه ، فلما مات سليمان استخرجته الشياطين ، فكتبوا بين كل سطرين سحرا وكذبا ، وأضافوه إلى سليمان ، رواه سعيد بن جبير عن ابن عباس .
* الثالث: أن الشياطين كتبت السِّحر بعد موت سليمان ، ثم أضافته إليه ، قاله عكرمة.
* الرابع: أن الشياطين ابتدعت السِّحر ، فأخذه سليمان ، فدفنه تحت كرسيه لئلا يتعلمه الناس ، فلما قبض استخرجته ، فعلمته الناس وقالوا: هذا علم سليمان ، قاله قتادة .
* الخامس: أن سليمان أخذ عهود الدواب ، فكانت الدابة إذا أصابت إنسانا طلب إليها بذلك العهد ، فتخلى عنه ، فزاد السحرة السجع والسحر ، قاله أبو مجلز .
*السادس: أن الشياطين كانت في عهد سليمان تسترق السمع ، فتسمع من كلام الملائكة ما يكون في الأرض من موت أو غيث أو أمر ، فيأتون الكهنة فيخبرونهم ، فتحدث الكهنة الناس ، فيجدونه كما قالوا ، حتى إذا أمنتهم الكهنة كذبوا لهم وأدخلوا فيه غيره فزادوا مع كل كلمة سبعين كلمة ، فاكتتب الناس ذلك الحديث في الكتب ، وفشا في بني إسرائيل أن الجن تعلم الغَيْب ، فبعث سليمان في الناس ، فجمع تلك الكتب في صندوق ، ثم دفنها تحت كرسيه ، ولم يكن أحد من الشياطين يستطيع أن يدنو من الكرسي إلا احترق ، وقال: لا أسمع أحدا يذكر أن الشياطين يعلمون الغيب إلا ضربت عنقه ، فلما مات سليمان; جاء شيطان إلى نفر من بني إسرائيل ، فدلَّهم على تلك الكتب وقال: إنما كان سليمان يضبط أمر الخلق بهذا ، ففشا في الناس أن سليمان كان ساحرا ، واتخذ بنوا إسرائيل تلك الكتب ، فلما جاء محمد صلى الله عليه وسلم ، خاصموه بها ، هذا قول السدي
** ورد عند القرطبي
قوله تعالى :" وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُوا الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُم بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ ۚ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنفَعُهُمْ ۚ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ ۚ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنفُسَهُمْ ۚ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ "
(*) قوله تعالى : "وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُوا الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ"
هذا إخبار من الله تعالى عن الطائفة الذين نبذوا الكتاب بأنهم اتبعوا السِّحر أيضا ، وهم اليهود.
(*) وقال السدي : عارضت اليهود محمدا صلى الله عليه وسلم بالتوراة فاتفقت التوراة والقرآن فنبذوا التوراة وأخذوا بكتاب آصف وبسحر هاروت وماروت.
(*) وقال محمد بن إسحاق : لما ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم : سليمان في المرسلين قال بعض أحبارهم : يزعم محمد أن ابن داود كان نبيا! والله ما كان إلا ساحرا ، فأنزل الله عز وجل : "وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا" أي ألقت إلى بني آدم أن ما فعله سليمان من ركوب البحر واستسخار الطير والشياطين كان سِحْرا
(*) وقال الكلبي : كتبت الشياطين السحر والنيرنجيات على لسان آصف كاتب سليمان ، ودفنوه تحت مصلاه حين انتزع الله ملكه ولم يشعر بذلك سليمان ، فلما مات سليمان استخرجوه وقالوا للناس : إنما مَلَكَكُم بهذا فتَعَلَّموه ، فأما علماء بني إسرائيل فقالوا : معاذ الله أن يكون هذا علم سليمان! وأما السَّفلة فقالوا : هذا علم سليمان ، وأقبلوا على تعليمه ورفضوا كتب أنبيائهم حتى بعث الله محمدا صلى الله عليه وسلم ، فأنزل الله عز وجل على نبيه عذر سليمان وأظهر براءته مما رمي به فقال : "وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ"
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق