** ورد عند الواحدي
قوله تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ .." الآية.
(*) عن سماك بن حرب قال:حدثني مصعب بن سعد بن أبي وقاص، عن أبيه قال: أتيت على نفر من المهاجرين فقالوا: تعال نطعمك ونسقيك خمرا، وذلك قبل أن يُحرَّم الخمر، فأتيتهم في حش، (والحش: البستان)، وإذا رأس جزور مشويا عندهم ودَن من خمر، فأكلت وشربت معهم، وذكرت الانصار والمهاجرين، فقلت: المهاجرون خير من الانصار، فأخذ رجل لحى الرأس، فجذع أنفي بذلك، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته، فأنزل الله في شأن الخمر " إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ .." الآية.رواه مسلم عن أبي خيثمة.
(*) عن أبي ميسرة، عن عمر بن الخطاب
قال: اللهم بين لنا في الخمر بيانا شافيا فنزلت الآية التي في البقرة " يَسْأَلونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ .." ، فدُعى عمر فقرئت عليه فقال: اللهم بين لنا من الخمر بيانا شافيا ، فنزلت الآية في النساء "لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى " ، فكان منادى رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أقام الصلاة ينادي لا يقربن الصلاة سكران، فدُعى عمر فقُرئت عليه، فقال: اللهم بين لنا في الخمر بيانا شافيا، فنزلت هذه الآية " إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ " فدُعى عمر فقُرئت عليه، فلما بلغ " فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ " قال عمر: انتهينا
(*) وكانت تحدث أشياء لرسول الله صلى الله عليه وسلم لاسباب شرب الخمر قبل تحريمها، منها قصة علي ابن أبي طالب مع حمزة رضى الله عنهما:
عن علي بن الحسين، أن حسين بن علي أخبره أن علي بن أبي طالب قال: كانت لي شارف من نصيبي من المغنم يوم بدر، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم أعطاني شارفا من الخمس، ولما أردت أن أبتني بفاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، واعدت رجلا صواغا من بني قينقاع أن يرتحل معي فنأتي بإذخر أردت أن أبيعه من الصواغين فأستعين به في وليمة عرسي، فبينما أنا أجمع لشارفي من الاقتاب والغرائر والحبال وشارفاى مناختان إلى جنب حجرة رجل من الانصار، فإذا أنا بشارفي قد أُجبَّت أسنمتهما وبُقرت خواصرهما وأُخذ من أكبادهما، فلم أملك عيني حين رأيت ذلك المنظر، قلت: من فعل هذا؟ فقالوا فعله حمزة وهو في البيت في شرب من الانصار عنده قينة وأصحابه، فقالت قينة في غنائها:
فقلت: يا رسول الله ما رأيت كاليوم ،عدا حمزة على ناقتي وجب أسنمتهما وبقر خواصرها ،هو ذا في بيت معه شرب، قال: فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بردائه، ثم انطلق يمشي فاتبعت أثره أنا وزيد بن حارثة حتى جاء البيت الذي هو فيه، فاستأذن فأذن له، فإذا هم شرب، فطفق رسول الله صلى الله عليه وسلم يلوم حمزة فيما فعل، فإذا حمزة ثمل محمرة عيناه، فنظر حمزة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم صعد النظر فنظر إلى وجهه ثم قال: وهل أنتم إلا عبيد أبي، فعرف رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه ثمل، فنكص على عقبيه القهقرى، فخرج وخرجنا، رواه البخاري عن أحمد ابن صالح، وكانت هذه القصة من الاسباب الموجبة لنزول تحريم الخمر.
** ورد عند القرطبي
قوله تعالى:" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ، إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ "
(*) تحريم الخمر كان بتدريج ونوازل كثيرة ؛ فإنهم كانوا مولعين بشُربها ، وأول ما نزل في شأنها "يَسْأَلونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ" أي في تجارتهم ؛ فلما نزلت هذه الآية تركها بعض الناس وقالوا : لا حاجة لنا فيما فيه إثم كبير ، ولم يتركها بعض الناس وقالوا : نأخذ منفعتها ونترك إثمها فنزلت هذه الآية"لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى" فتركها بعض الناس وقالوا : لا حاجة لنا فيما يشغلنا عن الصلاة ، وشَرِبها بعض الناس في غير أوقات الصلاة حتى نزلت : "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنْصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ.." الآية
فصارت حراما عليهم حتى صار يقول بعضهم : ما حرَّم الله شيئا أشد من الخمر.
(*) وقال أبو ميسرة : نزلت بسبب عمر بن الخطاب ؛ فإنه ذكر للنبي صلى الله عليه وسلم عيوب الخمر ، وما ينزل بالناس من أجلها ، ودعا الله في تحريمها وقال : اللهم بين لنا في الخمر بيانا شافيا فنزلت هذه الآيات ، فقال عمر : انتهينا انتهينا.
(*) وفي صحيح مسلم عن سعد بن أبي وقاص أنه قال : نزلت في آيات من القرآن ؛ وفيه قال : وأتيت على نفر من الأنصار ؛ فقالوا : تعال نطعمك ونسقيك خمرا ، وذلك قبل أن تُحرم الخمر ؛ قال : فأتيتهم في حش ( والحش البستان ) فإذا رأس جزور مشوي عندهم وزِق من خمر ؛ قال : فأكلت وشربت معهم ؛ قال : فذكرت الأنصار والمهاجرين عندهم فقلت : المهاجرون خير من الأنصار ؛ قال : فأخذ رجل لحيي جمل فضربني به فجرح أنفي ( وفى رواية ففزره وكان أنف سعد مفزورا ) فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته ؛ فأنزل الله تعالى فيّ (يعني نفسه شأن الخمر): "إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنْصَابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ" .
(*) قوله تعالى :"إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ" الآية.
رُوي أن قبيلتين من الأنصار شربوا الخمر وانتشوا ، فعبث بعضهم ببعض ، فلما صحوا رأى بعضهم في وجه بعض آثار ما فعلوا ، وكانوا إخوة ليس في قلوبهم ضغائن ، فجعل بعضهم يقول : لو كان أخي بي رحيما ما فعل بي هذا ، فحدثت بينهم الضغائن ؛ فأنزل الله : "إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ"الآية.
** ورد عند ابن الجوزي
قوله تعالى:" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ، إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ "
(*) قوله تعالى:" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ .."
في سبب نزولها: أربعة أقوال :
* أحدها: أن سعد بن أبي وقاص أتى نفرا من المهاجرين والأنصار ، فأكل عندهم ، وشرب الخمر ، قبل أن تحرم ، فقال: المهاجرون خير من الأنصار ، فأخذ رجل لحي جمل فضربه ، فجدع أنفه ، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره ، فنزلت هذه الآية ، رواه مصعب بن سعد عن أبيه .
* وقال سعيد بن جبير: صنع رجل من الأنصار صنيعا ، فدعا سعد بن أبي وقاص ، فلما أخذت فيهم الخمرة افتخروا واستبوا ، فقام الأنصاري إلى لحي بعير ، فضرب به رأس سعد ، فإذا الدم على وجهه ، فذهب سعد يشكو إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فنزل تحريم الخمر في قوله:" إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ " إلى قوله" تُفْلِحُونَ ".
* والثاني: أن عمر بن الخطاب قال: اللهم بين لنا في الخمر بيانا شافيا ، فنزلت التي في (البقرة) فقال: اللهم بين لنا في الخمر بيانا شافيا ، فنزلت التي في (النساء) "لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى " ، فقال: اللهم بين لنا في الخمر بيانا شافيا ، فنزلت هذه الآية ، رواه أبو ميسرة عن عمر .
* والثالث: أن أناسا من المسلمين شربوها ، فقاتل بعضهم بعضا ، وتكلموا بما لا يرضاه الله من القول ، فنزلت هذه الآية ، رواه ابن أبي طلحة عن ابن عباس .
* والرابع: أن قبيلتين من الأنصار شربوا ، فلما ثملوا عبث بعضهم ببعض ، فلما صحوا جعل الرجل يرى الأثر بوجهه وبرأسه وبلحيته ، فيقول: صنع بي هذا أخي فلان!! والله لو كان بي رؤوفا ما صنع بي هذا ، حتى وقعت في قلوبهم الضغائن ، وكانوا إخوة ليس في قلوبهم ضغائن ، فنزلت هذه الآية
(*) قوله تعالى:" إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ "
أما " الْخَمْر" فوقوع العداوة والبغضاء فيها على نحو ما ذكرنا في سبب نزول الآية من القتال والمماراة .
وأما " الْمَيْسِر " ، فقال قتادة: كان الرجل يقامر على أهله وماله ، فيقمر ويبقى حزينا سليبا ، فينظر إلى ماله في يد غيره ، فيكسبه ذلك العداوة والبغضاء
قوله تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ .." الآية.
(*) عن سماك بن حرب قال:حدثني مصعب بن سعد بن أبي وقاص، عن أبيه قال: أتيت على نفر من المهاجرين فقالوا: تعال نطعمك ونسقيك خمرا، وذلك قبل أن يُحرَّم الخمر، فأتيتهم في حش، (والحش: البستان)، وإذا رأس جزور مشويا عندهم ودَن من خمر، فأكلت وشربت معهم، وذكرت الانصار والمهاجرين، فقلت: المهاجرون خير من الانصار، فأخذ رجل لحى الرأس، فجذع أنفي بذلك، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته، فأنزل الله في شأن الخمر " إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ .." الآية.رواه مسلم عن أبي خيثمة.
(*) عن أبي ميسرة، عن عمر بن الخطاب
قال: اللهم بين لنا في الخمر بيانا شافيا فنزلت الآية التي في البقرة " يَسْأَلونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ .." ، فدُعى عمر فقرئت عليه فقال: اللهم بين لنا من الخمر بيانا شافيا ، فنزلت الآية في النساء "لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى " ، فكان منادى رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أقام الصلاة ينادي لا يقربن الصلاة سكران، فدُعى عمر فقُرئت عليه، فقال: اللهم بين لنا في الخمر بيانا شافيا، فنزلت هذه الآية " إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ " فدُعى عمر فقُرئت عليه، فلما بلغ " فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ " قال عمر: انتهينا
(*) وكانت تحدث أشياء لرسول الله صلى الله عليه وسلم لاسباب شرب الخمر قبل تحريمها، منها قصة علي ابن أبي طالب مع حمزة رضى الله عنهما:
عن علي بن الحسين، أن حسين بن علي أخبره أن علي بن أبي طالب قال: كانت لي شارف من نصيبي من المغنم يوم بدر، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم أعطاني شارفا من الخمس، ولما أردت أن أبتني بفاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، واعدت رجلا صواغا من بني قينقاع أن يرتحل معي فنأتي بإذخر أردت أن أبيعه من الصواغين فأستعين به في وليمة عرسي، فبينما أنا أجمع لشارفي من الاقتاب والغرائر والحبال وشارفاى مناختان إلى جنب حجرة رجل من الانصار، فإذا أنا بشارفي قد أُجبَّت أسنمتهما وبُقرت خواصرهما وأُخذ من أكبادهما، فلم أملك عيني حين رأيت ذلك المنظر، قلت: من فعل هذا؟ فقالوا فعله حمزة وهو في البيت في شرب من الانصار عنده قينة وأصحابه، فقالت قينة في غنائها:
* ألا يا حمز للشرف النواء
* وهن معقلات بالفناء زج السكين في اللبات منها
* فضرجهن حمزة بالدماء فأطعم من شرائحها كبابا *ملهوجة على رهج الصلاء فأنت أبا عمارة المرجى
* لكشف الضر عنا والبلاء
فوثب حمزة للسيف واجتب أسنمتهما وبقر خواصرهما وأخذ من أكبادهما قال علي رضي الله عنه : فانطلقت حتى أدخل على النبي صلى الله عليه وسلم وعنده زيد بن حارثة، قال: فعرف رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي لقيت، فقال: "مالك ؟" فقلت: يا رسول الله ما رأيت كاليوم ،عدا حمزة على ناقتي وجب أسنمتهما وبقر خواصرها ،هو ذا في بيت معه شرب، قال: فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بردائه، ثم انطلق يمشي فاتبعت أثره أنا وزيد بن حارثة حتى جاء البيت الذي هو فيه، فاستأذن فأذن له، فإذا هم شرب، فطفق رسول الله صلى الله عليه وسلم يلوم حمزة فيما فعل، فإذا حمزة ثمل محمرة عيناه، فنظر حمزة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم صعد النظر فنظر إلى وجهه ثم قال: وهل أنتم إلا عبيد أبي، فعرف رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه ثمل، فنكص على عقبيه القهقرى، فخرج وخرجنا، رواه البخاري عن أحمد ابن صالح، وكانت هذه القصة من الاسباب الموجبة لنزول تحريم الخمر.
** ورد عند القرطبي
قوله تعالى:" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ، إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ "
(*) تحريم الخمر كان بتدريج ونوازل كثيرة ؛ فإنهم كانوا مولعين بشُربها ، وأول ما نزل في شأنها "يَسْأَلونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ" أي في تجارتهم ؛ فلما نزلت هذه الآية تركها بعض الناس وقالوا : لا حاجة لنا فيما فيه إثم كبير ، ولم يتركها بعض الناس وقالوا : نأخذ منفعتها ونترك إثمها فنزلت هذه الآية"لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى" فتركها بعض الناس وقالوا : لا حاجة لنا فيما يشغلنا عن الصلاة ، وشَرِبها بعض الناس في غير أوقات الصلاة حتى نزلت : "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنْصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ.." الآية
فصارت حراما عليهم حتى صار يقول بعضهم : ما حرَّم الله شيئا أشد من الخمر.
(*) وقال أبو ميسرة : نزلت بسبب عمر بن الخطاب ؛ فإنه ذكر للنبي صلى الله عليه وسلم عيوب الخمر ، وما ينزل بالناس من أجلها ، ودعا الله في تحريمها وقال : اللهم بين لنا في الخمر بيانا شافيا فنزلت هذه الآيات ، فقال عمر : انتهينا انتهينا.
(*) وفي صحيح مسلم عن سعد بن أبي وقاص أنه قال : نزلت في آيات من القرآن ؛ وفيه قال : وأتيت على نفر من الأنصار ؛ فقالوا : تعال نطعمك ونسقيك خمرا ، وذلك قبل أن تُحرم الخمر ؛ قال : فأتيتهم في حش ( والحش البستان ) فإذا رأس جزور مشوي عندهم وزِق من خمر ؛ قال : فأكلت وشربت معهم ؛ قال : فذكرت الأنصار والمهاجرين عندهم فقلت : المهاجرون خير من الأنصار ؛ قال : فأخذ رجل لحيي جمل فضربني به فجرح أنفي ( وفى رواية ففزره وكان أنف سعد مفزورا ) فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته ؛ فأنزل الله تعالى فيّ (يعني نفسه شأن الخمر): "إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنْصَابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ" .
(*) قوله تعالى :"إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ" الآية.
رُوي أن قبيلتين من الأنصار شربوا الخمر وانتشوا ، فعبث بعضهم ببعض ، فلما صحوا رأى بعضهم في وجه بعض آثار ما فعلوا ، وكانوا إخوة ليس في قلوبهم ضغائن ، فجعل بعضهم يقول : لو كان أخي بي رحيما ما فعل بي هذا ، فحدثت بينهم الضغائن ؛ فأنزل الله : "إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ"الآية.
** ورد عند ابن الجوزي
قوله تعالى:" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ، إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ "
(*) قوله تعالى:" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ .."
في سبب نزولها: أربعة أقوال :
* أحدها: أن سعد بن أبي وقاص أتى نفرا من المهاجرين والأنصار ، فأكل عندهم ، وشرب الخمر ، قبل أن تحرم ، فقال: المهاجرون خير من الأنصار ، فأخذ رجل لحي جمل فضربه ، فجدع أنفه ، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره ، فنزلت هذه الآية ، رواه مصعب بن سعد عن أبيه .
* وقال سعيد بن جبير: صنع رجل من الأنصار صنيعا ، فدعا سعد بن أبي وقاص ، فلما أخذت فيهم الخمرة افتخروا واستبوا ، فقام الأنصاري إلى لحي بعير ، فضرب به رأس سعد ، فإذا الدم على وجهه ، فذهب سعد يشكو إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فنزل تحريم الخمر في قوله:" إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ " إلى قوله" تُفْلِحُونَ ".
* والثاني: أن عمر بن الخطاب قال: اللهم بين لنا في الخمر بيانا شافيا ، فنزلت التي في (البقرة) فقال: اللهم بين لنا في الخمر بيانا شافيا ، فنزلت التي في (النساء) "لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى " ، فقال: اللهم بين لنا في الخمر بيانا شافيا ، فنزلت هذه الآية ، رواه أبو ميسرة عن عمر .
* والثالث: أن أناسا من المسلمين شربوها ، فقاتل بعضهم بعضا ، وتكلموا بما لا يرضاه الله من القول ، فنزلت هذه الآية ، رواه ابن أبي طلحة عن ابن عباس .
* والرابع: أن قبيلتين من الأنصار شربوا ، فلما ثملوا عبث بعضهم ببعض ، فلما صحوا جعل الرجل يرى الأثر بوجهه وبرأسه وبلحيته ، فيقول: صنع بي هذا أخي فلان!! والله لو كان بي رؤوفا ما صنع بي هذا ، حتى وقعت في قلوبهم الضغائن ، وكانوا إخوة ليس في قلوبهم ضغائن ، فنزلت هذه الآية
(*) قوله تعالى:" إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ "
أما " الْخَمْر" فوقوع العداوة والبغضاء فيها على نحو ما ذكرنا في سبب نزول الآية من القتال والمماراة .
وأما " الْمَيْسِر " ، فقال قتادة: كان الرجل يقامر على أهله وماله ، فيقمر ويبقى حزينا سليبا ، فينظر إلى ماله في يد غيره ، فيكسبه ذلك العداوة والبغضاء
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق