<title>الم ، ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ ... سورة البقرة ~ أسباب نزول آيات القرآن

الأربعاء، 14 فبراير 2018

الم ، ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ ... سورة البقرة

 ** ورد عند الواحدى 
قوله تعالى :" الم ، ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ"
(*)عن عطاء الخراساني ، عن عكرمة قال : أول سورة أنزلت بالمدينة سورة البقرة . 
(*)عن مجاهد قال : أربع آيات من أول هذه السورة نزلت في المؤمنين ، وآيتان بعدها نزلتا في الكافرين ، وثلاثة عشرة بعدها نزلت في المنافقين . 
** ورد عند ابن الجوزي
قوله تعالى :" الم ، ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ"
(*) قال أبو روق عطية بن الحارث الهمداني: كان النبي صلى الله عليه وسلم يجهر بالقراءة في الصلوات  كلها وكان المشركون يصفقون ويصفرون فنزلت هذه الحروف المقطعة ،فسمعوها فبقوا متحيرين 
(*) وقال غيره: إنما خاطبهم بما لا يفهمون ليقبلوا على سماعه ، لأن النفوس تتطلع إلى ما غاب عنها معناه . فإذا أقبلوا إليه خاطبهم بما يفهمون ، فصار ذلك كالوسيلة إلى الإبلاغ إلا أنه لا بد له من معنى يعلمه غيرهم ، أو يكون معلوما عند المخاطبين ، فهذا الكلام يعم جميع الحروف .
(*) وقد خص المفسرون قوله "الم" بخمسة أقوال:
أحدها: أنه من المتشابه الذي لا يعلم معناه إلا الله عز وجل ، وقد سبق بيانه .
والثاني: أن معناه: أنا الله أعلم . رواه أبو الضحى عن ابن عباس ، وبه قال ابن مسعود ، وسعيد بن جبير .
والثالث: أنه قسم . رواه أبو صالح عن ابن عباس ، وخالد الحذاء عن عكرمة .
والرابع: أنها حروف من أسماء . ثم فيها قولان . 
أحدهما: أن الألِف من "الله" واللام من "جبريل" والميم من "محمد" قاله ابن عباس
فإن قيل: إذا كان قد تنوول من كل اسم حرفه الأول اكتفاء به ، فلم أخذت اللام من جبريل وهي آخر الاسم؟! .
فالجواب: أن مبتدأ القرآن من الله تعالى ، فدل على ذلك بابتداء أول حرف من اسمه ، وجبريل انختم به التنزيل والإقراء ، فتنوول من اسمه نهاية حروفه ، و"محمد" مبتدأ في الإقراء ، فتنوول أول حرف فيه . 
والقول الثاني: أن الألف من "الله" تعالى ، واللام من "لطيف" والميم من "مجيد" قاله أبو العالية .
والخامس: أنه اسم من أسماء القرآن ، قاله مجاهد ، والشعبي ، وقتادة ، وابن جريج 
** وورد عند القرطبي 
قوله تعالى :" الم ، ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ"
(*) قوله تعالى :" الم "
اختلف أهل التّأْويل في الحُروف الّتي في أوائل السُّورة
فقال عامر الشّعبي وسفيان الثّوري وجماعة من المحَدّثين : هي سِرّ اللَّه في القرآن ، وللَّه في كل كتاب من كُتبه سِرّ . فهي مِن المُتَشَابه الّذي انفرد اللَّه تعالى بِعِلْمِه ، ولا يجِب أن يُتَكلَّم فيها ، ولكن نُؤمن بها ونقرأ كما جاءت . ورُوِي هذا القَول عن أَبي بكر الصّدِّيق وعن عليّ بن أَبي طالب رضي اللَّه عنهما . 
وذكر أبو اللّيث السّمرقنديّ عن عُمر وعثمان وابن مسعود أنّهم قَالُوا : الحروف المقطَّعة من المَكتوم الّذي لا يُفَسّر . 
وقال أبو حاتم : لمْ نَجد الحُروف المُقطّعة في القرآن إِلّا في أوائِل السُّور ، ولا نَدْري ما أراد اللَّه جلّ وعزّ بها .
عن سعيد بن مَسْرُوق عن الرّبيع بن خُثَيم قال : إنّ اللَّه تعالى أنزل هذا القرآن فاسْتَأْثر منْه بعِلْم ما شاء ، وأطلعكم على ما شَاءَ ، فأمّا ما اسْتَأْثر به لنفسه فلستم بنائلِيه فلا تسأَلُوا عنه ، وأمّا الّذي أطْلعَكُم علَيْه فهُو الّذي تَسْأَلون عنه وتُخْبَرون بِه ، وما بكل القرآن تعلمون ، ولا بكل ما تعلمون تعملون.
وقال قُطْرُب والفرّاء وغيرهما : هي إشارة إِلى حروف الهجاء أعْلم اللَّه بها العرب حين تحدّاهُم بالقرآن أنّه مُؤْتلَف مِن حُروف هي الّتي منها بِناء كلامهِم ; ليكون عجْزهم عنه أبْلَغ في الحُجّة عليهِم إذْ لَمْ يخرج عن كلامهم .
* وقال قُطْرب : كانوا ينفِرُون عند اسْتماع القرآن ، فلمّا سمعوا : الم و المص ، اسْتَنكروا هذا اللّفظ ، فلمّا أنصتوا له صلَّى اللَّه عليه وسلَّم أقْبل عليْهم بالقرآن المُؤتَلف ليثبِّته في أَسماعهم وآذانهم ويُقيم الحُجَّة عليهم .
* وقال قوم : رُوِي أنّ المُشركين لمّا أعرضُوا عن سماع القرآن بمكَّة وقالُوا : " لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ "  نزلت "الم " ليسْتغرِبُوها فيفْتحون لها أسْماعهُم فيَسمعون القرآن بعدها فتَجب عليهِم الحُجَّة .
وقال جماعة : هي حروف دالَّة علَى أسْماء أُخِذَت منها وحُذِفت بقِيّتها ; كقوْل ابن عبّاس وغيره : الأَلِف من اللَّه ، واللَّام من جبريل ، والمِيم من محمَّد صلَّى اللَّه عليه وسلَّم 
وقال الكلبيّ : هي أقسام أَقسَم اللَّه   تعالى   بها لشَرفها وفضْلها ، وهي من أسْمائه 
ورُوِي عن محمّد بن عليّ التّرمذيّ أنّه قال : إِنّ اللَّه تعالى أوْدع جميع ما في تلك السُّورة من الأحكام والقصص في الحُروف الّتي ذكرها في أوَّل السُّورة ، ولا يعرف ذلك إِلّا نبِيّ أو وَلِيّ،ثمّ بيّن ذلك في جميع السُّورة ليُفَقِّه النّاس . وقِيل غير هذا من الأَقوال ; فاللَّه أعلَم .
(*) قوله تعالى : "ذَلِكَ الْكِتَابُ" 
فاخْتُلِف في "ذَلِكَ" الغَائب: 
فقيل : "ذَلِكَ الْكِتَابُ" أَيِ الكتاب الّذي كَتَبْتُ علَى الخَلائق بالسّعادة والشَّقاوة والأجل والرّزق ." لَا رَيْبَ فِيهِ" ; أَيْ لا مُبَدِّل له .
* وقيل : "ذَلِكَ الْكِتَابُ" ; أي الّذي كَتَبْتُ على نَفسِي في الأَزَل أنّ رحْمَتي سَبَقَت غضبي 
وفي  صحيح مسلم عن أبي هريرة قال : قال رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وسلَّم : لَمَّا قَضَى اللَّهُ الْخَلْقَ كَتَبَ فِي كِتَابِهِ عَلَى نَفْسِهِ فَهُوَ مَوْضُوعٌ عِنْدَهُ : أَنَّ رَحْمَتِي تَغْلِبُ غَضَبِي" فِي رِوَايَة : " سَبَقَتْ "
وقيل : الإِشارة إِلى ما قد نَزل من القرآن بمكّة .
وقيل : إنّ اللَّه تبارك وتعالى لمّا أَنْزل على نبِيّه صلَّى اللَّه عليه وسلَّم بمكّة : "إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا" لَمْ يزَلْ رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وسلَّم مُسْتَشرفًا لِإِنجاز هذا الوعْد مِن ربِّه عزّ وجلّ ; فلمّا أُنْزِل عليه بالمدينة : "الم . ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ " كان فيه معنى هذا القرآن الّذي أنْزلتُه عَلَيْك بالمدينة ، ذلك الكتاب الّذي وعَدتُكَ أن أُوحِيَه إِليْك بمكّة .
وقيل : إنّ ذلك إِشارة إِلى ما في التّوراة والإِنجِيل . و (الم) اسْم للقرآن ; والتّقدير هذا القرآن ذلك الكتاب المفسّر في التّوراة والإِنجيل ; يعني :أنّ التَّوراة والإِنجيل يشْهدان بصحَّتِه ويَسْتغرق ما فيهما ويزيد عليهما ما ليس فيهما .
وقال الكِسَائيّ : ذلك إِشارة إِلى القرآن الّذي في السَّماء لم ينزل بعد .
قيل : إنّ اللَّه تعالى قدْ كان وَعَد أَهل الكتاب أن يُنَزِّل على محمّد صلَّى اللَّه عليه وسلَّم كِتابًا ; فالإِشارة إِلى ذلك الوَعْد . 
قال المُبَرِّد : الْمَعْنَى هذا القرآن ذلك الكتاب  الّذي كنتم تَسْتفتحون بِه على الّذِين كفروا .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق