<title>العجل في القرآن الكريم ... دواب وأنعام ذُكِرَت في القرآن الكريم ~ أسباب نزول آيات القرآن

الأربعاء، 27 أبريل 2022

العجل في القرآن الكريم ... دواب وأنعام ذُكِرَت في القرآن الكريم

ورد ذِكر العجل بلفظه في القرآن الكريم في عدة  مواضع ولكنها جميعا ما بين قصة العِجل الذي قدّمه نبي الله ابراهيم عليه السلام لضيفه ، وقصة العجل الذي صنعه السامري الذي كان  من قوم نبي الله موسى عليه السلام

** أولا:

ذُكِر العِجل الذي قدّمه نبي الله ابراهيم عليه السلام لضيوفه مرتان  في موضعين مختلفين  إحداها في سورة  الذاريات والأخرى في سورة هود

** وملخص ذكره في الموضعين:

 أنه  دخل ضيف نبي الله ابراهيم عليه السلام  بيته ، ولم يكن يعرف هيئتهم التي جاءوا بها ، فلم يتعرف عليهم ، فسلّموا عليه ،و قام ابراهيم عليه السلام بأداء واجب الضيافة كعادته ، وجاء بعجل قد شَوَاه لهم وقدمه لهم ، فلم يأكلوا فخاف ابراهيم في نفسه فبشروه بالغلام العليم ، و أخبروه أنهم أتوا لإهلاك قوم  نبي الله لوط عليه السلام  جميعا  ، ماعدا لوط عليه السلام وأهله إلا امرأته الكافرة فيصيبها العذاب مع قومها

 ذِكر العجل في سورة الذاريات في قوله تعالى : " هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ المُكْرَمِينَ ، إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلَامًا قَالَ سَلَامٌ قَوْمٌ مُّنكَرُونَ ، فَرَاغَ إِلَى أَهْلِهِ فَجَاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ " 

(*) ورد عند الطبري في تفسيره:

* قوله " فَرَاغَ إِلَى أَهْلِهِ " يقول: عدل إلى أهله ورجع

* قوله " فَجَاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ " يقول: فجاء ضيفَه بعجل سمين قد أنضجه شيًّا.

* عن قتادة : قوله " فَرَاغَ إِلَى أَهْلِهِ فَجَاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ " قال: كان عامة مال نبيّ الله إبراهيم عليه السلام البقر.

======

2

ذِكر العجل في سورة هود في قوله تعالى : "وَلَقَدْ جَاءَتْ رُسُلُنَا إِبْرَاهِيمَ بِالْبُشْرَى قَالُوا سَلَامًا قَالَ سَلَامٌ فَمَا لَبِثَ أَن جَاءَ بِعِجْلٍ حَنِيذٍ  " 

(*) ورد عند القرطبي في تفسيره:

قوله تعالى :" وَلَقَدْ جَاءَتْ رُسُلُنَا إِبْرَاهِيمَ بِالْبُشْرَى "

هذه قصة لوط  عليه السلام  ; وهو ابن عم إبراهيم ( عليه السلام)  لحا ، وكانت قرى لوط بنواحي الشام ، وإبراهيم ببلاد فلسطين ، فلما أنزل الله الملائكة بعذاب قوم لوط  ، مرُّوا بإبراهيم ونزلوا عنده ، وكان كل من نزل عنده يحسن قراه ، وكانوا مروا ببشارة إبراهيم ، فظنهم أضيافا .

 ( وهم جبريل وميكائيل وإسرافيل  عليهم السلام ) ; قاله ابن عباس

*  الضحاك : كانوا تسعة . 

* السدي : أحد عشر ملكا على صورة الغلمان الحسان الوجوه ، ذو وضاءة وجمال بارع . 

* " بِالْبُشْرَى " قيل : بالولد . وقيل : بإهلاك قوم لوط . وقيل : بشروه بأنهم رسل الله عز وجل  وأنه لا خوف عليه

============================================

** ثانيا:

ذُكِر العِجل الذي صنعه السامري من الذهب وعبده بنو اسرائيل في غياب نبي الله موسى عليه السلام   في عدة مواضع من السور :  البقرة ، النساء ، والأعراف ، طه

** وملخص ذكره في تلك المواضع:

أن موسى عليه السلام ذهب لموعده مع ربه ، وترك أخيه هارون عليه السلام على بني اسرائيل ، وكان بينهم رجل اسمه السامريّ ، وقد جمع ما معهم من الذهب وصنع لهم منه جسد عجل وقال لهم هذا إلهكم فظلّوا يعكفون على عبادته ، ولم يستجيبوا لهارون عليه السلام عندما نصحهم بتركه

وقد أعلم الله موسى وهو في ميقاته بما حدث من فتنة في قومه فعاد غضبان وألقى مافي يده من الألواح ونسف لهم العجل ، وطلب منهم أن يتوبوا فيقتلوا أنفسهم 


1

ذُكِر العجل مرتين في أحد مواضع سورة البقرة في قوله تعالى :  " وَإِذْ وَاعَدْنَا مُوسَى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِن بَعْدِهِ وَأَنتُمْ ظَالِمُونَ ، ثُمَّ عَفَوْنَا عَنكُم مِّن بَعْدِ ذَٰلِكَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ، وَإِذْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَالْفُرْقَانَ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ ، وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنفُسَكُم بِاتِّخَاذِكُمُ الْعِجْلَ فَتُوبُوا إِلَى بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ عِندَ بَارِئِكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ  إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ"  سورة البقرة

(*) ورد عند البغوي في تفسيره:

ذلك أن بني إسرائيل لما أمنوا من عدوهم ودخلوا مصر لم يكن لهم كتاب ولا شريعة ينتهون إليهما ، فوعد الله موسى أن ينزل عليه التوراة ، فقال موسى لقومه: إني ذاهب لميقات ربكم آتيكم بكتاب فيه بيان ما تأتون وما تذرون ، وواعدهم أربعين ليلة ، ثلاثين من ذي القعدة وعشراً من من ذي الحجة ، واستخلف عليهم أخاه هارون فلما أتى الوعد جاء جبريل على فرس يقال له فرس الحياة لا يصيب شيئاً إلا حيى ليذهب بموسى إلى ربه ، فلما رآه السامري وكان رجلاً صائغاً من أهل باجرمى واسمه ميخا (( وقال سعيد بن جبير: كان من أهل كرمان ... وقال ابن عباس: اسمه موسى بن مظفر... وقال قتادة: كان من بني إسرائيل من قبيلة يقال لها سامرة )) وكان منافقاً أظهر الإسلام، وكان من قوم يعبدون البقر، فلما رأى جبرائيل على ذلك الفرس ، ورأى مواضع قَدَم الفَرَس تخضَرّ في الحال قال: إن لهذا شأناً فأخذ قبضة من تربة حافر فَرَس جبرائيل عليه السلام.

قال عكرمة: ألقي في روعه أنه إذا ألقى في شيء غيره، وكانت بنو إسرائيل قد استعاروا حلياً كثيرة من قوم فرعون حين أرادوا الخروج من مصر بعلة عرس لهم، فأهلك الله فرعون وبقيت تلك الحلي في أيدي بني إسرائيل، فلما فصل موسى قال السامري لبني إسرائيل: إن الحلي التي استعرتموها من قزم فرعون غنيمة لا تحل لكم ، فاحفروا حفرة فادفنوها فيها حتى يرجع موسى فيرى فيها رأيه ".

وقال السدي: "إن هارون عليه السلام أمرهم أن يلقوها في حفيرة، حتى يرجع موسى ففعلوا، فلما اجتمعت الحلي صاغها السامري عجلاً في ثلاثة أيام ثم ألقى فيها القبضة التي أخذها من تراب فرس جبرائيل عليه السلام ، فخرج عجلاً من ذهب مرصعاً بالجواهر كأحسن ما يكون، وخار خورة "

* قال السامري : " هذا إِلهُكُمْ وَإِلهُ مُوسى فَنَسِيَ "طه

 أي فتركه هاهنا وخرج يطلبه.

وكانت بنو إسرائيل قد أخلفوا الوعد فعدُّوا اليوم مع الليلة يومين فلما مضت عشرون يوماً ولم يرجع موسى وقعوا في الفتنة.

* قيل: كان موسى قد وعدهم ثلاثين ليلة ثم زيدت العشرة فكانت فتنتهم في تلك العشرة فلما مضت الثلاثون ولم يرجع موسى ظنوا أنه قد مات ورأوا العجل وسمعوا قول السامري

======


2

وذُكِر العجل مرتين في موضع آخر في سورة البقرة أيضا  في قوله تعالى :  " وَلَقَدْ جَاءَكُم مُّوسَى بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِن بَعْدِهِ وَأَنتُمْ ظَالِمُونَ ، وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُوا مَا آتَيْنَاكُم بِقُوَّةٍ وَاسْمَعُوا قَالُوا سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ بِكُفْرِهِمْ  قُلْ بِئْسَمَا يَأْمُرُكُم بِهِ إِيمَانُكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ " سورة البقرة

(*) ورد عند الطبري في تفسيره:

قوله: "ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِن بَعْدِهِ وَأَنتُمْ ظَالِمُونَ " يقول جل ثناؤه لهم: ثم اتخذتم العجل من بعد موسى إلها . 

* قال: من بعد موسى, لأنهم اتخذوا العجل من بعد أن فارقهم موسى ماضيا إلى ربه لموعده  

* وأما قوله: " وَأَنتُمْ ظَالِمُونَ "، فإنه يعني بذلك أنكم فعلتم ما فعلتم من عبادة العجل وليس ذلك لكم، وعبدتم غير الذي كان ينبغي لكم أن تعبدوه. لأن العبادة لا تنبغي لغير الله. 

وهذا توبيخ من الله لليهود ، وتعيير منه لهم ، وإخبار منه لهم أنهم إذا كانوا فعلوا ما فعلوا [[ من اتخاذ العجل إلها وهو لا يملك لهم ضرا ولا نفعا, بعد الذي علموا أن ربهم هو الرب الذي يفعل من الأعاجيب وبدائع الأفعال ما أجراه على يدي موسى صلوات الله عليه، من الأمور التي لا يقدر عليها أحد من خلق الله ، ولم يقدر عليها فرعون وجنده مع بطشه وكثرة أتباعه, وقرب عهدهم بما عاينوا من عجائب حِكَم الله ]]  فهم إلى تكذيب محمد صلى الله عليه وسلم وجحود ما في كتبهم [[ التي زعموا أنهم بها مؤمنون  من صفته ونعته، مع بعد ما بينهم وبين عهد موسى من المدة ]] أسرع  وإلى التكذيب بما جاءهم به موسى من ذلك أقرب

(*) ورد عند القرطبي في تفسيره:

قوله تعالى : " وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ " أي حُب العجل 

* المعنى : جعلت قلوبهم تشربه ، وهذا تشبيه ومجاز عبارة عن تمكن أمر العجل في قلوبهم

* وإنما عبر عن حب العجل بالشرب دون الأكل لأن شرب الماء يتغلغل في الأعضاء حتى يصل إلى باطنها ، والطعام مجاور لها غير متغلغل فيها

* وقال السدي وابن جريج : إن موسى عليه السلام برد العجل وذراه في الماء ، وقال لبني إسرائيل : اشربوا من ذلك الماء ، فشرب جميعهم ، فمن كان يحب العجل خرجت برادة الذهب على شفتيه . وروي أنه ما شربه أحد إلاّ  جُنّ ، حكاه القشيري .

قلت : أما تذريته في البحر فقد دل عليه قوله تعالى :"  ثُمَّ لَنَنْسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفًا " ، وأما شرب الماء وظهور البرادة على الشفاه فيرده قوله تعالى : " وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ " والله تعالى أعلم

======


3

وذُكِر العجل مرة في سورة النساء  في قوله تعالى :  " يَسْأَلُكَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَن تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتَابًا مِّنَ السَّمَاءِ  فَقَدْ سَأَلُوا مُوسَى أَكْبَرَ مِن ذَٰلِكَ فَقَالُوا أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ بِظُلْمِهِمْ  ثُمَّ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ مِن بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ فَعَفَوْنَا عَن ذَلِكَ  وَآتَيْنَا مُوسَىٰ سُلْطَانًا مُّبِينًا" سورة النساء

(*) ورد عند الطبري

أما قوله: " فَقَدْ سَأَلُوا مُوسَى أَكْبَرَ مِن ذَٰلِكَ "، فإنه توبيخ من الله جل ثناؤه سائلي الكتابَ الذي سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ينـزله عليهم من السماء في مسألتهم إياه ذلك، وتقريعٌ منه لهم. 

يقول الله لنبيه صلى الله عليه وسلم: يا محمد، لا يعظُمَنَّ عليك مسألتهم ذلك، فإنهم من جهلهم بالله وجراءَتهم عليه واغترارهم بحلمه، لو أنـزلت عليهم الكتاب الذي سألوك أن تنـزله عليهم، لخالفوا أمر الله كما خالفوه بعد إحياء الله أوائلهم من صعقتهم، فعبدوا العجل واتخذوه إلهًا يعبدونه من دون خالقهم وبارئهم الذي أرَاهم من قدرته وعظيم سلطانه ما أراهم، لأنهم لن يعدُوا أن يكونوا كأوائلهم وأسلافهم.

* أما قوله: " ثُمَّ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ "، فإنه يعني: ثم اتخذ [[ هؤلاء الذين سألوا موسى ما سألوه من رؤية ربهم جهرةً، بعد ما أحياهم الله فبعثهم من صعقتهم]] العجلَ الذي كان السامريُّ نبذ فيه ما نبذ من القبْضة التي قبضها من أثر فرس جبريل عليه السلام  ... إلهًا يعبدونه من دون الله

======


4

وذُكِر العجل مرتين في موضع بسورة الأعراف  في قوله تعالى : " وَاتَّخَذَ قَوْمُ مُوسَى مِن بَعْدِهِ مِنْ حُلِيِّهِمْ عِجْلًا جَسَدًا لَّهُ خُوَارٌ أَلَمْ يَرَوْا أَنَّهُ لَا يُكَلِّمُهُمْ وَلَا يَهْدِيهِمْ سَبِيلًا اتَّخَذُوهُ وَكَانُوا ظَالِمِينَ ، وَلَمَّا سُقِطَ فِي أَيْدِيهِمْ وَرَأَوْا أَنَّهُمْ قَدْ ضَلُّوا قَالُوا لَئِن لَّمْ يَرْحَمْنَا رَبُّنَا وَيَغْفِرْ لَنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ ، وَلَمَّا رَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفًا قَالَ بِئْسَمَا خَلَفْتُمُونِي مِن بَعْدِي أَعَجِلْتُمْ أَمْرَ رَبِّكُمْ وَأَلْقَى الْأَلْوَاحَ وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ يَجُرُّهُ إِلَيْهِ قَالَ ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكَادُوا يَقْتُلُونَنِي فَلَا تُشْمِتْ بِيَ الْأَعْدَاءَ وَلَا تَجْعَلْنِي مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ، قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِأَخِي وَأَدْخِلْنَا فِي رَحْمَتِكَ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ ، إِنَّ الَّذِينَ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ سَيَنَالُهُمْ غَضَبٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَذِلَّةٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا  وَكَذَٰلِكَ نَجْزِي الْمُفْتَرِينَ " سورة الأعراف

(*) ورد عند الطبري في تفسيره:

قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: واتخذ بنو إسرائيل قومُ موسى، من بعد ما فارقهم موسى ماضيًا إلى ربه لمناجاته، ووفاءً للوعد الذي كان ربه وعده  " مِنْ حُلِيِّهِمْ عِجْلًا "[[ وهو ولد البقرة]] فعبدوه ،  ثم بين تعالى ذكره ما ذلك العجل فقال: جَسَدًا لَّهُ خُوَارٌ "[[ و " الخوار ": صوت البقر ]] 

 يخبر جل ذكره عنهم أنهم ضلوا بما لا يضل بمثله أهل العقل. وذلك أن الرب جلّ جلاله الذي له ملك السماوات والأرض، ومدبر ذلك, لا يجوز أن يكون جسدًا له خوار, لا يكلم أحدًا ولا يرشد إلى خير. وقال هؤلاء الذين قص الله قصَصهم لذلك: " هذا إلهنا وإله موسى ", فعكفوا عليه يعبدونه، جهلا منهم، وذهابًا عن الله وضلالا

* وقوله: " أَلَمْ يَرَوْا أَنَّهُ لَا يُكَلِّمُهُمْ وَلَا يَهْدِيهِمْ سَبِيلًا  "، يقول: ألم ير الذين عكفوا على العجل الذي اتخذوه من حليهم يعبدونه، أن العجل لا يكلمهم ولا يهديهم سبيلا؟ يقول: ولا يرشدهم إلى طريق؟ ، وليس ذلك من صفة ربهم الذي له العبادة حقًا ، بل صفته أنه يكلم أنبياءه ورسله ،  ويرشد خلقه إلى سبيل الخير، وينهاهم عن سبيل المهالك والردى

(*) ورد عند البغوي في تفسيره:

قوله تعالى : إِنَّ الَّذِينَ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ " أي : اتخذوه إلها سَيَنَالُهُمْ غَضَبٌ مِّن رَّبِّهِمْ " في الآخرة وَذِلَّةٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا " قال أبو العالية : هو ما أمروا به من قتل أنفسهم . 

* وقال عطية العوفي : إِنَّ الَّذِينَ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ  " أراد اليهود الذين كانوا في عصر النبي صلى الله عليه وسلم عيَّرهم بصنيع آبائهم فنسبه إليهم " سَيَنَالُهُمْ غَضَبٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَذِلَّةٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا" أراد ما أصاب بني قريظة والنضير من القتل والجلاء ، وقال ابن عباس رضي الله عنهما : هو الجزية 

======


5

وذُكِر العجل مرة في سورة طه  في قوله تعالى :  فَأَخْرَجَ لَهُمْ عِجْلاً جَسَداً لَهُ خُوارٌ فَقالُوا هذا إِلهُكُمْ وَإِلهُ مُوسى فَنَسِيَ" سورة طه

(*) ورد عند ابن كثير في تفسيره:

* قال ابن أبي حاتم : حدثنا محمد بن عبادة بن البختري حدثنا يزيد بن هارون أخبرنا حماد عن سماك ، عن سعيد بن جبير عن ابن عباس : 

 أن هارون مر بالسامري وهو ينحت العجل ، فقال له : ما تصنع؟ فقال : أصنع ما يضر ولا ينفع ، فقال هارون : اللهم أعطه ما سأل على ما في نفسه ومضى هارون ، فقال السامري : اللهم إني أسألك أن يخور فخار ، فكان إذا خار سجدوا له ، وإذا خار رفعوا رؤوسهم .

* وقال السدي : كان يخور ويمشي .

فقالوا [ أي : الضلال منهم الذين افتتنوا بالعجل وعبدوه ] : " هذا إِلهُكُمْ وَإِلهُ مُوسى فَنَسِيَ " أي : نسيه هاهنا ، وذهب يتطلبه . 

قال سماك عن عكرمة عن ابن عباس : فَنَسِيَ " أي : نسي أن يذكركم أن هذا إلهكم .

* وقال محمد بن إسحاق ، عن حكيم بن جبير ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس : فقالوا : " هذا إِلهُكُمْ وَإِلهُ مُوسى " قال : فعكفوا عليه وأحبوه حبا لم يحبوا شيئا قط يعني مثله ، يقول الله : فَنَسِيَ " أي : ترك ما كان عليه من الإسلام ، يعني : السامري 


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق