** ورد عند الواحدى
قوله تعالى:" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا .."
(*) عن عكرمة ، عن ابن عباس قال : مر رجل من سليم على نفر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه غنم له فسلَّم عليهم، فقالوا: ما سلَّم عليكم إلا ليتعوذ منكم، فقاموا إليه فقتلوه، وأخذوا غنمه، وأتوا بها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأنزل الله تعالى:" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا .."
(*)عن سعيد بن جبير قال : خرج المقداد بن الأسود في سرية ، فمروا برجل في غنيمة له فأرادوا قتله ، فقال: لا إله إلا الله ، فقتله المقداد ، فقيل له : أقتلته وقد قال : لا إله إلا الله ؟ ودَّ لو فرّ بأهله وماله ، فلما قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكروا ذلك له ، فنزلت:" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا "
(*) وقال الحسن : إن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم خرجوا يطوفون، فلقوا المشركين فهزموهم ، فشد منهم رجل فتبعه رجل من المسلمين وأراد متاعه، فلما غشيه بالسنان قال: إني مسلم، إني مسلم ، فكذَّبه ثم أوجره بالسِّنان فقتله وأخذ متاعه وكان قليلا، فرفع ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: " قتلته بعدما زعم أنه مسلم؟" ، فقال : يا رسول الله ، إنما قالها متعوذا ، قال : "فهلا شققت عن قلبه!" ، قال : لم يا رسول الله ؟ ، قال : "لتنظر أصادق هو أم كاذب ؟" ، قال : وكنت أعلم ذلك يا رسول الله ؟ ، قال : "وَيْك إنّك إنْ لم تكن تعلم ذلك ، إنما كان يُبين عنه لِسانه" .. فما لبث القاتل أن مات فدفن ، فأصبح وقد وضع إلى جنب قبره ، قال : ثم عادوا فحفروا له وأمكنوا ودفنوه ، فأصبح وقد وضع إلى جنب قبره مرتين أو ثلاثا ، فلما رأوا أن الأرض لا تقبله ألقوه في بعض تلك الشعاب ، قال : وأنزل الله تعالى هذه الآية
(*) عن القعقاع بن عبد الله بن أبي حدرد، عن أبيه قال: بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في سرية إلى إضم، قبل مخرجه إلى مكة، فمر بنا عامر بن الأضبط الأشجعي، فحيانا تحية الإسلام، فنزعنا عنه، وحمل عليه محلم بن جثامة لشر كان بينه وبينه في الجاهلية، فقتله واستلب بعيرا له ووطاء ومُتَيّعاً كان له ، فأنهينا شأننا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرناه بخبره، فأنزل الله تعالى:" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا " إلى آخر الآية
(*) وقال السدي : بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم أسامة بن زيد على سرية، فلقي مرداس بن نهيك الضمري فقتله، وكان من أهل فدك ولم يُسلم من قومه غيره، وكان يقول: لا إله إلا الله محمد رسول الله ، ويسلم عليهم ، قال أسامة : فلما قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبرته فقال : "قتلت رجلا يقول لا إله إلا الله ؟" ، فقلت : يا رسول الله ، إنما تعوذ من القتل ، فقال : "كيف أنت إذا خاصمك يوم القيامة بلا إله إلا الله" ، قال :فما زال يرددها عليَّ:" أقتلت رجلا يقول : لا إله إلا الله ؟" حتى تمنيت لو أن إسلامي كان يومئذ ، فنزلت :"إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا" الآية
(*) عن أبو ظبيان قال : سمعت أسامة بن زيد بن حارثة يحدث قال: بعثنا النبي صلى الله عليه وسلم إلى الحرقة من جهينة، فصبحنا القوم فهزمناهم ، ولحقت أنا ورجل من الأنصار رجلا منهم، فلما غشيناه قال: لا إله إلا الله ، قال : فكف عنه الأنصاري فطعنته برمحي فقتلته ، فلما قدمنا بلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "يا أسامة، أقتلته بعدما قال: لا إله إلا الله؟" ، قلت : يا رسول الله ، إنما كان متعوذا ، قال : "أقتلته بعدما قال : لا إله إلا الله ؟" ، قال: فما زال يكررها عليَّ حتى تمنيت لو أني لم أكن أسلمت قبل ذلك اليوم .
** ورد عند ابن الجوزي
قوله تعالى: " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَعِنْدَ اللَّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ كَذَلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُوا إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا "
في سبب نزولها أربعة أقوال .
(*) أحدها: أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث سرية فيها المقداد بن الأسود ، فلما أتوا القوم ، وجدوهم قد تفرقوا ، وبقي رجل له مال كثير لم يبرح ، فقال: أشهد أن لا إله إلا الله ، فأهوى إليه المقداد فقتله ، فقال له رجل من أصحابه: أقتلت رجلا يشهد أن لا إله إلا الله؟ ، لأذكرن ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم ، فلما قدموا على النبي صلى الله عليه وسلم قالوا: يا رسول الله إن رجلا شهد أن لا إله إلا الله ، فقتله المقداد ، فقال: ادعوا لي المقداد فقال: " يا مقداد أقتلت رجلا قال لا إله إلا الله ، فكيف لك بـ *لا إله إلا الله* غدا!" ، قال: فأنزل الله " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَعِنْدَ اللَّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ كَذَلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُوا إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا " ، فقال: رسول الله صلى الله عليه وسلم للمقداد: "كان رجلا مؤمنا يخفي إيمانه مع قوم كفار ، فأظهر إيمانه فقتلته؟ وكذلك كنت تخفي إيمانك بمكة قبل" . رواه سعيد بن جبير عن ابن عباس .
(*) والثاني: أن رجلا من بني سليم مر على نفر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ومعه غنم ، فسلَّم ، فقالوا: ما سلَّم عليكم إلا ليتعوذ منا ، فعمدوا إليه فقتلوه ، وأخذوا غنمه ، فأتوا بها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فنزلت هذه الآية ، رواه عكرمة ، عن ابن عباس .
(*) والثالث: أن قوما من أهل مكة سمعوا بسرية لرسول الله أنها تريدهم فهربوا ، وأقام رجل منهم كان قد أسلم ، يقال له: مرداس ، وكان على السرية رجل يقال له: غالب بن فضالة ، فلما رأى مرداس الخيل ، كبَّر ، ونزل إليهم ، فسلَّم عليهم ، فقتله أسامة بن زيد ، واستاق غنمه ، ورجعوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبروه ، فوجد رسول الله صلى الله عليه وسلم من ذلك وجدا شديدا ، ونزلت هذه الآية . رواه أبو صالح ، عن ابن عباس . وقال السدي: كان أسامة أمير السرية .
(*) والرابع: أن رسول الله بعث أبا حدرد الأسلمي ، وأبا قتادة ، ومحلم بن جثامة في سرية إلى إضم ، فلقوا عامر بن الأضبط الأشجعي ، فحياهم بتحية الإسلام ، فحمل عليه محلم بن جثامة ، فقتله ، وسلبه بعيرا وسقاء . فلما قدموا على النبي صلى الله عليه وسلم ، أخبروه ، فقال: أقتلته بعد ما قال آمنت؟! ونزلت هذه الآية . رواه ابن أبي حدرد عن أبيه
** ورد عند القرطبي
قوله تعالى:" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَعِنْدَ اللَّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ كَذَلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُوا إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا "
(*) وهذه الآية نزلت في قوم من المسلمين مرُّوا في سفرهم برجل معه جمل وغنيمة يبيعها فسلَّم على القوم وقال : لا إله إلا الله محمد رسول الله ؛ فحمل عليه أحدهم فقتله . فلما ذُكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم شق عليه ونزلت الآية
(*) وأخرج البخاري عن عطاء عن ابن عباس قال : قال ابن عباس : كان رجل في غنيمة له فلحقه المسلمون فقال : السلام عليكم ، فقتلوه وأخذوا غنيمته ؛ فأنزل الله تعالى ذلك إلى قوله : " تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا " تلك الغنيمة ، وحمل رسول الله صلى الله عليه وسلم ديته إلى أهله ورد عليه غنيماته
* واختلف في تعيين القاتل والمقتول في هذه النازلة ، فالذي عليه الأكثر وهو في سِيَر ابن إسحاق ومصنف أبي داود والاستيعاب لابن عبد البر أن القاتل محلم بن جثامة ، والمقتول عامر بن الأضبط فدعا صلى الله عليه وسلم على محلم فما عاش بعد ذلك إلا سبعا ثم دفن فلم تقبله الأرض ثم دفن فلم تقبله ثم دفن ثالثة فلم تقبله ؛ فلما رأوا أن الأرض لا تقبله ألقوه في بعض تلك الشعاب؛ وقال صلى الله عليه وسلم: إن الأرض لتقبل من هو شر منه . قال الحسن: أما إنها تحبس من هو شر منه ولكنه وعظ القوم ألا يعودوا.
(*) وفي سنن ابن ماجه عن عمران بن حصين قال : بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم جيشا من المسلمين إلى المشركين فقاتلوهم قتالا شديدا ، فمنحوهم أكتافهم فحمل رجل من لحمتي على رجل من المشركين بالرمح فلما غشيه قال : أشهد أن لا إله إلا الله ؛ إني مسلم ؛ فطعنه فقتله ؛ فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله ، هلكت ! ، قال : "وما الذي صنعت ؟" مرة أو مرتين ، فأخبره بالذي صنع ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:" فهلا شققت عن بطنه فعلمت ما في قلبه" ، فقال : يا رسول الله لو شققت بطنه أكنت أعلم ما في قلبه ؟
قال : "لا فلا أنت قبلت ما تكلم به ولا أنت تعلم ما في قلبه" ، فسكت عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم
فلم يلبث إلا يسيرا حتى مات فدفناه ، فأصبح على وجه الأرض. فقلنا : لعل عدوا نبشه، فدفناه ثم أمرنا غلماننا يحرسونه فأصبح على ظهر الأرض ، فقلنا : لعل الغلمان نعسوا، فدفناه ثم حرسناه بأنفسنا فأصبح على ظهر الأرض، فألقيناه في بعض تلك الشعاب
(*) وقيل : إن القاتل أسامة بن زيد والمقتول مرداس بن نهيك الغطفاني ثم الفزاري من بني مرة من أهل فدك.
وقال ابن القاسم عن مالك . وقيل : كان مرداس هذا قد أسلم من الليلة وأخبر بذلك أهله ؛ ولما عظم النبي صلى الله عليه وسلم الأمر على أسامة حلف عند ذلك ألا يقاتل رجلا يقول: لا إله إلا الله
* لعل هذه الأحوال جرت في زمان متقارب فنزلت الآية في الجميع
* وقد رُوي أن النبي صلى الله عليه وسلم رد على أهل المسلم الغنم والجمل وحمل ديته على طريق الائتلاف والله أعلم .
ولكن لا خلاف أن الذي لفظته الأرض حين مات هو محلم بن جثامة
قوله تعالى:" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا .."
(*) عن عكرمة ، عن ابن عباس قال : مر رجل من سليم على نفر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه غنم له فسلَّم عليهم، فقالوا: ما سلَّم عليكم إلا ليتعوذ منكم، فقاموا إليه فقتلوه، وأخذوا غنمه، وأتوا بها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأنزل الله تعالى:" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا .."
(*)عن سعيد بن جبير قال : خرج المقداد بن الأسود في سرية ، فمروا برجل في غنيمة له فأرادوا قتله ، فقال: لا إله إلا الله ، فقتله المقداد ، فقيل له : أقتلته وقد قال : لا إله إلا الله ؟ ودَّ لو فرّ بأهله وماله ، فلما قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكروا ذلك له ، فنزلت:" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا "
(*) وقال الحسن : إن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم خرجوا يطوفون، فلقوا المشركين فهزموهم ، فشد منهم رجل فتبعه رجل من المسلمين وأراد متاعه، فلما غشيه بالسنان قال: إني مسلم، إني مسلم ، فكذَّبه ثم أوجره بالسِّنان فقتله وأخذ متاعه وكان قليلا، فرفع ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: " قتلته بعدما زعم أنه مسلم؟" ، فقال : يا رسول الله ، إنما قالها متعوذا ، قال : "فهلا شققت عن قلبه!" ، قال : لم يا رسول الله ؟ ، قال : "لتنظر أصادق هو أم كاذب ؟" ، قال : وكنت أعلم ذلك يا رسول الله ؟ ، قال : "وَيْك إنّك إنْ لم تكن تعلم ذلك ، إنما كان يُبين عنه لِسانه" .. فما لبث القاتل أن مات فدفن ، فأصبح وقد وضع إلى جنب قبره ، قال : ثم عادوا فحفروا له وأمكنوا ودفنوه ، فأصبح وقد وضع إلى جنب قبره مرتين أو ثلاثا ، فلما رأوا أن الأرض لا تقبله ألقوه في بعض تلك الشعاب ، قال : وأنزل الله تعالى هذه الآية
(*) عن القعقاع بن عبد الله بن أبي حدرد، عن أبيه قال: بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في سرية إلى إضم، قبل مخرجه إلى مكة، فمر بنا عامر بن الأضبط الأشجعي، فحيانا تحية الإسلام، فنزعنا عنه، وحمل عليه محلم بن جثامة لشر كان بينه وبينه في الجاهلية، فقتله واستلب بعيرا له ووطاء ومُتَيّعاً كان له ، فأنهينا شأننا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرناه بخبره، فأنزل الله تعالى:" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا " إلى آخر الآية
(*) وقال السدي : بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم أسامة بن زيد على سرية، فلقي مرداس بن نهيك الضمري فقتله، وكان من أهل فدك ولم يُسلم من قومه غيره، وكان يقول: لا إله إلا الله محمد رسول الله ، ويسلم عليهم ، قال أسامة : فلما قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبرته فقال : "قتلت رجلا يقول لا إله إلا الله ؟" ، فقلت : يا رسول الله ، إنما تعوذ من القتل ، فقال : "كيف أنت إذا خاصمك يوم القيامة بلا إله إلا الله" ، قال :فما زال يرددها عليَّ:" أقتلت رجلا يقول : لا إله إلا الله ؟" حتى تمنيت لو أن إسلامي كان يومئذ ، فنزلت :"إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا" الآية
(*) عن أبو ظبيان قال : سمعت أسامة بن زيد بن حارثة يحدث قال: بعثنا النبي صلى الله عليه وسلم إلى الحرقة من جهينة، فصبحنا القوم فهزمناهم ، ولحقت أنا ورجل من الأنصار رجلا منهم، فلما غشيناه قال: لا إله إلا الله ، قال : فكف عنه الأنصاري فطعنته برمحي فقتلته ، فلما قدمنا بلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "يا أسامة، أقتلته بعدما قال: لا إله إلا الله؟" ، قلت : يا رسول الله ، إنما كان متعوذا ، قال : "أقتلته بعدما قال : لا إله إلا الله ؟" ، قال: فما زال يكررها عليَّ حتى تمنيت لو أني لم أكن أسلمت قبل ذلك اليوم .
** ورد عند ابن الجوزي
قوله تعالى: " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَعِنْدَ اللَّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ كَذَلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُوا إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا "
في سبب نزولها أربعة أقوال .
(*) أحدها: أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث سرية فيها المقداد بن الأسود ، فلما أتوا القوم ، وجدوهم قد تفرقوا ، وبقي رجل له مال كثير لم يبرح ، فقال: أشهد أن لا إله إلا الله ، فأهوى إليه المقداد فقتله ، فقال له رجل من أصحابه: أقتلت رجلا يشهد أن لا إله إلا الله؟ ، لأذكرن ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم ، فلما قدموا على النبي صلى الله عليه وسلم قالوا: يا رسول الله إن رجلا شهد أن لا إله إلا الله ، فقتله المقداد ، فقال: ادعوا لي المقداد فقال: " يا مقداد أقتلت رجلا قال لا إله إلا الله ، فكيف لك بـ *لا إله إلا الله* غدا!" ، قال: فأنزل الله " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَعِنْدَ اللَّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ كَذَلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُوا إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا " ، فقال: رسول الله صلى الله عليه وسلم للمقداد: "كان رجلا مؤمنا يخفي إيمانه مع قوم كفار ، فأظهر إيمانه فقتلته؟ وكذلك كنت تخفي إيمانك بمكة قبل" . رواه سعيد بن جبير عن ابن عباس .
(*) والثاني: أن رجلا من بني سليم مر على نفر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ومعه غنم ، فسلَّم ، فقالوا: ما سلَّم عليكم إلا ليتعوذ منا ، فعمدوا إليه فقتلوه ، وأخذوا غنمه ، فأتوا بها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فنزلت هذه الآية ، رواه عكرمة ، عن ابن عباس .
(*) والثالث: أن قوما من أهل مكة سمعوا بسرية لرسول الله أنها تريدهم فهربوا ، وأقام رجل منهم كان قد أسلم ، يقال له: مرداس ، وكان على السرية رجل يقال له: غالب بن فضالة ، فلما رأى مرداس الخيل ، كبَّر ، ونزل إليهم ، فسلَّم عليهم ، فقتله أسامة بن زيد ، واستاق غنمه ، ورجعوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبروه ، فوجد رسول الله صلى الله عليه وسلم من ذلك وجدا شديدا ، ونزلت هذه الآية . رواه أبو صالح ، عن ابن عباس . وقال السدي: كان أسامة أمير السرية .
(*) والرابع: أن رسول الله بعث أبا حدرد الأسلمي ، وأبا قتادة ، ومحلم بن جثامة في سرية إلى إضم ، فلقوا عامر بن الأضبط الأشجعي ، فحياهم بتحية الإسلام ، فحمل عليه محلم بن جثامة ، فقتله ، وسلبه بعيرا وسقاء . فلما قدموا على النبي صلى الله عليه وسلم ، أخبروه ، فقال: أقتلته بعد ما قال آمنت؟! ونزلت هذه الآية . رواه ابن أبي حدرد عن أبيه
** ورد عند القرطبي
قوله تعالى:" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَعِنْدَ اللَّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ كَذَلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُوا إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا "
(*) وهذه الآية نزلت في قوم من المسلمين مرُّوا في سفرهم برجل معه جمل وغنيمة يبيعها فسلَّم على القوم وقال : لا إله إلا الله محمد رسول الله ؛ فحمل عليه أحدهم فقتله . فلما ذُكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم شق عليه ونزلت الآية
(*) وأخرج البخاري عن عطاء عن ابن عباس قال : قال ابن عباس : كان رجل في غنيمة له فلحقه المسلمون فقال : السلام عليكم ، فقتلوه وأخذوا غنيمته ؛ فأنزل الله تعالى ذلك إلى قوله : " تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا " تلك الغنيمة ، وحمل رسول الله صلى الله عليه وسلم ديته إلى أهله ورد عليه غنيماته
* واختلف في تعيين القاتل والمقتول في هذه النازلة ، فالذي عليه الأكثر وهو في سِيَر ابن إسحاق ومصنف أبي داود والاستيعاب لابن عبد البر أن القاتل محلم بن جثامة ، والمقتول عامر بن الأضبط فدعا صلى الله عليه وسلم على محلم فما عاش بعد ذلك إلا سبعا ثم دفن فلم تقبله الأرض ثم دفن فلم تقبله ثم دفن ثالثة فلم تقبله ؛ فلما رأوا أن الأرض لا تقبله ألقوه في بعض تلك الشعاب؛ وقال صلى الله عليه وسلم: إن الأرض لتقبل من هو شر منه . قال الحسن: أما إنها تحبس من هو شر منه ولكنه وعظ القوم ألا يعودوا.
(*) وفي سنن ابن ماجه عن عمران بن حصين قال : بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم جيشا من المسلمين إلى المشركين فقاتلوهم قتالا شديدا ، فمنحوهم أكتافهم فحمل رجل من لحمتي على رجل من المشركين بالرمح فلما غشيه قال : أشهد أن لا إله إلا الله ؛ إني مسلم ؛ فطعنه فقتله ؛ فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله ، هلكت ! ، قال : "وما الذي صنعت ؟" مرة أو مرتين ، فأخبره بالذي صنع ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:" فهلا شققت عن بطنه فعلمت ما في قلبه" ، فقال : يا رسول الله لو شققت بطنه أكنت أعلم ما في قلبه ؟
قال : "لا فلا أنت قبلت ما تكلم به ولا أنت تعلم ما في قلبه" ، فسكت عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم
فلم يلبث إلا يسيرا حتى مات فدفناه ، فأصبح على وجه الأرض. فقلنا : لعل عدوا نبشه، فدفناه ثم أمرنا غلماننا يحرسونه فأصبح على ظهر الأرض ، فقلنا : لعل الغلمان نعسوا، فدفناه ثم حرسناه بأنفسنا فأصبح على ظهر الأرض، فألقيناه في بعض تلك الشعاب
(*) وقيل : إن القاتل أسامة بن زيد والمقتول مرداس بن نهيك الغطفاني ثم الفزاري من بني مرة من أهل فدك.
وقال ابن القاسم عن مالك . وقيل : كان مرداس هذا قد أسلم من الليلة وأخبر بذلك أهله ؛ ولما عظم النبي صلى الله عليه وسلم الأمر على أسامة حلف عند ذلك ألا يقاتل رجلا يقول: لا إله إلا الله
* لعل هذه الأحوال جرت في زمان متقارب فنزلت الآية في الجميع
* وقد رُوي أن النبي صلى الله عليه وسلم رد على أهل المسلم الغنم والجمل وحمل ديته على طريق الائتلاف والله أعلم .
ولكن لا خلاف أن الذي لفظته الأرض حين مات هو محلم بن جثامة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق