<title>الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجَا ، قَيِّماً لِيُنْذِرَ بَأْساً شَدِيداً مِنْ لَدُنْهُ وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً حَسَناً ...سورة الكهف ~ أسباب نزول آيات القرآن

السبت، 14 مارس 2020

الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجَا ، قَيِّماً لِيُنْذِرَ بَأْساً شَدِيداً مِنْ لَدُنْهُ وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً حَسَناً ...سورة الكهف

** ورد عند القرطبى
قوله تعالى:" الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجَا ، قَيِّماً لِيُنْذِرَ بَأْساً شَدِيداً مِنْ لَدُنْهُ وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً حَسَناً "
(*) ذكر ابن إسحاق أن قريشا بعثوا النضر بن الحارث وعقبة بن أبي معيط إلى أحبار يهود وقالوا لهما : سلاهم عن محمد وصفا لهم صفته وأخبراهم بقوله ؛ فإنهم أهل الكتاب الأول ، وعندهم علم ليس عندنا من علم أنبياء ؛ فخرجا حتى قدما المدينة ، فسألا أحبار يهود عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ووصفا لهم أمره ، وأخبراهم ببعض قوله ، وقالا لهم : إنكم أهل التوراة وقد جئناكم لتخبرونا عن صاحبنا هذا ، فقالت لهما أحبار يهود : سلوه عن ثلاث نأمركم بهن ، فإن أخبركم بهن فهو نبي مرسل ، وإن لم يفعل فالرجل متقول ، فروا فيه رأيكم ؛ سلوه عن فتية ذهبوا في الدهر الأول ، ما كان أمرهم ؛ فإنه قد كان لهم حديث عجب. سلوه عن رجل طوَّاف قد بلغ مشارق الأرض ومغاربها ، ما كان نبؤه ، وسلوه عن الروح ، ما هي ؛ فإذا أخبركم بذلك فاتبعوه فإنه نبي ، وإن لم يفعل فهو رجل متقول فاصنعوا في أمره ما بدا لكم ، فأقبل النضر بن الحارث وعقبة بن أبي معيط قدما مكة على قريش فقالا : يا معشر قريش ، قد جئناكم بفصل ما بينكم وبين محمد  صلى الله عليه وسلم قد أمرنا أحبار يهود أن نسأله عن أشياء أمرونا بها ، فإن أخبركم عنها فهو نبي ، وإن لم يفعل فالرجل متقول ، فروا فيه رأيكم ، فجاؤوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا : يا محمد ، أخبرنا عن فتية ذهبوا في الدهر الأول ، قد كانت لهم قصة عجب ، وعن رجل كان طوَّافا قد بلغ مشارق الأرض ومغاربها ، وأخبرنا عن الروح ما هي ؟ قال فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أخبركم بما سألتم عنه غدا " ولم يستثن ، فانصرفوا عنه ، فمكث رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما يزعمون خمس عشرة ليلة ، لا يحدث الله إليه في ذلك وحيا ولا يأتيه جبريل ، حتى أرجف أهل مكة وقالوا : وعَدَنا محمد غدا ، واليوم خمس عشرة ليلة ، وقد أصبحنا منها لا يخبرنا بشيء مما سألناه عنه ؛ وحتى أحزن رسول الله صلى الله عليه وسلم مكث الوحي عنه ، وشق عليه ما يتكلم به أهل مكة ، ثم جاءه جبريل عليه السلام من عند الله عز وجل بسورة أصحاب الكهف فيها معاتبته إياه على حزنه عليهم ، وخبر ما سألوه عنه من أمر الفتية ، والرجل الطوّاف والروح . 
فافتتح السورة تبارك وتعالى بحمده ، وذكر نبوة رسوله صلى الله عليه وسلم لما أنكروا عليه من ذلك فقال : " الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ " يعني محمدا ، إنك رسول مني ، أي تحقيق لما سألوا عنه من نبوتك. " وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجَا قَيِّماً " أي معتدلا لا اختلاف فيه. " لِيُنْذِرَ بَأْساً شَدِيداً مِنْ لَدُنْهُ" أي عاجل عقوبته في الدنيا ، وعذابا أليما في الآخرة ، أي من عند ربك الذي بعثك رسولا ،" وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً حَسَناً مَاكِثِينَ فِيهِ أَبَداً " أي دار الخلد لا يموتون فيها ، الذين صدقوك بما جئت به مما كذبك به غيرهم ، وعملوا بما أمرتهم به من الأعمال
** ورد في تفسير الطبري
قوله تعالى:" الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجَا ، قَيِّماً لِيُنْذِرَ بَأْساً شَدِيداً مِنْ لَدُنْهُ وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً حَسَناً "
(*) عن يونس بن بكير ، عن محمد بن إسحاق ، قال : ثني شيخ من أهل مصر ، قدم منذ بضع وأربعين سنة ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، فيما يروي أبو جعفر الطبري قال : بعثت قريش النضر بن الحارث ، وعقبة بن أبي معيط إلى أحبار يهود بالمدينة ، فقالوا لهم : سلوهم عن محمد ، وصفوا لهم صفته ، وأخبروهم بقوله ، فإنهم أهل الكتاب الأول ، وعندهم علم ما ليس عندنا من علم الأنبياء ، فخرجا حتى قدما المدينة ، فسألوا أحبار يهود عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ووصفوا لهم أمره وبعض قوله ، وقالا إنكم أهل التوراة ، وقد جئناكم لتخبرونا عن صاحبنا هذا ، قال : فقالت لهم أحبار يهود : سلوه عن ثلاث نأمركم بهن ، فإن أخبركم بهن فهو نبي مرسل ، وإن لم يفعل فالرجل متقول ، فرأوا فيه رأيكم : سلوه عن فتية ذهبوا في الدهر الأول ، ما كان من أمرهم فإنه قد كان لهم حديث عجيب . وسلوه عن رجل طوَّاف ، بلغ مشارق الأرض ومغاربها ، ما كان نبؤه؟ وسلوه عن الروح ما هو؟ فإن أخبركم بذلك ، فإنه نبي فاتبعوه ، وإن هو لم يخبركم ، فهو رجل متقول ، فاصنعوا في أمره ما بدا لكم . فأقبل النضر وعقبة حتى قدما مكة على قريش ، فقالا يا معشر قريش : قد جئناكم بفصل ما بينكم وبين محمد ، قد أمرنا أحبار يهود أن نسأله ، عن أمور ، فأخبروهم بها ، فجاءوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقالوا : يا محمد أخبرنا ، فسألوه عما أمروهم به ، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم : أخبركم غدا بما سألتم عنه ، ولم يستثن فانصرفوا عنه ، فمكث رسول الله صلى الله عليه وسلم خمس عشرة ليلة ، لا يحدث الله إليه في ذلك وحيا ، ولا يأتيه جبرائيل عليه السلام ، حتى أرجف أهل مكة وقالوا : وعدنا محمد غدا ، واليوم خمس عشرة قد أصبحنا فيها لا يخبرنا بشيء مما سألناه عنه ، وحتى أحزن رسول الله صلى الله عليه وسلم مكث الوحي عنه ، وشق عليه ما يتكلم به أهل مكة ، ثم جاءه جبرائيل عليه السلام ، من الله عز وجل ، بسورة أصحاب الكهف ، فيها معاتبته إياه على حزنه عليهم وخبر ما سألوه عنه من أمر الفتية والرجل الطواف ، وقول الله عز وجل " وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا " قال ابن إسحاق : فبلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم افتتح السورة فقال " الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ " يعني محمدا إنك رسولي في تحقيق ما سألوا عنه من نبوته " وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجَا ، قَيِّماً ": أي معتدلا لا اختلاف فيه .
** ورد في تفسير ابن عطية
قوله تعالى:" الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجَا ، قَيِّماً لِيُنْذِرَ بَأْساً شَدِيداً مِنْ لَدُنْهُ وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً حَسَناً "
(*) سبب هذه البداءة في هذه السورة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما سألته قريش عن المسائل الثلاث: الروح والكهف وذي القرنين (حسبما أمرتهم بهن يهود) قال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: "غدا أخبركم بجواب سؤالكم"، ولم يقل: "إن شاء الله"، فعاتبه الله تعالى بأن أمسك عنه الوحي خمسة عشر يوما، فأرجف به كفار قريش ، وقالوا: إن محمدا قد تركه رئيه الذي كان يأتيه من الجن، وقال بعضهم: قد عجز عن أكاذيبه، إلى غير ذلك، فشق ذلك على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبلغ منه، فلما أن قضي الأمر الذي أراد الله تعالى عتاب محمد صلى الله عليه وسلم - عليه ، جاء الوحي من الله تعالى بجواب الأسئلة وغير ذلك، فافتتح الوحي بـ" الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ " ، أي: بزعمكم أنتم يا قريش، كما تقول لرجل يحب مساءتك فلا يرى إلا نعمتك: الحمد لله الذي أنعم علي وفعل بي كذا، على جهة النعمة عليه. و"الْكِتَابَ" هو القرآن.

هناك تعليقان (2):

  1. الله ينور قلوبكم ويشرح صدوركم وتكونوا من المقربين

    ردحذف
    الردود
    1. وإياكم إن شاء الله أخي الكريم
      أشكر لكم المرور الطيب

      حذف