** سورة الفيل هي:
(*) السورة المائة و خمسة في ترتيب المصحف الشريف
(*) مكية بإجماع
(*) عدد آياتها 5 آيات
(*) نزلت سورة الفيل بعد سورة الكافرين
(*) سُميت سورة " الفيل " لذكر اللفظ في أول السورة في قوله تعالى: " أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ "
* و سُميت سورة " أَلَمْ تَرَ " وهي استفتاح السورة
(*) في نزول السورة تنبيه قريش أو تذكيرهم بما ظهر من كرامة النبي صلى الله عليه وسلم عند الله إذ أهلك أصحاب الفيل في عام ولادته ، تثبيت النبي صلى الله عليه وسلم بأن الله يدفع عنه كيد المشركين، فإن الذي دفع كيد من يكيد لبيته، لأحَقّ بأن يدفع كيد من يكيد لرسوله صلى الله عليه وسلم ودينه ... التحرير والتنوير لابن عاشور
(*) قال بعض العلماء: كانت قصة الفيل فيما بعد من معجزات النبي صلى الله عليه وسلم وإن كانت قبله، وقبل التحدي، لأنها كانت توكيدا لأمره، وتمهيدا لشأنه، ولما تلا عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه السورة كان بمكة عدد كثير ممن شهد تلك الواقعة، ولهذا قال: "ألم تر" ولم يكن بـ مكة أحد إلا وقد رأى قائد الفيل، وسائقه أعميين يتكففان الناس ... تفسير اللباب في علوم الكتاب
** فضل سورة الفيل
(*) عن المعرور بن سويد قال : خرجنا مع عمرَ في حجَّةٍ حجَّها ، فقرأ بنا في الفجرِ "أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعْلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ" و "لِإيلَافِ قُرَيْشٍ" ... تحذير الساجد للألباني
(*) سورة " الفيل " من المُفَصَّل من سور القرآن الكريم
وعن واثلة بن الأسقع الليثي أبو فسيلة :عن النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال :" أُعطِيتُ مكانَ التَّوراةِ السَّبعَ الطِّوالَ ، ومكانَ الزَّبورِ المئين ، ومكانَ الإنجيلِ المثانيَ ، وفُضِّلتُ بالمُفصَّلِ " ... السلسلة الصحيحة
* و عن أبي وائل قال : جاء رَجُل إلى ابن مسعود، فقال: قَرأتُ المُفَصَّل اللَّيلة في ركْعة ، فقال: هذًّا كَهَذِّ الشِّعْر، لقَد عَرَفْتُ النّظَائر الّتي كان النبيّ صلّى الله عليه وسلَّم يَقرُن بيْنهُنّ ، فذَكَر عشرين سُورة مِن المُفَصَّل، سُورتيْن في كُلّ ركْعة ... رواه البخاري
* وقد أورد الحافظ ابن حجر العسقلاني في فتح الباري لشرح صحيح البخاري :
قوله " قَرأتُ المُفَصَّل " : تقدم أنه من ق إلى آخر القرآن على الصحيح ، وسُمِّيَ مفصَّلا لكثرة الفصل بين سُورِه بالبسملة على الصحيح
** قصة أصحاب الفيل
(*) القصة كما أوردها القرطبي: أن أبرهة بنى القُلّيس بصنعاء ، وهي كنيسة لم ير مثلها في زمانها بشيء من الأرض ، وكان نصرانياً ، ثم كتب إلى النَجاشيّ : إني قد بنيت لك أيها الملك كنيسة لم يبن مثلها لملك كان قبلك ، ولست بمنته حتى أصرف إليها حج العرب فلما تحدث العرب بكتاب أبرهة ذلك إلى النجاشي ، غضب رجل من النسأة ، فخرج حتى أتى الكنيسة ، فقعد فيها (أي أحدث) ثم خرج فلحق بأرضه ; فأخبر بذلك أبرهة ، فقال : من صنع هذا ؟ فقيل : صنعه رجل من أهل هذا البيت ، الذي تحج إليه العرب بمكة ، لما سمع قولك:"أصرف إليها حج العرب" غضب ، فجاء فقعد فيها. أي أنها ليست لذلك بأهل .
* فغضب عند ذلك أبرهة ، وحلف ليسيرن إلى البيت حتى يهدمه ، وبعث رجلا كان عنده إلى بني كنانة يدعوهم إلى حج تلك الكنيسة ; فقتلت بنو كنانة ذلك الرجل ; فزاد أبرهة ذلك غضبا وحنقا ، ثم أمر الحبشة فتهيأت وتجهزت ، ثم سار وخرج معه بالفيل ; وسمعت بذلك العرب ، فأعظموه وفظعوا به ، ورأوا جهاده حقا عليهم ، حين سمعوا أنه يريد هدم الكعبة بيت الله الحرام
* فخرج إليه رجل من أشراف أهل اليمن وملوكهم ، يقال له ذو نفر ، فدعا قومه ومن أجابه من سائر العرب إلى حرب أبرهة ، وجهاده عن بيت الله الحرام ، وما يريد من هدمه وإخرابه ; فأجابه من أجابه إلى ذلك ، ثم عرض له فقاتله ، فهزم ذو نفر وأصحابه ، وأخذ له ذو نفر فأتي به أسيرا ; فلما أراد قتله قال له ذو نفر : أيها الملك لا تقتلني ، فإنه عسى أن يكون بقائي معك خيرا لك من قتلي ; فتركه من القتل ، وحبسه عنده في وثاق
* ثم مضى أبرهة على وجهه ذلك ، يريد ما خرج له ، حتى إذا كان بأرض خثعم عرض له نفيل بن حبيب الخثعمي في قبيلتي خثعم : شهران وناهس ، ومن تبعه من قبائل العرب ; فقاتله فهزمه أبرهة ، وأخذ له نفيل أسيرا ; فأتي به ، فلما هم بقتله قال له نفيل : أيها الملك لا تقتلني فإني دليلك بأرض العرب ، وهاتان يداي لك على قبيلتي خثعم : شهران وناهس ، بالسمع والطاعة ; فخلى سبيله . وخرج به معه يدله ، حتى إذا مر بالطائف خرج إليه مسعود بن معتب في رجال من ثقيف ، فقالوا له : أيها الملك ، إنما نحن عبيدك ; سامعون لك مطيعون ، ليس عندنا لك خلاف ، وليس بيتنا هذا البيت الذي تريد (يعنون اللات) إنما تريد البيت الذي بمكة ، نحن نبعث معك من يدلك عليه ; فتجاوز عنهم . وبعثوا معه أبا رغال ، حتى أنزله المغمس فلما أنزله به مات أبو رغال هناك ، فرجمت قبره العرب
* فلما نزل أبرهة بالمغمس ، بعث رجلا من الحبشة يقال له الأسود بن مقصود على خيل له ، حتى انتهى إلى مكة فساق إليه أموال أهل تهامة من قريش وغيرهم ، وأصاب فيها مائتي بعير لعبد المطلب بن هاشم ، وهو يومئذ كبير قريش وسيدها ; فهمت قريش وكنانة وهذيل ومن كان بذلك الحرم بقتاله ; ثم عرفوا أنهم لا طاقة لهم به ، فتركوا ذلك .
* وبعث أبرهة حناطة الحميري إلى مكة ، وقال له : سل عن سيّد هذا البلد وشريفهم ، ثم قل له : إن الملك يقول : إني لم آت لحربكم ، إنما جئت لهدم هذا البيت ، فإن لم تعرضوا لي بحرب ، فلا حاجة لي بدمائكم ; فإن هو لم يُرد حربي فأتِنِي به .
* فلما دخل حناطة مكة ، سأل عن سيد قريش وشريفها ; فقيل له : عبد المطلب بن هاشم ; فجاءه فقال له ما أمره به أبرهة ; فقال له عبد المطلب : والله ما نريد حربه ، وما لنا بذلك منه طاقة ، هذا بيت الله الحرام ، وبيت خليله إبراهيم عليه السلام، أو كما قال ، فإن يمنعه منه فهو حرمه وبيته ، وإن يحل بينه وبينه ، فوالله ما عندنا دفع عنه . فقال له حناطة : فانطلق إليه ، فإنه قد أمرني أن آتيه بك
* فانطلق معه عبد المطلب ، ومعه بعض بنيه ، حتى أتى العسكر ; فسأل عن ذي نفر ، وكان صديقا له ، حتى دخل عليه وهو في محبسه ، فقال له : يا ذا نفر ، هل عندك من غناء فيما نزل بنا ؟ فقال له ذو نفر ; وما غناء رجل أسير بيدي ملك ، ينتظر أن يقتله غدوا وعشيا ما عندي غناء في شيء مما نزل بك ، إلا أن أنيساً سائس الفيل صديق لي ، فسأرسل إليه ، وأوصيه بك ، وأعظم عليه حقك ، وأسأله أن يستأذن لك على الملك ، فتكلمه بما بدا لك ، ويشفع لك عنده بخير إن قدر على ذلك ; فقال حسبي . فبعث ذو نفر إلى أنيس ، فقال له : إن عبد المطلب سيد قريش ، وصاحب عين مكة ، ويطعم الناس بالسهل ، والوحوش في رءوس الجبال ، وقد أصاب له الملك مائتي بعير ، فاستأذن له عليه ، وانفعه عنده بما استطعت ; فقال : أفعل
* فكلم أنيس أبرهة ، فقال له : أيها الملك ، هذا سيد قريش ببابك ، يستأذن عليك ، وهو صاحب عين مكة ، يطعم الناس بالسهل ، والوحوش في رءوس الجبال ; فأذن له عليك ، فيكلمك في حاجته . قال : فأذن له أبرهة .
* وكان عبد المطلب أوسم الناس ، وأعظمهم وأجملهم ، فلما رآه أبرهة أجله ، وأعظمه عن أن يجلسه تحته ; فنزل أبرهة عن سريره ، فجلس على بساطه وأجلسه معه عليه إلى جنبه . ثم قال لترجمانه : قل له : حاجتك ؟ فقال له ذلك الترجمان ، فقال : حاجتي أن يرد علي الملك مائتي بعير أصابها لي . فلما قال له ذلك ، قال أبرهة لترجمانه : قل له لقد كنت أعجبتني حين رأيتك ، ثم قد زهدت فيك حين كلمتني ، أتكلمني في مائتي بعير أصبتها لك ، وتترك بيتا هو دينك ودين آبائك ، قد جئت لهدمه لا تكلمني فيه ، قال له عبد المطلب : إني أنا رب الإبل ، وإن للبيت ربا سيمنعه ، قال : ما كان ليمتنع مني ، قال :أنت وذاك ، فرد عليه إبله ، وانصرف عبد المطلب إلى قريش ، فأخبرهم الخبر ، وأمرهم بالخروج من مكة والتحرز في شعف الجبال والشعاب ، تخوفا عليهم معرة الجيش . ثم قام عبد المطلب فأخذ بحلقة باب الكعبة ، وقام معه نفر من قريش ، يدعون الله ويستنصرونه على أبرهة وجنده
قال ابن إسحاق : ثم أرسل عبد المطلب حلقة باب الكعبة ، ثم انطلق هو ومن معه من قريش إلى شعف الجبال ، فتحرزوا فيها ، ينتظرون ما أبرهة فاعل بمكة إذا دخلها
* فلما أصبح أبرهة تهيأ لدخول مكة ، وهيأ فيله ، وعبأ جيشه ، وكان اسم الفيل محمودا ، وأبرهة مجمع لهدم البيت ، ثم الانصراف إلى اليمن ، فلما وجهوا الفيل إلى مكة ، أقبل نفيل بن حبيب ، حتى قام إلى جنب الفيل ، ثم أخذ بأذنه فقال له : ابرك محمود ، وارجع راشدا من حيث جئت ، فإنك في بلد الله الحرام ، ثم أرسل أذنه ، فبرك الفيل ، وخرج نفيل بن حبيب يشتد ، حتى أصعد في الجبل ، وضربوا الفيل ليقوم فأبى ، فضربوا في رأسه بالطبرزين ليقوم فأبى ; فأدخلوا محاجن لهم في مراقه ، فبزغوه بها ليقوم ، فأبَى ، فوجهوه راجعا إلى اليمن ، فقام يهرول ووجهوه إلى الشام ، ففعل مثل ذلك ، ووجهوه إلى المشرق ، ففعل مثل ذلك ، ووجهوه إلى مكة فبَرَك ، وأرسل الله عليهم طيرا من البحر ، أمثال الخطاطيف والبلسان ، مع كل طائر منها ثلاثة أحجار : حجر في منقاره ، وحجران في رجليه ، أمثال الحمص والعدس ، لا تصيب منهم أحَدًا إلا هَلَك ؛ وليس كلهم أصابت . وخرجوا هاربين يبتدرون الطريق التي جاءوا منها
(*) قال ابن إسحاق : لما رد الله الحبشة عن مكة ، عظَّمت العرب قريشا وقالوا : أهل الله ، قاتل عنهم ، وكفاهم مؤونة عدوهم ، فكان ذلك نعمة من الله عليهم ... تفسير القرطبي
(*) قال الواقدي : أبرهة جد النجاشي الذي كان في زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم ... تفسير القرطبي
(*) عن قيس بن مخرمة رضي الله عنه قال: ولدتُ أنا ورسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم عام الفيل ، فنحنُ لِدَتانِ ... السلسلة الصحيحة للألباني
(*) عن عمرة بنت عبدالرحمن عن عائشة زوجِ النبيِّ صلّى الله عليه وسلّم قالت: لقدْ رأيتُ قائِدَ الفيل وسائِسَهُ أَعْمَيَيْن مُقْعَدَيْن يسْتَطْعِمان بمكة ... مجمع الزوائد للهيثمي
(*) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: لما فتح الله تعالى على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم مكَّة؛ قام رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فيهم، فحَمِدَ الله وأثنى عليه، ثم قال: " إن الله حَبَسَ عن مكة الفِيلَ، وسلَّطَ عليها رسولَه والمؤمنين ، وإنما أُحِلّتْ لي ساعةً من النهار، ثم هي حرام إلى يوم القيامة، لا يُعْضَد شَجَرُها، ولا يُنَفَّرُ صيدها، ولا تَحِلُّ لُقَطَتُها إلا لِمُنْشِدِ ".فقام عباس (أو قال: قال العباس): يا رسول الَله! إلا الإِذْخِرَ؛ فإنه لقبورنا وبيوتنا؟! فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : " إلا الإذخر " ... صحيح أبي داود للألباني
** أسباب نزول آيات سورة الفيل
(*) السورة المائة و خمسة في ترتيب المصحف الشريف
(*) مكية بإجماع
(*) عدد آياتها 5 آيات
(*) نزلت سورة الفيل بعد سورة الكافرين
(*) سُميت سورة " الفيل " لذكر اللفظ في أول السورة في قوله تعالى: " أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ "
* و سُميت سورة " أَلَمْ تَرَ " وهي استفتاح السورة
(*) في نزول السورة تنبيه قريش أو تذكيرهم بما ظهر من كرامة النبي صلى الله عليه وسلم عند الله إذ أهلك أصحاب الفيل في عام ولادته ، تثبيت النبي صلى الله عليه وسلم بأن الله يدفع عنه كيد المشركين، فإن الذي دفع كيد من يكيد لبيته، لأحَقّ بأن يدفع كيد من يكيد لرسوله صلى الله عليه وسلم ودينه ... التحرير والتنوير لابن عاشور
(*) قال بعض العلماء: كانت قصة الفيل فيما بعد من معجزات النبي صلى الله عليه وسلم وإن كانت قبله، وقبل التحدي، لأنها كانت توكيدا لأمره، وتمهيدا لشأنه، ولما تلا عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه السورة كان بمكة عدد كثير ممن شهد تلك الواقعة، ولهذا قال: "ألم تر" ولم يكن بـ مكة أحد إلا وقد رأى قائد الفيل، وسائقه أعميين يتكففان الناس ... تفسير اللباب في علوم الكتاب
** فضل سورة الفيل
(*) عن المعرور بن سويد قال : خرجنا مع عمرَ في حجَّةٍ حجَّها ، فقرأ بنا في الفجرِ "أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعْلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ" و "لِإيلَافِ قُرَيْشٍ" ... تحذير الساجد للألباني
(*) سورة " الفيل " من المُفَصَّل من سور القرآن الكريم
وعن واثلة بن الأسقع الليثي أبو فسيلة :عن النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال :" أُعطِيتُ مكانَ التَّوراةِ السَّبعَ الطِّوالَ ، ومكانَ الزَّبورِ المئين ، ومكانَ الإنجيلِ المثانيَ ، وفُضِّلتُ بالمُفصَّلِ " ... السلسلة الصحيحة
* و عن أبي وائل قال : جاء رَجُل إلى ابن مسعود، فقال: قَرأتُ المُفَصَّل اللَّيلة في ركْعة ، فقال: هذًّا كَهَذِّ الشِّعْر، لقَد عَرَفْتُ النّظَائر الّتي كان النبيّ صلّى الله عليه وسلَّم يَقرُن بيْنهُنّ ، فذَكَر عشرين سُورة مِن المُفَصَّل، سُورتيْن في كُلّ ركْعة ... رواه البخاري
* وقد أورد الحافظ ابن حجر العسقلاني في فتح الباري لشرح صحيح البخاري :
قوله " قَرأتُ المُفَصَّل " : تقدم أنه من ق إلى آخر القرآن على الصحيح ، وسُمِّيَ مفصَّلا لكثرة الفصل بين سُورِه بالبسملة على الصحيح
** قصة أصحاب الفيل
(*) القصة كما أوردها القرطبي: أن أبرهة بنى القُلّيس بصنعاء ، وهي كنيسة لم ير مثلها في زمانها بشيء من الأرض ، وكان نصرانياً ، ثم كتب إلى النَجاشيّ : إني قد بنيت لك أيها الملك كنيسة لم يبن مثلها لملك كان قبلك ، ولست بمنته حتى أصرف إليها حج العرب فلما تحدث العرب بكتاب أبرهة ذلك إلى النجاشي ، غضب رجل من النسأة ، فخرج حتى أتى الكنيسة ، فقعد فيها (أي أحدث) ثم خرج فلحق بأرضه ; فأخبر بذلك أبرهة ، فقال : من صنع هذا ؟ فقيل : صنعه رجل من أهل هذا البيت ، الذي تحج إليه العرب بمكة ، لما سمع قولك:"أصرف إليها حج العرب" غضب ، فجاء فقعد فيها. أي أنها ليست لذلك بأهل .
* فغضب عند ذلك أبرهة ، وحلف ليسيرن إلى البيت حتى يهدمه ، وبعث رجلا كان عنده إلى بني كنانة يدعوهم إلى حج تلك الكنيسة ; فقتلت بنو كنانة ذلك الرجل ; فزاد أبرهة ذلك غضبا وحنقا ، ثم أمر الحبشة فتهيأت وتجهزت ، ثم سار وخرج معه بالفيل ; وسمعت بذلك العرب ، فأعظموه وفظعوا به ، ورأوا جهاده حقا عليهم ، حين سمعوا أنه يريد هدم الكعبة بيت الله الحرام
* فخرج إليه رجل من أشراف أهل اليمن وملوكهم ، يقال له ذو نفر ، فدعا قومه ومن أجابه من سائر العرب إلى حرب أبرهة ، وجهاده عن بيت الله الحرام ، وما يريد من هدمه وإخرابه ; فأجابه من أجابه إلى ذلك ، ثم عرض له فقاتله ، فهزم ذو نفر وأصحابه ، وأخذ له ذو نفر فأتي به أسيرا ; فلما أراد قتله قال له ذو نفر : أيها الملك لا تقتلني ، فإنه عسى أن يكون بقائي معك خيرا لك من قتلي ; فتركه من القتل ، وحبسه عنده في وثاق
* ثم مضى أبرهة على وجهه ذلك ، يريد ما خرج له ، حتى إذا كان بأرض خثعم عرض له نفيل بن حبيب الخثعمي في قبيلتي خثعم : شهران وناهس ، ومن تبعه من قبائل العرب ; فقاتله فهزمه أبرهة ، وأخذ له نفيل أسيرا ; فأتي به ، فلما هم بقتله قال له نفيل : أيها الملك لا تقتلني فإني دليلك بأرض العرب ، وهاتان يداي لك على قبيلتي خثعم : شهران وناهس ، بالسمع والطاعة ; فخلى سبيله . وخرج به معه يدله ، حتى إذا مر بالطائف خرج إليه مسعود بن معتب في رجال من ثقيف ، فقالوا له : أيها الملك ، إنما نحن عبيدك ; سامعون لك مطيعون ، ليس عندنا لك خلاف ، وليس بيتنا هذا البيت الذي تريد (يعنون اللات) إنما تريد البيت الذي بمكة ، نحن نبعث معك من يدلك عليه ; فتجاوز عنهم . وبعثوا معه أبا رغال ، حتى أنزله المغمس فلما أنزله به مات أبو رغال هناك ، فرجمت قبره العرب
* فلما نزل أبرهة بالمغمس ، بعث رجلا من الحبشة يقال له الأسود بن مقصود على خيل له ، حتى انتهى إلى مكة فساق إليه أموال أهل تهامة من قريش وغيرهم ، وأصاب فيها مائتي بعير لعبد المطلب بن هاشم ، وهو يومئذ كبير قريش وسيدها ; فهمت قريش وكنانة وهذيل ومن كان بذلك الحرم بقتاله ; ثم عرفوا أنهم لا طاقة لهم به ، فتركوا ذلك .
* وبعث أبرهة حناطة الحميري إلى مكة ، وقال له : سل عن سيّد هذا البلد وشريفهم ، ثم قل له : إن الملك يقول : إني لم آت لحربكم ، إنما جئت لهدم هذا البيت ، فإن لم تعرضوا لي بحرب ، فلا حاجة لي بدمائكم ; فإن هو لم يُرد حربي فأتِنِي به .
* فلما دخل حناطة مكة ، سأل عن سيد قريش وشريفها ; فقيل له : عبد المطلب بن هاشم ; فجاءه فقال له ما أمره به أبرهة ; فقال له عبد المطلب : والله ما نريد حربه ، وما لنا بذلك منه طاقة ، هذا بيت الله الحرام ، وبيت خليله إبراهيم عليه السلام، أو كما قال ، فإن يمنعه منه فهو حرمه وبيته ، وإن يحل بينه وبينه ، فوالله ما عندنا دفع عنه . فقال له حناطة : فانطلق إليه ، فإنه قد أمرني أن آتيه بك
* فانطلق معه عبد المطلب ، ومعه بعض بنيه ، حتى أتى العسكر ; فسأل عن ذي نفر ، وكان صديقا له ، حتى دخل عليه وهو في محبسه ، فقال له : يا ذا نفر ، هل عندك من غناء فيما نزل بنا ؟ فقال له ذو نفر ; وما غناء رجل أسير بيدي ملك ، ينتظر أن يقتله غدوا وعشيا ما عندي غناء في شيء مما نزل بك ، إلا أن أنيساً سائس الفيل صديق لي ، فسأرسل إليه ، وأوصيه بك ، وأعظم عليه حقك ، وأسأله أن يستأذن لك على الملك ، فتكلمه بما بدا لك ، ويشفع لك عنده بخير إن قدر على ذلك ; فقال حسبي . فبعث ذو نفر إلى أنيس ، فقال له : إن عبد المطلب سيد قريش ، وصاحب عين مكة ، ويطعم الناس بالسهل ، والوحوش في رءوس الجبال ، وقد أصاب له الملك مائتي بعير ، فاستأذن له عليه ، وانفعه عنده بما استطعت ; فقال : أفعل
* فكلم أنيس أبرهة ، فقال له : أيها الملك ، هذا سيد قريش ببابك ، يستأذن عليك ، وهو صاحب عين مكة ، يطعم الناس بالسهل ، والوحوش في رءوس الجبال ; فأذن له عليك ، فيكلمك في حاجته . قال : فأذن له أبرهة .
* وكان عبد المطلب أوسم الناس ، وأعظمهم وأجملهم ، فلما رآه أبرهة أجله ، وأعظمه عن أن يجلسه تحته ; فنزل أبرهة عن سريره ، فجلس على بساطه وأجلسه معه عليه إلى جنبه . ثم قال لترجمانه : قل له : حاجتك ؟ فقال له ذلك الترجمان ، فقال : حاجتي أن يرد علي الملك مائتي بعير أصابها لي . فلما قال له ذلك ، قال أبرهة لترجمانه : قل له لقد كنت أعجبتني حين رأيتك ، ثم قد زهدت فيك حين كلمتني ، أتكلمني في مائتي بعير أصبتها لك ، وتترك بيتا هو دينك ودين آبائك ، قد جئت لهدمه لا تكلمني فيه ، قال له عبد المطلب : إني أنا رب الإبل ، وإن للبيت ربا سيمنعه ، قال : ما كان ليمتنع مني ، قال :أنت وذاك ، فرد عليه إبله ، وانصرف عبد المطلب إلى قريش ، فأخبرهم الخبر ، وأمرهم بالخروج من مكة والتحرز في شعف الجبال والشعاب ، تخوفا عليهم معرة الجيش . ثم قام عبد المطلب فأخذ بحلقة باب الكعبة ، وقام معه نفر من قريش ، يدعون الله ويستنصرونه على أبرهة وجنده
قال ابن إسحاق : ثم أرسل عبد المطلب حلقة باب الكعبة ، ثم انطلق هو ومن معه من قريش إلى شعف الجبال ، فتحرزوا فيها ، ينتظرون ما أبرهة فاعل بمكة إذا دخلها
* فلما أصبح أبرهة تهيأ لدخول مكة ، وهيأ فيله ، وعبأ جيشه ، وكان اسم الفيل محمودا ، وأبرهة مجمع لهدم البيت ، ثم الانصراف إلى اليمن ، فلما وجهوا الفيل إلى مكة ، أقبل نفيل بن حبيب ، حتى قام إلى جنب الفيل ، ثم أخذ بأذنه فقال له : ابرك محمود ، وارجع راشدا من حيث جئت ، فإنك في بلد الله الحرام ، ثم أرسل أذنه ، فبرك الفيل ، وخرج نفيل بن حبيب يشتد ، حتى أصعد في الجبل ، وضربوا الفيل ليقوم فأبى ، فضربوا في رأسه بالطبرزين ليقوم فأبى ; فأدخلوا محاجن لهم في مراقه ، فبزغوه بها ليقوم ، فأبَى ، فوجهوه راجعا إلى اليمن ، فقام يهرول ووجهوه إلى الشام ، ففعل مثل ذلك ، ووجهوه إلى المشرق ، ففعل مثل ذلك ، ووجهوه إلى مكة فبَرَك ، وأرسل الله عليهم طيرا من البحر ، أمثال الخطاطيف والبلسان ، مع كل طائر منها ثلاثة أحجار : حجر في منقاره ، وحجران في رجليه ، أمثال الحمص والعدس ، لا تصيب منهم أحَدًا إلا هَلَك ؛ وليس كلهم أصابت . وخرجوا هاربين يبتدرون الطريق التي جاءوا منها
(*) قال ابن إسحاق : لما رد الله الحبشة عن مكة ، عظَّمت العرب قريشا وقالوا : أهل الله ، قاتل عنهم ، وكفاهم مؤونة عدوهم ، فكان ذلك نعمة من الله عليهم ... تفسير القرطبي
(*) قال الواقدي : أبرهة جد النجاشي الذي كان في زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم ... تفسير القرطبي
(*) عن قيس بن مخرمة رضي الله عنه قال: ولدتُ أنا ورسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم عام الفيل ، فنحنُ لِدَتانِ ... السلسلة الصحيحة للألباني
(*) عن عمرة بنت عبدالرحمن عن عائشة زوجِ النبيِّ صلّى الله عليه وسلّم قالت: لقدْ رأيتُ قائِدَ الفيل وسائِسَهُ أَعْمَيَيْن مُقْعَدَيْن يسْتَطْعِمان بمكة ... مجمع الزوائد للهيثمي
(*) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: لما فتح الله تعالى على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم مكَّة؛ قام رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فيهم، فحَمِدَ الله وأثنى عليه، ثم قال: " إن الله حَبَسَ عن مكة الفِيلَ، وسلَّطَ عليها رسولَه والمؤمنين ، وإنما أُحِلّتْ لي ساعةً من النهار، ثم هي حرام إلى يوم القيامة، لا يُعْضَد شَجَرُها، ولا يُنَفَّرُ صيدها، ولا تَحِلُّ لُقَطَتُها إلا لِمُنْشِدِ ".فقام عباس (أو قال: قال العباس): يا رسول الَله! إلا الإِذْخِرَ؛ فإنه لقبورنا وبيوتنا؟! فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : " إلا الإذخر " ... صحيح أبي داود للألباني
** أسباب نزول آيات سورة الفيل
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق