<title>وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلا بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ قَالُوا أَتُحَدِّثُونَهُمْ بِمَا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ ... سورة البقرة ~ أسباب نزول آيات القرآن

الجمعة، 16 فبراير 2018

وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلا بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ قَالُوا أَتُحَدِّثُونَهُمْ بِمَا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ ... سورة البقرة

** ورد عند ابن الجوزي
قوله تعالى: " وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلا بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ قَالُوا أَتُحَدِّثُونَهُمْ بِمَا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ لِيُحَاجُّوكُمْ بِهِ عِنْدَ رَبِّكُمْ أَفَلا تَعْقِلُونَ " .
(*) هذه الآية نزلت في نفر من اليهود ، كانوا إذا لقوا النبي والمؤمنين قالوا: آمنا ، وإذا خلا بعضهم إلى بعض ، قالوا: أتحدثونهم بما فتح الله عليكم ، هذا قول ابن عباس ، وأبي العالية ، ومجاهد ، وقتادة ، وعطاء الخرساني ، وابن زيد ، ومقاتل .
(*) وفي معنى بما فتح الله عليكم قولان:
أحدهما: بما قضى الله عليكم ، والفتح: القضاء
* قال السدي عن أشياخه: كان ناس من اليهود آمنوا ثم نافقوا ، فكانوا يحدثون المؤمنين بما عُذِّبوا به ، فقال بعضهم لبعض: أتحدثونهم بما فتح الله عليكم  من العذاب ، ليقولوا: نحن أحب إلى الله منكم ، وأكرم على الله منكم
 والثاني: أن معناه: بما عَلَّمكم الله
قال ابن عباس وأبو العالية وقتادة: الذي فتحه عليهم: ما أنزله من التوراة في صِفة محمد ، صلى الله عليه وسلم ، وقال مقاتل: كان المسلم يلقى حليفه ، أو أخاه من الرضاعة من اليهود ، فيسأله: أتجدون محمدا في كتابكم؟ فيقولون: نعم ، إنه لَحَقّ ، فسمع كعب بن الأشرف وغيره ، فقال لليهود في السِّر: أتحدثون أصحاب محمد بما فتح الله عليكم ، أي: بما بيّن لكم في التوراة من أمر محمد ليخاصموكم به عند ربكم باعترافكم أنه نبي ، أفلا تعقلون أن هذا حجة عليكم؟! 
 ** ورد عند الطبري
قوله تعالى :" وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلا بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ قَالُوا أَتُحَدِّثُونَهُمْ بِمَا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ لِيُحَاجُّوكُمْ بِهِ عِنْدَ رَبِّكُمْ أَفَلا تَعْقِلُونَ "
 اختلف أهل التأويل في تأويل قوله : " بما فتح الله عليكم " :
(*) عن أبي روق ، عن الضحاك ، عن ابن عباس : "وَإِذَا خَلا بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ قَالُوا أَتُحَدِّثُونَهُمْ بِمَا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ " ، يعني : بما أمركم الله به . فيقول الآخرون : إنما نستهزئ بهم ونضحك .
(*) عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس : " وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا " ، أي : بصاحبكم رسول الله ، ولكنه إليكم خاصة ، وإذا خلا بعضهم إلى بعض قالوا : لا تحدثوا العرب بهذا ، فإنكم قد كنتم تستفتحون به عليهم ، فكان منهم . فأنزل الله : "  وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلا بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ قَالُوا أَتُحَدِّثُونَهُمْ بِمَا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ لِيُحَاجُّوكُمْ بِهِ عِنْدَ رَبِّكُمْ " ، أي : تقرون بأنه نبي ، وقد علمتم أنه قد أخذ له الميثاق عليكم باتباعه ، وهو يخبرهم أنه النبي الذي كنا ننتظر ونجده في كتابنا ؟ اجحدوه ولا تقروا لهم به . يقول الله : " أَوَلا يَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ " .
(*) عن الربيع ، عن أبي العالية في قوله : " أَتُحَدِّثُونَهُمْ بِمَا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ" ، أي بما أنزل الله عليكم في كتابكم من نعت محمد صلى الله عليه وسلم .
(*) عن عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : " أَتُحَدِّثُونَهُمْ بِمَا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ لِيُحَاجُّوكُمْ بِهِ عِنْدَ رَبِّكُمْ " قال : قول يهود بني قريظة ، حين سبَّهم النبي صلى الله عليه وسلم بأنهم إخوة القردة والخنازير ، قالوا : من حدَّثك ؟ . هذا حين أرسل إليهم عليا فآذوا محمدا ، فقال : "يا إخوة القردة والخنازير" .
* عن ابن جريج قال ، أخبرني القاسم بن أبي بزة ، عن مجاهد في قوله : " أَتُحَدِّثُونَهُمْ بِمَا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ  "،  قال : قام النبي صلى الله عليه وسلم يوم قريظة تحت حصونهم فقال : " يا إخوان القردة ، ويا إخوان الخنازير ، ويا عبدة الطاغوت ". فقالوا : من أخبر هذا محمدا ؟ ما خرج هذا إلا منكم ! " أتحدثونهم بما فتح الله عليكم " ! بما حكم الله ، للفتح ، ليكون لهم حجة عليكم ، قال ابن جريج ، عن مجاهد : هذا حين أرسل إليهم عليا فآذوا محمدا صلى الله عليه وسلم .
(*) عن عمرو قال ، حدثنا أسباط ، عن السدي : " أَتُحَدِّثُونَهُمْ بِمَا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ  " من العذاب  " لِيُحَاجُّوكُمْ بِهِ عِنْدَ رَبِّكُمْ " هؤلاء ناس من اليهود آمنوا ثم نافقوا ، فكانوا يحدثون المؤمنين من العرب بما عُذِّبوا به ، فقال بعضهم لبعض : أتحدثونهم بما فتح الله عليكم من العذاب ، ليقولوا نحن أحب إلى الله منكم ، وأكرم على الله منكم ؟
(*) عن ابن وهب قال ، قال ابن زيد في قوله : " وَإِذَا خَلا بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ قَالُوا أَتُحَدِّثُونَهُمْ بِمَا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ لِيُحَاجُّوكُمْ بِهِ عِنْدَ رَبِّكُمْ" : قال : كانوا إذا سئلوا عن الشيء قالوا : أما تعلمون في التوراة كذا وكذا ؟ قالوا : بلى ! ( قال : وهم يهود) فيقول لهم رؤساؤهم الذين يرجعون إليهم : ما لكم تخبرونهم بالذي أنزل الله عليكم فيحاجوكم به عند ربكم ؟ أفلا تعقلون ؟ قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "لا يدخلن علينا قصبة المدينة إلا مؤمن" . فقال رؤساؤهم من أهل الكفر والنفاق : اذهبوا فقولوا آمنا ، واكفروا إذا رجعتم . قال : فكانوا يأتون المدينة بالبكر ويرجعون إليهم بعد العصر وقرأ قول الله : " وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ آمِنُوا بِالَّذِي أُنْزِلَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَجْهَ النَّهَارِ وَاكْفُرُوا آخِرَهُ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ "آل عمران ، وكانوا يقولون إذا دخلوا المدينة : نحن مسلمون . ليعلموا خبر رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمره ، فإذا رجعوا ، رجعوا إلى الكفر ، فلما أخبر الله نبيه صلى الله عليه وسلم بهم ، قطع ذلك عنهم فلم يكونوا يدخلون ، وكان المؤمنون الذين مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يظنون أنهم مؤمنون ، فيقولون لهم : أليس قد قال الله لكم كذا وكذا ؟ فيقولون : بلى ! فإذا رجعوا إلى قومهم  قالوا :" أَتُحَدِّثُونَهُمْ بِمَا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ .." الآية .
** ورد عند القرطبي
قوله تعالى :" وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلا بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ قَالُوا أَتُحَدِّثُونَهُمْ بِمَا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ لِيُحَاجُّوكُمْ بِهِ عِنْدَ رَبِّكُمْ أَفَلا تَعْقِلُونَ ، أَوَلا يَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ "
(*) قوله تعالى : "وَإِذَا خَلا بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ قَالُوا أَتُحَدِّثُونَهُمْ بِمَا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ" الآية في اليهود ، وذلك أن ناسا منهم أسلموا ثم نافقوا فكانوا يحدِّثون المؤمنين من العرب بما عُذِّب به آباؤهم ، فقالت لهم اليهود : "أَتُحَدِّثُونَهُمْ بِمَا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ" أي حكم الله عليكم من العذاب ، ليقولوا نحن أكرم على الله منكم ، عن ابن عباس والسدي. 
(*) وقيل : إن عَلِيًّا لما نازل قريظة يوم خيبر سمع سب رسول الله صلى الله عليه وسلم فانصرف إليه وقال : يا رسول الله ، لا تبلغ إليهم ، وعرض له ، فقال : " أظنك سمعت شتمي منهم لو رأوني لكفوا عن ذلك" ونهض إليهم ، فلما رأوه أمسكوا ، فقال لهم : "أنقضتم العهد يا إخوة القردة والخنازير أخزاكم الله وأنزل بكم نقمته" فقالوا : 
ما كنت جاهلا يا محمد فلا تجهل علينا ، من حدثك بهذا ؟ ما خرج هذا الخبر إلا من عندنا! روي هذا المعنى عن مجاهد.
 * ومعنى "فَتَحَ" حكم ، والفتح عند العرب : القضاء والحكم 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق